الهوارية بتونس تثمّن نفايات أسواق الخضار وتحولّها لسماد عضوي

أطلق مجموعة من نشطاء المجتمع المدني بمدينة الهوارية بمحافظة نابل التونسية مبادرة تطوعية لتثمين النفايات والفضلات النباتية وتحويلها الى سماد عضوي “كمبوست”، واستغلالها فيما بعد في زراعة الأشجار ونباتات الزينة بالفضاءات الخضراء.

تتضمن المبادرة هذه أبعادًا عديد إلى جانب أبعادها البيئية. فهناك أبعاد تنموية اجتماعية تتمثل في مساعدة صغار الفلاحين بجهة الهوارية، وتمكينهم من الحصول على السماد الطبيعي مجانًا.

حول هذه المبادرة، تحدث الناشط بالمجتمع المدني، ونائب رئيس جمعية تنمية بلا حدود بالهوارية أمين بلكحلة لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في تونس، مؤكدًا أن “هذه التجربة تعتبر الأولى من نوعها بالجمهورية التونسية، وقد جاءت في إطار اتفاقية الشراكة المبرمة بين جمعية تنمية بلا حدود وبلدية الهوارية”.

جمعية بلا حدود وبلدية الهوارية يتعاونان في هذه التجربة الفريدة

وأشار بلكحلة إلى بنود الاتفاقية المبرمة بين جمعية تنمية بلا حدود وبلدية الهوارية، والتي تتمثل في “إحداث منبت بيئي يساهم في إعادة استغلال النفايات بسوق الخضار والغلال، وتثمينها وتحويلها اإلى سماد عضوي”.
 
حاويات نفايات نباتية في الهوارية بتونس

الهوارية بتونس تثمّن نفايات أسواق الخضار وتحولّها لسماد عضوي

في هذا السياق، أوضح بلكحلة كذلك أن “هذه التجربة الفريدة جاءت إثر ورود شكاوى للجمعية من من قبل متساكني الحي المجاور لسوق الخضار والغلال حول كثرة الاوساخ والفضلات بالمكان، حيث يترك الباعة عقب انتهاء السوق المكان في حالة من الفوضى، تملؤه أوساخ متراكمة تشكل خطرًا على صحة الإنسان والبيئة”.
وبيّن لمراسلة “تطبيق خبّر” أنه بعد تلقي الشكاوى اقترح عدد من المهندسين الزراعيين العاطلين عن العمل من الناشطين بجمعية تنمية بلا حدود عملية تثمين النفايات العضوية وتحويلها إلى سماد “كمبوست” يخصص للزراعة”.
بلكحلة: صنع سماد عضوي استئناسًا بالنموذج الألماني 
وأبرز بلكحلة أن التجربة انطلقت في التنفيذ بالهوارية منذ حوالي شهر بمشاركة 15شابًا وشابة من المتطوعين الذين يقومون بتنظيم السوق وتنظيف الحاويات مع التجار ورفع النفايات النباتية إلى المكان المخصص لها.
وبيّن أنه حين تصل النفايات إلى مكانها المخصص، إما يتم تثمينها أو حفظها لمدة تتراوح بين 6 أشهر إلى سنة، لتصبح فيما بعد سمادًا عضويًا، ويتم استغلالها في تغذية زراعة نباتات الزينة والأشجار بالفضاءات الخضراء والمدارس والمؤسسات العمومية.
كما أوضح بلكحلة أنه تم اتباع النموذج الألماني والعمل به في هذه التجربة، لافتًا إلى نجاعة النموذج الألماني في هذا المجال وأهدافه الاجتماعية والتنموية والبيئية، ومساهمته في خلق موارد رزق للعاطلين عن العمل بتجربة جمع النفايات النباتية وتحويلها بطريقة التخمير البيولوجي إلى مادة “كمبوست” غنية بالمواد العضوية لاستغلابها في العمل الفلاحي بعيدا عن المواد الكيمائية الضارة.
في ذات السياق، قال رئيس بلدية الهوارية فهمي الأسطا في تصريح لمراسلة “تطبيق خبّر” أن “دور البلدية يتمثل في توفير الدعم اللوجستي، ويقع تجميع النفايات بعد انتهاء السوق ووضعها في حاويات معدة للغرض حاويات لفضلات الغلال وأخرى لنفايات الخضار، ثم يقع رفعها من طرف أعوان النظافة بالبلدية وتجميعها بالمصب المخصص للغرض.
حاويات مخصصة للنفايات النباتية حصرًا تميزها ألوانها الخضراء والبرتقالية

حاويات مخصصة للنفايات النباتية حصرًا تميزها ألوانها الخضراء والبرتقالية

وكشف أن المكان المخصص لذلك جمعية تنمية بلا حدود من تبرعات أحد المواطنين، موضحًا أن بعد وصول النفايات النباتية للمكان المخصص يقع حفظها بتقنية معينة لتحول فيما بعد إلى سماد عضوي، يستغل في عملية إنبات الأشجار ونباتات الزينة”.
وأكد الأسطا أن “لهذه التجربة أبعادًآ بيئية تتمثل في المحافظة على نظافة المكان والتقليص في تكاليف ومصاريف البلدية التي كانت في السابق تحول الفضلات إلى مصب مراقب بتكاليف تقدر ب 7 دينار تونسي للطن الواحد”.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التجربة الفريدة من نوعها بتونس، والتي انطلقت لأول مرة من مدينة الهوارية، قد لقيت استحسان الأهالي وترحيبًا من الباعة والتجار المنتصبين بسوق الغلال والخضار، خصوصًا أنها أحدثت فارقًا نوعيًا على مستوى نظافة المكان، خلافًا لما كان عليه بالسابق.
في هذا الإطار، قال علي المكي، أحد الباعة بالسوق، إنه في السابق كانت هناك الكثير من الأوساخ المتراكة هنا وهناك، التي يتم رميها بالأرض فتهدد صحة الإنسان وتخلف أضرارًآ على البيئة، وعلى جمالية الأنهج.
وأضاف المكي أنه الآن، وبفضل هذه التجربة، أصبح المكان نظيفًا وجميلًا بعد تخصيص حاويات للمبادرة، فأصبح الباعة يلقون بالنفايات النباتية المتؤتية من بقايا الغلال والخضار فيها.
من جهته، اعتبر ناصر الغريب، وهو بائع متجول بسوق الغلال والخضار بالهوارية، أن البادرة طيبة، مشيرًا إلى أن جميع التجار الذين يبلغ عددهم 50 بائعًا قد رحبوا بها، وأن المكان أصبح نظيفًا بعد وضع الحاويات ورفعها في الوقت المناسب.
يذكر أن البدية خصصت حصرًا حاويات خضراء وبرتقالية لنفايات سوق الخضار والغلال، فلا يتم استخدامها لرمي نفايات أخرى غير نباتية، كالنفايات البلاستيكية والمعدنية وغيرها.