اشتباكات السودان وعلاقات فاغنر بأطرافها

على مدى السنوات الأخيرة أقامت مرتزقة فاغنر الروسية علاقات وثيقة مع قوات الأمن السودانية وسعت إلى استغلال هذه الروابط لتعزيز المصالح الاقتصادية والعسكرية لموسكو، بما في ذلك امتيازات تعدين الذهب المربحة وصفقات الأسلحة.

قدمت فاغنر في السابق معدات وتدريبات لقوات الأمن في السودان، كما قدمت الاستشارات العسكرية لقادة الحكومة وأجرت عمليات إعلامية وفقاً لوثيقة استخباراتية أمريكية مسربة اطلعت عليها صحيفة واشنطن بوست.

ما وراء العلاقة الوثيقة بين مرتزقة فاغنر وجنرالات السودان؟

لكن اندلاع القتال العنيف نهاية الأسبوع الماضي بين القوات التي يقودها جنرالات سودانيون، هز البلاد وقتل ما لا يقل عن 400 شخص، مما وضع موسكو ومرتزقتها المدعومة من الكرملين بمعضلة كبيرة، إذ لديهم الكثير لخسارته إذا دعموا الطرف الخطأ.

وحتى لو توقف الصراع، فقد يمثل انهيار السودان نكسة كبيرة لهم.

ويؤكد تقرير واشنطن بوست أنه حتى لو وقفت فاغنر على الحياد فإن مصالحها في التنقيب عن الذهب، وتجارة السلاح في المنطقة قد تتأثر بشدة، وهي مصادر دخل مهمة لتمويل موسكو، خاصة بعد ما تواجهه من عقوبات دولية بعد الحرب في أوكرانيا.

وبحسب التقرير فإن ما يقع على المحك بالنسبة لروسيا في السودان يتعدى ذلك بكثير، لأنه تحالف استراتيجي، وقاعدة بحرية عسكرية، في بورتسودان على سواحل البحر الأحمر والتي ناقش وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تفاصيلها مع القادة السودانيين، خلال زيارته الخرطوم قبل نحو شهرين، وحسب الوثيقة المسربة، اتفق لافروف معهم على إنهائها قبل انقضاء العام الجاري.

ما وراء العلاقة الوثيقة بين مرتزقة فاغنر وجنرالات السودان؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية السوداني بالنيابة علي الصادق في مطار الخرطوم في 9 فبراير.

 

حتى الآن لا توجد تقارير مؤكدة تفيد بأن مرتزقة فاغنر متورطون بشكل مباشر في القتال لكن عدة مصادر تقول إن ميليشيات ليبية تربطها علاقات وثيقة بفاغنر أرسلت إمدادات إلى القوات السودانية بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، الذي يقود قوات الدعم السريع شبه العسكرية المدججة بالسلاح. ونفت قوات الدعم السريع أي علاقات مع فاغنر في تغريدة يوم السبت قائلة إن الجيش مرتبط بالجماعة.

الصراع الحالي في السودان هو بين حميدتي والجنرال عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني والرئيس الفعلي للدولة.

في الأيام الأخيرة تلقت قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي ما لا يقل عن 30 ناقلة وقود وشحنة واحدة على الأقل من الإمدادات العسكرية من أحد أبناء زعيم الحرب الليبي خليفة جفتر، وفقاً لمسؤولين ليبيين ودبلوماسيين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات حساسة. ونفت قوات حفتر قيامها بهذه الشحنات.

قال أنس القماطي، مؤسس معهد صادق، إن الإمدادات العسكرية كانت ستذهب إلى قوات الدعم السريع لأن حفتر يعتمد على أفراد فاغنر للمساعدة في السيطرة التامة على معداته وذخائره لتجنب السرقة أن النهب.

وقال القماطي إن لكل من قوات الدعم السريع وفاغنر تاريخ طويل مع ميليشات حفتر. وقد أرسل حميدتي في السابق قوات الدعم السريع إلى ليبيا للقتال نيابة عن حفتر إلى جانب مرتزقة فاغنر.

وأضاف أنه في عامي 2021 و2022 أجرى أفراد فاغنر المتمركزون في الأراضي الليبية التي يسيطر عليها حفتر تدريبات بالذخيرة الحية مع قوات الدعم السريع، مستشهدا بتقارير من شهود في المنطقة. وقال إن فاغنر تقدر علاقتها مع قوات الدع السريع جزئياً لتأمين طريق عبد السودان للمركز اللوجستي المتنامي للشركة في ليبيا، والذي يربط الشرق الأوسط وأوروبا بساحات القتال الإفريقية في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.

ما وراء العلاقة الوثيقة بين مرتزقة فاغنر وجنرالات السودان؟

خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي في ليبيا في معرض ومؤتمر الدفاع الدولي في أبوظبي

لكن الآن قد يأتي تقديم الدعم لقوات الدعم السريع بثمن مرتفع لكل من روسيا وحفتر.

داخل قيادة الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر هناك قلق متزايد من أن مثل هذا الدعم قد يضر بعلاقاتها مع مصر، الداعمة منذ فترة طويلة لكل من حفتر والقائد العسكري السوداني البرهان. وقال مسؤول ليبي مطلع على الأحداث إن حفتر تحدث هاتفياً يوم الخميس مع جنرال من المخابرات العسكرية المصرية وتعهد بوقف الدعم لقوات الدعم السريع على الفور.

كما أن لدى روسيا الكثير لتخسره إذا سلحت الجانب الخطأ، وفقاً لدبلوماسي غربي يتابع الموضوع عن كثب. وقال الدبلوماسي إن قوات الدعم السريع في الوقت الحالي تبدو أضعف من الجيش الذي يتمتع بقوة جوية تفتقر إليها قوات حميدتي.

قال مؤسس فاغنر، يفغيني بريغوجين في بيان نُشر على تلغرام إنه لم يكن هناك أي شخص مرتبط بفاغنر موجود في السودان منذ عامين، وإن فاغنر لم تكن على اتصال بأي من الزعيمين المتحاربين “لفترة طويلة”. كما عرض بريغوجين التوسط في الأزمة السودانية، قائلاً إن لديه علاقات طويلة الأمد مع البلاد ويتواصل مع جميع صناع القرار.

ما وراء العلاقة الوثيقة بين مرتزقة فاغنر وجنرالات السودان؟

رئيس مرتزقة فاغنر الروسية، يفغيني بريغوجين

وقال في رسالة نشرها على تلغرام: “أنا مستعد دائمًا لمساعدة السودان” وتابع “الأمم المتحدة والعديد من الآخرين يريدون دماء السودانيين، وأريد السلام للشعب السوداني … ما يحدث الآن في السودان ليس ما دربنا السودانيين على حمل السلاح من أجله. لقد دربناهم على الدفاع عن حدودهم”.

يتواجد مرتزقة فاغنر في السودان منذ عام 2017، وفقاً لسليمان بلدو، مؤسس موقع السودان للشفافية وسياسة التعقب. وقال بلدو إن المجموعة جاءت في الأصل لتقديم تدريب عسكري وتعاملت مع كل من الجيش وقوات الدعم السريع.

قبل فترة طويلة حصلت شركة سودانية مرتبطة ببريغوجين على امتيازات تعدين الذهب والموافقة الحكومية على منشأة لمعالجة الذهب وسط السودان، ووفرت قوات حميدتي الأمن للعمليات. في عام 2020 فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات على شركتين مقرهما السودان وهما M Invest وشركتها الفرعية Meroe Gold، التي تدير منشأة معالجة الذهب، قائلة إن الشركات ساعدت بريغوجين على “التهرب من العقوبات والتعامل بالدولار الأمريكي على الرغم من حظرها من نظام المالية الأمريكية”.

ورفض رئيس فاغنر الأسئلة حول استفادة مرتزقته من الذهب في السودان ووصفها بأنها هراء قائلاً: “لو يوجد ذهب مثير للاهتمام صناعياً في السودان ولا يمكن جني أرباح كبيرة”.

عزز حميدتي علاقته بروسيا، وزار موسكو عشية غزو أوكرانيا وعند عودته إلى السودان عزز العلاقات الثنائية بين البلدين وتحديداً تطوير القاعدة البحرية الروسية في بورتسودان. وذكرت وكالة أسوشيتدبرس أن القاعدة كانت ستضم 300 شخص وستستوعب 4 سفن تابعة للبحرية، بما في ذلك سفن تعمل بالطاقة النووية. في المقابل ستزود روسيا السودان بالأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى.

ناقش كل من البرهان وحميدتي موضوع القاعدة مع وزير الخارجية الروسي لافروف في فبراير أثناء زيارته للخرطوم. بورتسودان الآن في أيدي الجيش السوداني.

عزز حميدتي علاقته بروسيا. وزار موسكو عشية غزو أوكرانيا ، وعند عودته إلى السودان عزز العلاقات الثنائية بين البلدين وتحديدا تطوير القاعدة البحرية الروسية في بورتسودان. وذكرت وكالة أسوشيتيد برس أن القاعدة كانت ستضم 300 شخص وستستوعب أربع سفن تابعة للبحرية ، بما في ذلك سفن تعمل بالطاقة النووية. في المقابل ، ستزود روسيا السودان بالأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى.

ناقش كل من البرهان وحميدتي القاعدة مع وزير الخارجية الروسي لافروف ، في فبراير أثناء زيارته للخرطوم. بورتسودان الآن بحزم في أيدي الجيش السوداني.