الوضع الاقتصادي والغزو الروسي لأوكرانيا وتمتع الأجانب بالأدوية المدعمة.. أبرز أسباب أزمة الدواء بتونس
- تصنيع الأدوية الجنيسة وتوقف المواطنين عن شراء الأدوية دون الحاجة ودعم سيولة الصيدلية المركزية.. أبرز حلول أزمة الدواء
- 60 % من الأدوية في تونس محلية الصنع و40% من الأدوية مستوردة
تعيش تونس على وقع أزمة دواء متفاقمة ويبحث التونسيين بكل الطرق عن أدوية حياتية حتى أن صفحات أغلب التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تملئها إعلانات وصيحات استغاثة للبحث عن أدوية الأمراض المزمنة والخطرة.
وللحديث أكثر عن هذا الموضوع، تواصلت أخبار الآن مع رئيسة الهيئة الجهوية للصيادلة بصفاقس، سيدي بوزيد، القصرين ألفة السلامي التي قالت: “نعيش أزمة كبيرة وهي ليست أزمة جديدة إذ انطلقت تقريبا منذ 2018، يكون الدواء موجودا ثم يتم فقدانه وهكذا دواليك وفي كل مرة تكون هناك أسباب مختلفة”.
الأدوية في تونس تنقسم إلى 60 بالمئة من الأدوية المصنوعة المحلية والتي لا يواجه فيها الصيادلة ولا المواطنون أي مشكلة وفق السلامي والجزء الثاني يتمثل في 40 بالمئة من الأدوية المستوردة والمشكلة تكمن أساسا في هذا الجزء.
وكشفت رئيسة الهيئة أن من بين الأدوية المفقودة: أدوية داء السكري، قصور القلب، علاج السرطان وغيرها لكن الفقدان ليس متواصلا إذ توجد بعض الأدوية في فترة لتغيب أخرى.
وأكدت السلامي أن هناك أدوية مفقودة يمكن أن يكون لها بدائل في حين أن أدوية تتعلق مثلا بقصور في القلب لا يوجد لها بديل لذلك عدد من المرضى في تونس سلموا أنفسهم لله وفقدوا الأمل في الحصول على أدويتهم وفق تعبيرها.
وأشارت إلى أن الصيدلية المركزية في تونس هي التي تحتكر استيراد الأدوية في تونس، وأكدت رئيسة هيئة الصيادلة الجهوية أن هذا الدور مهم وإيجابي لأن هذا الاحتكار ينظم سوق الأدوية لكن نقص السيولة لدى الصيدلية المركزية وعدم قدرتها على استيراد عدد من الأدوية يصنع جزءا من أزمة الدواء في تونس خاصة وأن عدد من التونسيين أصبحوا يلجؤون للشراء من الدول المجاورة أو من خارج تونس بشكل غير قانوني وغير محمي وفق تعبيرها.
“اضطررنا لجلب الأدوية من خارج تونس من أجل حماية صغارنا وكبارنا”، هذا ما صرحت به الشابة أميمة التي أكدت أنها تدفع أضعاف مضاعفة لثمن الدواء الأصلي لكنها مضطرة لذلك بسبب أشهر من انقطاع دواء السكري كما شددت على أن الحصول على الدواء هو حق كوني ليس من حق أي طرف أن يحرمها منه.
أما عن أسباب هذه الأزمة وفق الصيدلانية ألفة، فالحرب الروسية الأوكرانية واحدة من أهم الأسباب التي حدث بسببها خلل في السوق، إذ أن هناك أدوية لم يتم تصنيعها بالكمية المطلوبة كما أشارت السلامي إلى المشكلة التي تعتبر الأكبر في تونس تتمثل في نقص السيولة لدى الصيدلية المركزية الذي يجعلها لا تفي بالتزاماتها المالية تجاه المخابر الأجنبية ما يجعلهم يرفضهم إمداد تونس بالدواء.
وفي هذا الإطار صرح عضو بالمجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بصفاقس سيدي بوزيد قصرين، إبراهيم القطي: هناك أدوية مستوردة، لا يمكن صنع بديل لها وفق القانون العالمي، خاصة حين يكون الدواء حديث الابتكار ولا نستطيع اليوم في تونس تصنيع عدد كبير من الأدوية محليا.”
المخابر التونسية ليس من حقها تصنيع عدد كبير من الأدوية، لأن حق الابتكار يمنعها من ذلك والأزمة متعلقة في تونس بالأساس بأدوية السرطان.
كما ذكر غياب المواد الأولوية وهذه الأزمة لا تتعلق فقط بتونس، لأنها أزمة عالمية يواجهها أغلب الدول كما تطرق إبراهيم إلى أسباب أخرى للأزمة كلهفة المواطنين على الدواء الذين يشترون أكثر من حاجتهم خوفا من فقدان الدواء وفي النهاية يكون تسبب بشكل أو بآخر في تعمق هذه الأزمة هذا إلى جانب تمتع الأجانب بالدعم على الأدوية الذي هو من حق التونسيين خاصة وأن تونس تعتبر وجهة طبية لعدد من الدول الشقيقة.
وفي ذات السياق التقت أخبار الآن بعدد من المواطنين المتضررين من هذه الأزمة ومن بينهم سهير الهرابي التي تبحث من أشهر عن دواء للقلب لأمها وصرحت لأخبار الآن: “أزمة الدواء كارثة، أكثر من 4 أشهر وأنا أبحث عن دواء القلب لأمي هذا الدواء نحتاجه مدى الحياة ولا يمكن أن نقبل بهذا التهديد لحياتنا وحياة أقربائنا.”
كما قالت المواطنة هناء بن عمر: “كلنا متجندون بحثا عن الدواء في كل الولايات، أزمة كبيرة في القطاع الصحي تتعلق بأدوية الأمراض المزمنة من قلب وشرايين وداء السكري وغدد والأمراض العصبية وتكلس الشبكية الناجمة عن داء السكري وغيرها”.
أما عن الحلول المتاحة في الوقت الحالي فإن الأدوية الجنيسة من بين الحلول المقترحة وفق إبراهيم القطي، ويعتبر الدواء الجنيس منتجا يكافئ منتجًا دوائيًا ذو علامة تجارية مسجلة ومحمية قانونيًا، يُماثلةُ من حيث الشكل الدوائي وشدته ونوعيته وخصائص الأداء له وإستخدامه، وغالبًا ما يتم تسويقه بِاسمه الكيميائي أو بتركيبته الكيمائية بدلًا من الاسم التجاري المعلن والذي يباع الدواء على أساسهِ.
لكن أكد القطي في نفس الوقت أن في تونس تغيب ثقافة هذه الأدوية إذ يرفض المواطنون هذا النوع من الأدوية هذا إلى جانب غياب الحرص على تصنيع هذا الدواء.
ومن بين الحلول التي اقترحها عضو هيئة الصيادلة إبراهيم هو رفع الدعم عن الأدوية التي يتمتع بها غير التونسيين بغير حق واعتبر أن هذه الخطوة من شأنها أن تحل مشاكل الصيدلية المركزية المالية وتعزز قدرتها على استيراد الأدوية من الخارج.
هذا وأكد الخبير الاقتصادي معز حديدان لأخبار الآن في وقت سابق، أن تونس فقدت مصداقيتها في السوق العالمية وأن الأزمة تعود في جزء منها إلى الصيدلية المركزية وفق تصريحه، هذا وتعتبر الجهة الوحيدة المخول لها قانونيًا حق توريد الأدوية في تونس، حيث تعاني الصيدلية من أزمة مالية حادة نتيجة تراكم ديونها لدى المزودين الأجانب لتبلغ نحو 225 مليون دولار، وعجزها في الوقت نفسه عن تحصيل ديونها لدى المستشفيات والمؤسسات الصحية التونسية.