أخبار الآن | عمان – الأردن

يعيش الفلسطينيون في مخيمات لبنان حالة من القلق بسبب انتشار فيروس كورونا الذي بدأت أولى إصاباته في لبنان في الحادي والعشرين من فبراير الماضي.

ومع أنه لم تظهر بعد أي حالة كورونا في المخيمات إلا أن الأحوال الصحية وإمكانيات الوقاية فيها ضعيفة للغاية مما يجعل المخيمات تشكل قنبلة موقوتة قد تتسبب بوقوع كارثة في حال تفشى المرض في إحداها.

وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تعتني بالمخيمات وسكانها في الشرق الأوسط قالت إنها ستوفر أجهزة فحص تساعدها على كشف الحالات.

كذلك أعلن وزير الصحة اللبناني أن وزارته ستتعاون مع الوكالة في هذا المجال.

وهذه تطمينات قد تهدىء من روع الفلسطينيين في المخيمات لكن الواقع قد يكون مختلفا عن الوعود والأمنيات لان المخيمات الفلسطينية في لبنان خارج تغطية أجهزة وزارة الصحة اللبنانية.

وبينما أعلنت وكالة الغوث حالة الطوارئ في أجهزتها الصحية ومراكزها العلاجية في المخيمات فقد عززت أيضا إجراءات الحماية بإقامة مراكز عزل في المخيمات نفسها لمعالجة أي مصابين بالفايروس.

وقد صاحب ذلك دعوات للسكان بالتزام التنبه واليقظة لاي أعراض مرضية قد تصيبهم ودعتهم للمحافظة على الحجر المنزلي.

وبينما تعيش المخيمات ما يشبه حظر التجول الطوعي يقوم مسلحون من الفصائل الفلسطينية بضبط الالتزام بالحجر لكن الاستجابة ضعيفة. أما في الخارج فالجيش اللبناني يواصل محاصرة المخيمات ويمنع الدخول إليها أو الخروج منها.

قد يحاول سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان حماية أنفسهم على قدر ما يستطيعون لكن التباعد الاجتماعي المطلوب في بالنسبة لهم يعد ترفيها لا يقدرون عليه. متاعب الحياة اليومية بالنسبة لهم قاسية وصعبة والأغلبية العظمى منهم يعتمدون على أعمال يومية لتحصيل قوت عائلاتهم.

وبرغم معاناتهم اليومية من حيث نقص الغذاء والدواء وسوء المعيشة جاء فيروس كورونا ليطبق عليهم القسوة من كل جانب.

ما يزيد من تفاقم أوضاع الفلسطينيين في المخيمات بعض التصريحات التي أطلقها زعماء لبنانيون داعين إلى مزيد من القيود عليها وعلى المخيمات السورية.

فقد تحدثوا بصورة سلبية متهمين المخيمات بانها تشكل بؤرا لانتشار الوباء وبالتالي تشكل تهديدا صحيا جديا. وقد اعتبرت مثل تلك التصريحات بانها عنصرية.

وزاد من قسوتها أن مسؤولين رسميين شاركوا هؤلاء الزعماء أراءهم.

يتحدث بعض الزعماء بطريقة عنصرية وكأن سكان المخيمات هم من نقلوا المرض إلى لبنان مع أن الذي نقل الفايروس إلى لبنان أشخاص قدموا من إيطاليا ويعملون في مكان قريب من معقل أحد الزعماء الذين أطلقوا تلك التعليقات العنصرية.

لأجل أن لا تصبح المخيمات بؤرا لتفشي الفايروس فإنها بحاجة إلى عناية طبية تتمثل في أجهزة فحص ومعدات تنفس اصطناعي وعلاجات لا تتوفر حاليا بكميات كافية في لبنان.

فلا يوجد في لبنان سوى مستشفى مجاني واحد فقط تم تخصيصه للعزل الصحي للمصابين.

أما إذا طلب من الفلسطينيين في المخيمات أن يدفعوا تكاليف علاجهم فهذه ستكون من أكبر المصائب عليهم لأنهم بالفعل لا يملكون شيئا، حتى لوازم التعقيم العادية لا يستطيعون شراءها.

تزيد وطأة المرض على لبنان الأزمة المالية والاقتصادية التي يعاني منها بديون تفوق مئة وسبعين في المئة من الناتج القومي والسلطة السياسية فيه تعيش أضعف حالاتها والحكومة ما زالت جديدة لم ترسخ أقدامها بعد وهذا كله يعيق إدارة الأزمة.

وقد طلب الرئيس اللبناني من دول العالم مساعدته على تحمل تكاليف معالجة اللاجئين السوريين والفلسطينيين في بلاده لكن الاستجابة لمطالبة تبدو بعيدة أو على الأقل لن تكون في مستوى ما يطمح إليه فالعالم كله مشغول وكل دولة يهمها شعبها بالدرجة الأولى.

تفتحت العيون على المخيمات الفلسطينية في لبنان حيث المخاوف من العدوى كبيرة لو وصل إليها الفايروس. فأعداد المصابين في لبنان ما زالت في حدود 700 حالة وتحت السيطرة.

لم تسجل بعد أي حالة كورونا في المخيمات الفلسطينية أما المصابين الخمسة من سكانها فقد نقلت إليهم العدوى وهم خارج المخيمات وبقوا في الخارج.

لكن يمكن للفايروس أن يصل وينتشر في المخيمات بسرعة جنونية وقد يصعب حينها السيطرة على انتشاره نظرا لتلاصق البيوت وعدم وجود مسافات تهوية كافية بينها وعند ذلك سيكون الأمر كارثيا.

فالمخيمات سواء الفلسطينية منها أو السورية في لبنان ستشكل قنبلة موقوتة وانفجارها سيحدث دمارا يصعب تداركه أو احتواء تداعياته.

ماذا يعني أن يتفشى كورونا في المخيمات؟ فالمرض لا حدود له وهو يزحف ببطء على لبنان فمن يضمن أن لا يدخل الفايروس إلى المخيمات؟ سلامة المخيمات تعتمد بالدرجة الأولى على الإجراءات الوقائية وسرعة التصرف في الوقت المناسب.

إذا وقعت الكارثة فالعدد المقدر للمصابين في المخيمات سيكون هائلا.

حال اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات قطاع غزة لا يقل بؤسا عن حالهم في مخيمات لبنان.

احتمال انتشار المرض وتفشيه في مخيمات غزة يشكل كابوسا يتمنى الجميع أن لا يحدث.

مليون وثلاثمئة ألف فلسطيني في مخيمات القطاع يعيشون في كثافة سكانية هي الأعلى في العالم وهذا ما يجعل التباعد الاجتماعي وهو أولى خطوات الوقاية من عدوى كورونا أمرا شيه مستحيل. أما مستشفيات القطاع فإنها غير جاهزة تماما لاستقبال حالات كثيرة في حال وقوعها.

اللاجئون الفلسطينيون واللاجئون بصورة عامة وعددهم يفوق السبعين مليون لاجئ على مستوى العالم هم الآن الحلقة الأضعف أمام فيروس كورونا.

مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان كما هي كل مخيمات اللاجئين في العالم ليست أماكن مثالية للعيش، فالازدحام وسوء الخدمات وقلة الإمكانيات وعدم توفر وسائل النظافة وانعدام المساحات الخضراء وندرة المياه النظيفة كلها عوامل تجعل من سكان المخيمات ضحايا محتملين للوباء.

ولذلك تحبس السلطات في الدول المضيفة وكذلك المؤسسات الإنسانية التي تعتني باللاجئين أنفاسها تدعو أن تعبر عاصفة الوباء عن المخيمات بسلام فإنها لن تتحمل نكبة جديدة.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس موقف وموقع أخبار الآن

 

مقالات أخرى للكاتب:

هل كان تقصيرا متعمدا لجعل الوباء عالميا؟

كورونا ينتشر وكذلك نظرية المؤامرة