إلقاء الخطابات والكلمات أمام الجمهور قصة فكر فيها كل منا ذات يوم.. ربما خلال تقديم واجب مدرسي أمام القسم بطلب من المعلم، أو خلال حفل التخرج النهائي في السنة الدراسية أو عند مناسبة كبرى بحضور دبلوماسي على مستوى عال جدا.

لنبتعد عن إطار الكلمة والخطاب، ونركز تحديدا على فكرة التواجد أمام الجمهور، هذه الفكرة التي تستطيع أن تُرعب الكثير منا والتي يحاول عدد كبير من الناس إيجاد حل لها.

كنت أشاهد قبل أيام على متن الطائرة فيلم Maid in Manhattan حيث كان ينصح عضو الكونغريس الأمريكي طفلا صغيرا أن يمسك لعبة في يده بقوة عندما يريد أن يلقي كلمة امام الجمهور، وذلك لمقاومة رهبة الأداء.

لكل منا قصته وتجربته الخاصة وأهم شيء هو أن نستفيد من تجاربنا المختلفة لبناء وجهة نظر جديدة ومستقبلا زاهرا.

في هذه الايام، هناك العديد من الأفكار السلمية التي نرغب في أن نعبر عنها. القابلية التلقائية هي من إحدى اهم المجالات التي يجب العمل عليها كي يتم الاستماع لصوتنا ورسالتنا.

سمعت كثيرا أن الحل يكون ربما بأن ننظر الى آخر القاعة كي نبتعد عن أنظار الجمهور ونتجنب الخوف والارتباك.

كانت لدي الفرصة منذ سن مبكرة جدا أن ألقي العديد من الخطابات والكلمات ولم يكن “حل النظر الى آخر القاعة” هو الذي ساعدني حتى وأنه إن كان ساعد أناسا آخرين.

الإشكالية عندما نتحدث أمام الجمهور فإننا نتوقع وكأننا في “مهمة” لنظهر أن كلمتنا ناجحة وننسى حتى سبب وجودنا على المنصة.

منذ البداية ومنذ كان عمري أربع سنوات ربطتني علاقة استثنائية وشخصية مع الجمهور، حدثتكم عنها سابقا، حيث إنني لم أكن متواجدا أمامه لأجل قراءة أسطر أو لتلاوة قصيدة حفظتها، كنت أمامه لاستمع لقصته، لأتعلم من تجاربه، لأشارك معه المراحل التي عبرت خلالها.

لم أكن أعتبر أنني مع الجمهور لأجل فترة قصيرة أو فترة معينة، بل أنني معه كل الوقت اللازم كي أقوم بخطوة جديدة لأن الجمهور هو الذي سيساعدني على تخطي كل الخطوات الصعبة والقادمة.

الكثير بيننا يتوقع أن الجمهور سيقيمه على أدائه وعلى تلقائيته، وفي الحقيقة، العلاقة التي يتم بناءها خلال الخطاب هي علاقة متكاملة وليست فردية.

أتذكر إلى يومنا هذا، الكلمة التي ألقيتها قبل بداية الاغلاق بسبب وباء فيروس كورونا “كوفيد 19″، بدعوة من معالي الوزير الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني، وزير الاعلام في سلطنة عمان الشقيقة، كانت آخر كلمة ألقيها قبل منع التجمعات والتظاهرات أمام عدد كبير من الجمهور.

استمتعت بكل لحظة منها وإن لم أكن فعلت ذلك لكنت ندمت على كل لحظة ضيعتها. علاقتي مع الجمهور خير العلاقات لأنني أحتاج إليهم لبناء افكاري ومشاريعي وخطواتي ولكي نسجل سويا أقوى رسالة لبث السلام والتسامح.

إذاً رسالتي هذا الأسبوع: استفيدوا من علاقتكم مع الجمهور لأنها فرصة استثنائية من المحزن التفريط بها، قد يكون جمهوركم زملائكم في القسم، عائلتكم، أصدقائكم؛ على كل، استمتعوا بالحياة لأنها لا تتكرر.