ساهم إطلاق التعاونية بتوفير فرص عمل لنساء وفلاحين

شهدت قرية أولاد علي الواد التابعة لجماعة البرادية، إقليم الفقيه بن صالح بالمملكة المغربية، يوم الإثنين 12 أبريل الجاري، افتتاح تعاونية “الرحيق الذهبي” المتخصصة في صناعة الزيوت الأساسية والمواد التجميلية الطبيعية المصنوعة من النباتات العطرية والأعشاب الطبية.
أسس التعاونية خمسة أشخاص من أبناء المنطقة بتمويل ذاتي، وتعد الأولى من نوعها بمنطقة أولاد علي، وتعتمد في صناعة زيوتها ومنتجاتها الطبيعية على التنوع النباتي والعشبي الذي تتميز به المنطقة.

هذا التنوع النباتي والعشبي هو ما دفع المسير العام للاشتغال على فكرة المشروع وإطلاق تعاونية في مجال صناعة الزيوت الأساسية والمواد التجميلية الطبيعية التي تعد الأكثر إقبالا واستهلاكا في السنوات الأخيرة بالمغرب وخارجه.
وفر المشروع الذي لا يزال في بداياته فرص عمل لثلاث نساء بالقرية، وأيضًا للفلاحين أصحاب الضيعات التي تنتج النباتات والأعشاب الطبية والعطرية، إذ استطاعت مجموعة من الأسر أن تحسن دخلها المادي.
وبالرغم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الأهالي خاصة في الفترة الأخيرة بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، استطاع الشركاء الخمسة بالتعاونية أن يخطوا خطواتهم الأولى في عالم صناعة الزيوت الأساسية والمواد التجميلية الطبيعية.
نساء يعملن في صنع الزيوت العطرية

ساهم إطلاق التعاونية بتوفير فرص عمل لنساء وفلاحين

في هذا الإطار قال لحسن اكرواز، أستاذ سابق لمادة اللغة الفرنسية ومتقاعد حاليًا، شريك ومسير تعاونية “الرحيق الذهبي”، أنه وشركاءه الأربعة واجهوا قبل إطلاق التعاونية جملة من المشاكل المادية، منعتهم من افتتاح التعاونية العام الماضي بعد أن كانوا قد عقدوا العزم على ذلك.
وأوضح لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة أن ظهور فيروس كورونا المستجد بالمملكة المغربية وما صاحبه من تداعيات خاصة على المستوى الاقتصادي، فاقم الوضع المادي المتأزم ولم يجد رفقة شركائه إلا التأجيل حلًا.
لكن عدم الاستسلام، أوضح اكرواز، دفعه إلى تقديم طلب لإحدى الوكالات البنكية التي تدعم المقاولين الصغار والمشاريع الصغرى بهدف الحصول على قرض ودعم مالي، إلا أن طلبه رفض من طرف الإدارة بسبب التقدم في السن.

بعد أن أقفل باب كانت معلقة عليه جميع آمال المشروع، قام اكرواز بادخار بعض المال من معاش التقاعد، فيما لجأ بعض الشركاء إلى الاقتراض من معارفهم. الادخار والاقتراض شكلا نقطة انطلاقة لمشروع تعاونية “الرحيق الذهبي” التي بالرغم من ولادتها المتعسرة استطاعت الخروج نهاية إلى الوجود.

شريك في الرحيق الذهبي

بالرغم من معوقات كثيرة لم يستسلم لحسن اكرواز وسعى وراء حلمه

في إطار الجهود الذاتية، قام لحسن اكرواز بتحويل مرآب فوق أرضي للسيارات إلى مقر للتعاونية وتجهيزه بآلات لطحن الزيوت وقنينات زجاجية صغيرة الحجم مخصصة للزيوت الأساسية، كذلك تم شراء كميات كبيرة من النباتات والأعشاب الطبية والعطرية وبذور النباتات التي تدخل في التجميل أيضًا.

ونظرًا لقدرة النساء أكثر على تنظيف بذور النباتات وفرزها وتنظيفها، شغلت التعاونية بشكل أولي ثلاث نساء من القرية نفسها، كلفت الأولى بتنقية البذور وتنظيفها من الشوائب العالقة بها، والثانية بعملية طحن النباتات والبذور وتحويلها نهاية إلى زيوت أساسية، فيما أشرفت الثالثة على عملية التغليف وتعبئة الأكياس البلاستيكية المخصصة لبعض النباتات والأعشاب الطبيعية التي سيتم عرضها للبيع.
استطاع المشروع توفير دخل مادي مناسب لهاته النسوة، خاصة أن إحداهن استطاعت من خلال عملها بالتعاونية أن توفر قوت أبنائها اليومي وتحسن قليلا من مستواها المعيشي، فيما استطاعت السيدتان الأخريان مساعدة أهلهما في مصاريف العيش وتوفير احتياجاتهما الخاصة التي كانت قبل التحاقهما بالتعاونية كماليات لا يستطيعن امتلاكها.

تُشتري كل المواد الأولية لصنع الزيوت من السوق المحلي ما عدا الأركان لعدم توفره فيها

حول أنواع الزيوت التي تصنعها تعاونية “الرحيق الذهبي”، بيّن ذكر لحسن اكرواز أنهم يصنعون مختلف الزيوت التي تعد الأكثر طلبًا في الأسواق الوطنية والدولية، كزيت بذور الكتان، وزيت  السمسم، وزيت جوز الهند، وزيت الريحان، زيت الحلبة (Fenugreek )، وزيت بذور زهرة الشمس، وإكليل الجبل، والخزامى واللوز والفول السوداني، كما زيت أركان الشهير وهو الوحيد الذي تستورد مادته الخام من جهة تارودانت المغربية لعدم توفرها بمنطقة الفقيه بن صالح.
يطمح مسير تعاونية ” الرحيق الذهبي ” لحسن اكرواز رفقة شركائه الأربعة إلى توسيع مشروع التعاونية ليشمل في الفترة المقبلة صناعة وإنتاج صابون الوجه والجسم الطبيعي الذي يدخل في صناعته أيضًا مجموعة من الزيوت الأساسية والأعشاب العطرية، فضلًا عن صناعة منتوجات تجميلية أخرى.
الرحيق الذهبي حيث تعصر الزيوت العطرية

وفرت الجمعية عملًا هو عصر الزيوت لهذه السيدة

في هذا الإطار كشف أنهم حاليًا يخضعون لتكوين في صناعة الصابون والنباتات والأعشاب الطبية والعطرية المقدم من طرف الثانوية الفلاحية بجماعة البرادية. وينوي الشركاء بتعاونية “الرحيق الذهبي” جلب آلات طحن الزيوت كبيرة الحجم وأكثر تطورًا من الآلات الحالية، وتطوير المشروع ما سيوفر المزيد من فرص الشغل خاصة لنساء القرية وشبابها الذين سيتم تكليف بعضهم بعملية التسويق والتوزيع خارج المنطقة.
وتمنى مسير التعاونية الذي لطالما طمح لإنجاز مشروع بقريته يعود عليه وعلى أهالي المنطقة بالنفع، أن تصبح تعاونية “الرحيق الذهبي” من بين التعاونيات الرائدة في مجال صناعة الزيوت الأساسية والمنتجات التجميلية الطبيعية على المستوى الوطني والدولي، وإبرام شراكات مع محلات كبرى مختصة في بيع هذه المنتوجات.
وبالرغم من مخاوفه من تحديات مستقبلية قد تظهر في الواجهة في أية لحظة، أبدى اكرواز في نهاية حديثه، إحساسه بالسعادة وبارتياح نسبي حيال إمكانية النجاح، خاصة بعد زيارة عدد من نساء المنطقة التعاونية يوم الافتتاح وخلال الأيام العادية من الأسبوع الماضي، والاستفسار عن أثمان الزيوت والنباتات والأعشاب الطبية والعطرية.
كذلك قامت بعضهن بشراء بعض هذه المنتوجات التي تعرض لأول مرة بمنطقتهن وتوفر عليهن عناء التنقل لجلبها من مناطق أخرى مجاورة، وهو ما قال عنه اكرواز لمراسلة “تطبيق خبّر” إنه بداية مشجعة للمضي قدمًا.