أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (سونيا العلي)

 

يخرج "حسام" مع أخيه "محمد" منذ الصباح الباكر إلى مكبّات القمامة وأنقاض المنازل المتهدمة لجمع المواد البلاستيكية والمعدنية، فهما يبيعان ما يجمعانه لمندوب معمل "تدوير النفايات" ويستطيعان من مردود هذا العمل أن يحصلا على بعض المال الذي يساعد أسرتهما على تأمين احتياجاتها وسد النفقات اليومية.

"معمل تدوير النفايات" افتتح في الريف الشمالي من محافظة إدلب، والهدف منه إعادة تكرير النفايات لتخليص البيئة منها، وتأمين مواد أولية لمعامل الصناعات البلاستيكية والمعدنية كما يوفر هذا المعمل فرص عمل لعدد كبير من العمال، إضافة إلى إتاحة الفرصة أمام الناس لبيع ما لديهم من أدوات غير صالحة للاستعمال والاستفادة من ثمنها بدلاً من رميها.

آلية العمل

يحدثنا السيد "معن حاج بكري" محاسب المعمل، بقوله: "هذا المشروع يعتبر صديقاً للبيئة لأنه يخلصها من النفايات الصلبة التي تشكل عبئاً عليها لأنها لا تتحلل مع الزمن بسهولة بل تحتاج إلى وقت طويل، وينتج المعمل حوالي 150 طن شهرياً من النفايات الجاهزة لإعادة التكرير، فبعد شراء المواد يقوم العمال بتجميعها في ساحة كبيرة لتبدأ عملية الفرز حيث يتم فرز المواد البلاستيكية عن المواد المعدنية كل على حدة، ثم تبدأ عملية فرز المواد البلاستيكية حسب اللون، ثم يقوم العمال بتقطيع المواد الكبيرة إلى قطع متوسطة الحجم باستخدام منشار آلي، ثم تبدأ عملية الجرش التي تحول المواد إلى قطع ناعمة جداً، ثم تعبأ الحبيبات الناتجة عن الجرش في أكياس كبيرة لتصبح جاهزة كمواد أولية يتم تسويقها إلى المعامل والمصانع".

تأمين مواد أولية للمعامل

"أحمد السعيد" هو صاحب أحد معامل الصناعات البلاستيكية، يحدثنا عن مدى الفائدة من تدوير النفايات قائلاً: "تعاني الصناعات البلاستيكية في الآونة الأخيرة من تحديات كثيرة نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة والقيود المفروضة على النقل والتسويق وندرة المواد الأولية للمعامل، حيث كان يتم استيرادها من الصين ولكنها انقطعت منذ عدة سنوات، إضافة إلى ضعف القدرة الشرائية لغالبية الأهالي مما أدى إلى توقف عدد كبير من المعامل عن العمل من جهة وتشتت السوق وانتشار السلع الباهظة التكلفة والرديئة الجودة من جهة ثانية، ولكن بعد افتتاح معمل تدوير النفايات في ريف إدلب وجدنا فيه مورداً لتزويدنا بالمواد الأولية وبأسعار مناسبة جداً مما جعل أسعار منتجاتنا مناسبة أيضاً وفي متناول المواطنين، كما أن معظم معامل إدلب و حلب تعتمد على منتجات هذا المعمل بشكل أساسي".

فوائد المشروع

"عبد الرحيم المسعود" هو مندوب المعمل لشراء النفايات الصالحة لإعادة التكرير يقول: "أجوب قرى وبلدات ريف إدلب مع عدد من المندوبين ونشتري المواد البلاستيكية والمعدنية من عامة الناس وتكون وجهتي بعد ذلك إلى المعمل الذي أصبح وجهة لأغلب بائعي الخردة في المنطقة".

كما يوفر المعمل فرص عمل لأكثر من سبعين أسرة في محافظة إدلب ويصل متوسط دخل العامل فيه إلى  1500 ليرة سورية يومياً.

"أبو أسعد" رب أسرة كبيرة، وقد كان عاطلاً عن العمل ويعيش حالة صعبة، لكنه وجد في هذه المنشأة عملاً مناسباً يؤمن له مصدراً للرزق والعيش الكريم وهو يعمل بكل جد ونشاط لحماية أفراد عائلته من الفقر والعوز .

هذا الشعب الذي اتخذ من الموت شعاراً أمام الذل والهوان سيبقى يبحث عن بدائل لاستمرار شعلة الحياة، فهو لا يعرف اليأس ولن تثنيه مآسي الحرب عن البحث عن مصادر للرزق في سبيل العيش بكرامة.