طرفا الحرب في السودان لم يتوصلا لاتفاق لوقف إطلاق النار خلال مباحثات جدة

بعيداً عن أعين العالم وعن عناوين الأخبار، يستمر الصراع في السودان بالتفاقم. وتتكشف فصول أزمة إنسانية تفوق التصور في مختلف أنحاء البلاد، بينما يدفع الصراع بعددٍ متزايد من الأشخاص إلى النزوح عن ديارهم إثر احتدام القتال.

ففي الوقت الذي أعلنت فيه الخارجية السعودية عن اتفاق طرفي الحرب بالسودان على إنشاء آلية تواصل مشتركة بين قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تواصلت المعارك بين الجانبين، في شمال دارفور، ونطاق منطقة سلاح المدرعات في الخرطوم.

وأعلنت الولايات المتحدة والسعودية والهيئة الحكومية للتنمية “إيجاد” في بيان مشترك، يوم الثلاثاء، اتفاق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على الالتزام بتسهيل المساعدات الإنسانية، وتنفيذ إجراءات بناء الثقة.

ويأتي البيان الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس) في أعقاب جولة جديدة من المحادثات بين الطرفين المتحاربين والتي استؤنفت في مدينة جدة السعودية الشهر الماضي.

وقال البيان إن الوسطاء عبروا عن أسفهم “لعدم تمكن الطرفين من الاتفاق على اتفاقات لتنفيذ وقف إطلاق النار خلال هذه الجولة، حيث لا يوجد أي حل عسكري مقبول لهذا الصراع”.

وحث الوسطاء ، كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتقديم مصلحة الشعب السوداني أولا وإلقاء السلاح والانخراط في المفاوضات لإنهاء هذا الصراع.

يونيسيف: السودان يعيش أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم

هذا وتشهد ولاية غرب دارفور السودانية موجة جديدة من عمليات القتل بدوافع عرقية مع سيطرة قوات الدعم السريع على القاعدة العسكرية الرئيسية في الجنينة عاصمة الولاية، وفرّ عدد كبير من سكان دارفور إلى تشاد عبر منطقة أدري على بعد نحو 27 كيلومترًا غربي الجنينة. وقال ثلاثة من الرجال الفارين لوكالة “رويترز”، إنّهم رأوا عمليات قتل على أيدي الميليشيات وقوات الدعم السريع التي استهدفت جماعة المساليت العرقية في أردمتا، وهي منطقة نائية في الجنينة تضمّ قاعدة للجيش ومخيمًا للنازحين.

وبينما نفى زعماء القبائل علانية اشتراكهم في عمليات التطهير العرقي في الجنينة، وقالت قوات الدعم السريع في وقت سابق إنّها لم تُشارك في ما وصفته بالصراع القبلي.

كما تستمر المعارك في منطقة أم كدادة شرق مدينة الفاشر التي تشهد موجة نزوح كبيرة وسط المدنيين بعد هجوم قوات الدعم السريع على قوات الجيش هناك، ونزحت أعداد كبيرة من المدنيين إلى أم كدادة من مناطق مختلفة من إقليم دارفور عقب تصاعد وتيرة القتال بين الطرفين في نيالا وزالنجي والجنينة، يأتي ذلك مقارنة بالاستقرار الأمني الذي شهدته منذ اندلاع الحرب وعدم حدوث مواجهات وهجوم فيها.

وأشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أنّ الصراع في السودان أدى إلى أزمة إنسانية كبيرة ونزوح أكثر من ستة ملايين، مضيفة أنّ أكثر من 500 ألف شخص عبروا الحدود إلى تشاد معظمهم من غرب دارفور.

يونيسيف: السودان يعيش أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم

من جهتها، أوضحت منظمة “أطباء بلا حدود” أنّ عدد اللاجئين الذين وصلوا إلى تشاد ارتفع بشكل كبير في الأيام الثلاثة الأولى من نوفمبر ليصل إلى 7 آلاف لاجئ، مشيرة إلى أنّ معظم اللاجئين كانوا من النساء والأطفال، الذين تحدث العديد منهم عن أعمال عنف واسعة النطاق ضد المدنيين.

بدورها، أفادت قوات حرس الحدود في تشاد بأنّ العدد اليومي للفارين من غرب دارفور ارتفع إلى 3146 مطلع الأسبوع، بينما ذكر مسؤولون في الأمم المتحدة بتشاد أنّه كان من المتوقّع عبور آلاف آخرون الحدود، لكنّ قوات الدعم السريع منعتهم من ذلك وطلبت منهم مالًا مقابل عبورهم.

ووصف توبي هاروارد نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية للسودان في دارفور، التقارير والصور الواردة من أردمتا بالمروعة. وطلب في تغريدة على منصة “إكس” من المسؤولين حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إليهم دون قيود.

 

واعتبرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، بعد مرور 200 يوم على الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي، أن البلد يعيش «أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم». ودعت (يونيسيف) إلى مضاعفة التزام المجتمع الدولي، وطرفي النزاع، بمعالجة محنة ملايين الأطفال والأسر.

وأفادت المنظمة، في بيان، بأن 3 ملايين طفل فروا من العنف، معظمهم داخل السودان، بحثاً عن الأمان، والغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية، ونوّهت إلى أن مئات الآلاف من الأسر، لجأت إلى مخيمات مؤقتة، مترامية الأطراف في الدول المجاورة.

وذكرت يونيسيف أن حوالي 14 مليون طفل في السودان بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة، إذ يعيش العديد منهم في حالة من الخوف الدائم من التعرض للقتل، أو الإصابة، أو التجنيد، أو الاستخدام من قبل الجهات المسلحة، وبحسب المنظمة، فإن الحرب في السودان تركت جيلاً من الأطفال في السودان على حافة الهاوية.

وأوضح البيان الأممي أن هناك 19 مليون طفل في السودان غير قادرين على العودة إلى الفصول الدراسية، محذراً في الوقت ذاته، من أن التهديد المتمثل في الأمراض الفتاكة، مثل الكوليرا، وحمى الضنك، والحصبة، والملاريا، آخذ في الارتفاع مع اتساع نطاق تفشي الأمراض بالفعل.