لم يسلم عمر ولا علي من الإرهاب..

شهيدا ساحة الطيران كان اسمهما عمر وعلي، أراد والدهما من هذه التسمية أن يقول لا للطائفية وأن ولديه “عمر وعلي” قطعتان من جسده، لكن يد الإرهاب لم تفرق بينهما. ولعل هذه الرسالة تصل إلى من تراشقوا سهام الاتهامات بينهم، نسوا الشهداء ودماءهم التي لم تبرد وتغاضوا عن موت شباب كانوا في ساحة يتجولون بحثاً عن لقمة عيش وعن قوت يومهم وقوت اسرتهم، فمنهم من كان يبيع الشاي ليعيل عائلته ومنهم من يبيع “العلكة” واخر يبع الملابس المستعلمة وبسطات هنا وهناك ينادي اصحابها “بربع “.

علي عامر شهيد آخر في انفجار ساحة الطيران وهو ابن قلعة السكر في الناصرية، قال والده إن “هم ابنه الشهيد كان تأمين إيجار بيتٍ لأهله، لذلك ترك الناصرية وذهب إلى بغداد بحثا عن فرصة عمل، كان يتجول في ساحة الطيران صباحا حاملا ترمس الشاي والبسمة مرسومة على وجهه على الرغم من أن الحياة سلبت ملامح شبابه”.. علي لم يكن يعرف أن هذا هو يومه الاخير وأنه لم يستطع تأمين ايجار بيت لأسرته.

أما الصورة التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي وظهرت فيها إحدى النساء ممسكة بنعش من خلال شباك السيارة التي تقله، فقصتها ابكت البعيد والقريب.

هي أخت تتفاخر بأشقائها، هي ابنة “صبري الحسناوي” التي ذبحتها نخوة اخوتها، إنها شقيقة الشهيد الشاب “هاني صبري عبيد الحسناوي” الذي انتخى لاسعاف أصحابه في الانفجار الاول لساحة الطيران ولم يكن يعلم أن هناك إرهابيا آخر يدعي أنه مصاب ويرتدي حزاماً ناسفاً، ليزهق روح هاني ذي الثلاثين عاما.

إنها شقيقة “علي صبري الحسناوي” الذي انتخى في عام ٢٠٠٧ لاسعاف اصحابه في منطقة الباب الشرقي عندما فجر انتحاري نفسه ولم يعلم ان هناك إرهابياً آخر يترصد بالمسعفين ليفجر سيارة مفخخةً عن بعد، فأزهق روح شقيقها علي.

إنها شقيقة عباس صبري عبيد الذي انتخى لاصحابه عام ٢٠٠٥ لانقاذهم من كمين عند اطراف بغداد فوقع ضحية هذا الكمين

إنها شقيقة الشهداء الـ 3 “هاني وعلي وعباس”, كيف ستداوي هذه العراقية كل هذه الجرhح؟ وكيف ستنسى اخوة راحوا ضحية الإرهاب اللعين الذي يعصف بالعراق.

 

لم يسلم عمر ولا علي من الإرهاب

شقيقة الشهداء الـ 3 “هاني وعلي وعباس”

هذه المآسي وغيرها لم تهز مشاعر الطائفيين، بل تكالبوا ليوجهوا الاتهامات متناسين كم عائلة نُكبت وبقيت من دون معيل،، من كلا الطائفتين.

هؤلاء الشباب الذين سقطوا ضحية التفجير هم ذاتهم الذين خرجوا يتظاهرون في بغداد والناصرية والبصرة بحثا عن حياة افضل.

تفجير ساحة الطيران كشف الضعف الأمني في البلاد، الذي استغلته الاحزاب والكتل السياسية لتسوق لنفسها للإنتخابات القادمة وكل حزب اصبح لديه خطة جاهزة لحفظ امن بغداد وابنائها، لكن السؤال اين كنتم قبل 18 عاماً؟

بالتزامن مع هذه التفجيرات حذرت عمليات بغداد من عمليات انتحارية أخرى وفقا لتقارير استخباراتية، إذاً هل التحذير يعني أنها رسالة للشعب العراقي بمعنى ترقبوا عودة التفجيرات؟

وثمة من يحذر من عودة الأحزمة الناسفة والاغتيالات، إذ قال محللون إن المشهد الأمني في البلاد ينذر بسوء، فيما ترفض جهات أخرى هذا الوصف وتعتبره تهويلاً وأنه مرتبط بمحاولات الضغط على حكومة الكاظمي لافشال تجربته.

رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أجرى تعديلات شملت تغيير قيادات أمنية واقالات في محاولة منه لامتصاص غضب الشارع العراقي، لكن الأحزاب والكتل السياسية استغلت ما حدث فالانتخابات على الابواب و “التسقيط” هو أبرز ورقة يلعب بها السياسيون ضد بعضهم البعض. وأتساءل هنا لماذا قبل كل دورة انتخابية تحدث انفجارات وسط بغداد تستهدف شريحة معينة؟

لا نستطيع أن ننكرأن جيوب تنظيم داعش لا تزال نشطة في العراق وتشن بين حين وآخر هجمات على مقرات أمنية واخرى تابعة للحشد الشعبي اخرها هجوم أدى إلى مقتل نحو 11 عنصرا من الحشد. ومع وجود هذه الجيوب هناك من يربط قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق وعودة خلايا التنظيم مجددا، وهذا ما لمح إليه وزير خارجية العراق فؤاد حسين قبل أيام مشيرا إلى أن بلاده تحتاج إلي تدخل خارجي.

أسئلة وتحديات كبيرة تدور قبيل الانتخابات خصوصاً مع وجود شباب نهضوا في ثورة شبابية يبحثون عن حياة أفضل من التي صنعها لهم السياسيون الذين جاؤوا بعد عام 2003، فكيف ستواجه حكومة الكاظمي هذه التحديات وما هو دور شباب تشرين في الانتخابات القادمة؟

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن