منها حرب غزة.. الصور الدموية تُسبب فقدان التأثر وتمنع التعاطف مع الضحايا وسط اعتياد رؤيتها

  • التعرض للصور القاسية التي تنشرها بعض المواقع الإخبارية قد يؤدي إلى اضطرابات ما بعد الصدمة
  • المسئولون في غزة يستخدمون برنامج “إكسيل” في تسجيل أسماء القتلى

مع دخول حرب غزة شهرها الثالث، بات من المعتاد أن نستيقظ على الكثير من الصور واللقطات والمقاطع الدموية التي ترصد قتلى وضحايا الحرب، وهذا ليس فقط في الحرب المُستمرة منذ هجوم حماس في الـ 7 من أكتوبر، ولكن أيضًا بسبب الأحداث الدامية، كالغزو الروسي لأوكرانيا، والحرب الدائرة في السودان.

وإلى ذلك، رصدت تقارير الكثير من التأثيرات النفسية السلبية التي ربما تُصيب البعض ممن يتعرضون لمثل هذه المشاهد الصعبة.

الآثار النفسية

وبحسب موقع “Verywellmind“، هناك الكثير من الأعراض النفسية التي قد تظهر على من يرون بعض الصور الصادمة والدموية خلال الحروب، حيث كشفت أبحاث علمية، أن مشاهدة الدماء،  يمكن أن تكون لها تأثيرات نفسية وعاطفية مختلفة على الناس.

وسط حرب غزة.. لماذا تتجنب بعض المواقع الإخبارية نشر الصور الدموية؟

ومن بين تلك التأثيرات، فقدان القدرة على التأثّر، إذ أن اعتياد الشخص على مشاهد المحتوى العنيف، قد يؤدي إلى عدم تحسسه مقارنة بالسابق، ومن ثم تتراجع دوافع الشخص العاطفية للتحرك تجاه موقف مُعين يتضمن أحداثًا قاسية.

أيضًا تُسبب تلك المشاهد، القلق والخوف، وقد تصيب البعض بالكوابيس والإزعاج.

كما أن التعرض للصور القاسية التي تنشرها بعض المواقع الإخبارية، قد يؤدي إلى اضطرابات ما بعد الصدمة، أو التسبب في استرجاع ذكريات مؤلمة من الماضي، وهو ما قد يدفع بعض المواقع لتجنب عرض مثل هذا المحتوى تمامًا.

وسط حرب غزة.. لماذا تتجنب بعض المواقع الإخبارية نشر الصور الدموية؟

السلوك العدواني

وتربط بعض الدراسات بشكل مباشر، بين التعرض للمحتوى العنيف، كمشاهدة مقاطع الفيديو المليئة بالدماء، وبين زيادة السلوكيات العدوانية.

وربما يُسبب التعرض الزائد للمحتوى الدموي في انخفاض الشعور بالتعاطف تجاه الآخرين، إذ يُصبح المتلقي غير حسّاس تجاه معاناة الأفراد، مما يفقده القدرة على التفاعل، وذلك بسبب الاعتياد وتكرار ما يراه.

آلية جمع حصيلة القتلى في حرب غزة

ومع بداية حرب غزة – وتحديدًا خلال الأسابيع الـ 6 الأولى – وسقوط القتلى والجرحى، بدأت المستشفيات في أنحاء القطاع الذي يتعرض لغارات إسرائيلية منذ 7 أكتوبر، في إرسال الأرقام إلى مركز الإحصاء الرئيسي التابع لوزارة الصحة التي تُديرها حركة حماس.

وقد استخدم المسؤولون برنامج “إكسيل” في تسجيل أسماء القتلى وأعمارهم وأرقام بطاقات هوياتهم.

وسط حرب غزة.. لماذا تتجنب بعض المواقع الإخبارية نشر الصور الدموية؟

وقال هاميت داردوغان، مؤسس ومدير مشروع ضحايا حرب العراق الذي أنشئ أثناء الغزو الأمريكي للعراق: “ذاك النوع من تسجيل الضحايا المطلوب لفهم ما يجري أصبح أكثر صعوبة، فالبنية التحتية للمعلومات والأنظمة الصحية تتعرض لتدمير بشكل منهجي”.

انهيار الهدنة

ومع انهيار الهدنة التي استمرت أسبوعا واحدا، في الأول من ديسمبر، أصبح تحديث الحصيلة الذي كان يصدر يوميا بشكل عام غير منتظم. وجاءت أحدث إضافة لبيانات وزارة الصحة في غزة، يوم الإثنين، عبر المتحدث باسمها، أشرف القدرة، ليرفع عدد القتلى إلى 15899.

وسط حرب غزة.. لماذا تتجنب بعض المواقع الإخبارية نشر الصور الدموية؟

ولم يعقد القدرة مؤتمره الصحفي المعتاد، الثلاثاء، ولم تتمكن رويترز من الاتصال به منذئذ، ولم يصدر سوى تقريرين جزئيين من الوزارة حدثا عدد القتلى، بناء على عدد الجثث التي وصلت مستشفيين، بواقع 43 جثة، الثلاثاء، و73 جثة، الأربعاء.

وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، الثلاثاء إن الخدمات الصحية في غزة في حالة يرثى لها، بعد قتل القوات الإسرائيلية لأكثر من 250 موظفا واعتقالها 30 على الأقل.

وسط حرب غزة.. لماذا تتجنب بعض المواقع الإخبارية نشر الصور الدموية؟

أرقام قتلى حرب غزة.. شاملة؟

وبسؤال رويترز للخبراء عن هذا الأمر، جاء الجواب بـ “النفي”، فقد قال متحدث باسم وكالة لحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة: “يشير رصدنا إلى أن الأرقام التي قدمتها وزارة الصحة قد تكون أقل من الواقع، لأنها لا تشمل القتلى الذين لم يصلوا إلى المستشفيات أو من يُحتمل تواجدهم تحت الأنقاض”.

وقال ناثانيال ريموند، المدير التنفيذي لمختبر البحوث الإنسانية في كلية الصحة العامة في جامعة ييل، الذي عمل في إحصاء قتلى الصراعات المسلحة والكوارث الطبيعية أكثر من 20 عاما “إنه افتراض منطقي أن الأعداد المسجلة أقل من الواقع، ومنخفضة”.

حرب غزة في بداية شهرها الثالث

ولم يختلف المشهد كثيرًا في بداية الشهر الثالث لـ “الحرب الإسرائيلية” على قطاع غزة عن باقي أيام الحرب التي بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023، فتواصل سقوط القتلى والقصف العشوائي والمكثّف لمنازل المواطنين لا زال مستمرا.

وفي ظل استمرار الحرب على غزة، ارتفعت حصيلة القتلى إلى نحو 16 ألفًا و250قتيلاً، من بينهم أكثر من 1240 قتيلاً منذ انتهاء “الهدنة الإنسانية المؤقتة” التي حدثت مطلع الشهر الجاري.

ويحاصر الجيش الإسرائيلي مدينة خان يونس الكبيرة في جنوب قطاع غزة، حيث تجري اشتباكات هي الأعنف على الأرض منذ بدء الحرب قبل شهرين بينه وبين حركة حماس.

ويفر آلاف المدنيين من المنطقة مشيا أو على دراجات نارية أو على عربات محملة بأمتعتهم. بعدما باتوا محاصرين في منطقة تتقلص مساحتها يوما بعد يوم قرب الحدود مع مصر ويواجهون وضعا إنسانيا كارثيا.