بين شوارع ومنتزهات جيليز والكتبية والمنارة بمدينة مراكش، جالت مبادرة تلاميذ المؤسسات التعليمية الإعدادية لأجل نشر الوعي البيئي بأهمية حماية هذه المدينة المغربية من النفايات التي تشوه جماليتها ورونقها.
شارك في هذه المبادرة 80 تلميذاً وتلميذة من مختلف الأطوار التعليمية المتوسطة التي لها عضوية بالأندية البيئية داخل المؤسسات المشاركة. وأظهر التلامذة المشاركون حساً بيئياً متقدماً، قدموا من خلاله صورة إيجابية حول مستقبل المدينة كما يريدونها، نظيفة وخالية من مظاهر التلوث.
وبالموازاة مع جمع النفايات، قام التلاميذ بالتواصل مع القاطنين في المدينة والشرح لهم عن أهمية الحفاظ على فضاء المدينة آمنا للمستقبل وللأجيال المقبلة.
وقد خلف تواصل المشاركين تفاعلاً كبيراً وترحيباً من لدن جميع المستهدفين بالمبادرة، من تجار ومهنيين وسائقين وأصحاب العربات التقليدية المجرورة وأيضا المارة.

بعد انقضاء نصف ساعة من التحرك الجماعي على طول شارع جيليز، اختار المشاركون، ربحاً للوقت، أن يتوزعوا على مجموعات مكونة من 15 مشاركاً.
توجهت الأولى إلى محيط جامع الكتبية، والثانية صوب ساحة جامع الفناء، والثالثة إلى المنارة، والرابعة إلى المنتزهات والحدائق، فيما الخامسة استهدفت موقف العربات المجرورة.
التلميذ كريم، 15 سنة، عضو النادي البيئي المشرف على المبادرة، صرح لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني يوسف أسكور، أنه تحمس للفكرة منذ الوهلة الأولى وساهم في التعريف بها ودعوة البقية للمشاركة، نظراً لأهميتها، على حد قوله.
وأضاف أن أكثر ما يزعجه هو مخلفات السجائر التي يلقي بها المدخنون دون اهتمام بالضرر الذي يسببونه للمدينة وجماليتها. وأوضح أنه بالرغم من تواجد عدد كبير من الأماكن المخصصة لرمي النفايات، خصوصاً في الأماكن التي تعرف توافد السياح والسكان المحليين، فأنه لا يزال عدداً كبيراً منهم غير ملتزم بأهمية الحفاظ على الفضاء العام.
وقال كريم إنه لهذا السبب قرر المشاركة في هذه المبادرة، والمشاركة في رفع الوعي البيئي في مراكش، خصوصا أن المدينة تستقبل سياحاً من دول مختلفة، “ويجب أن نقدم لهم صورة حسنة عن ثقافتنا وهويتنا”.
بعد ساعة ونصف من التحرك الحماسي الذي رافقه المشاركون بترديد أناشيد وأغاني بشكل جماعي، اجتمعوا عند نقطة الإنطلاق لتقديم حصيلة عملهم في جو يملؤه التنافس الإيجابي لأجل مدينة نظيفة.
تلاميذ المؤسسات التعليمية في مراكش ينشرون الوعي البيئي

تم جمع 60 كيساً من القمامة في المبادرة

عملية جمع القمامة والتواصل مع المارة استغرقت ساعتين من الزمن، استطاع خلالها المشاركون ملأ 60 كيساً، ما يُبين قدر القمامة الكبير الذي تعرفه المحاور الحيوية لمدينة مراكش.
كما عرفت المبادرة مشاركة عفوية لشباب آخرين ومواطنين اختاروا أن يساهموا في تحقيق أهدافها، لوعيهم المسبق بأهمية الأمر، الشيء الذي اعتبره التلاميذ مؤشراً على نجاحهم في توعية المجتمع بأهمية المحافظة على البيئة.
عبد الجليل وهو طالب جامعي تخصص علوم اقتصادية بجامعة القاضي عياض، صرح لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني، أنه صادف المبادرة قُبالة جامع الكتبية التاريخي.
وأضاف أن الفضول ساقه لمعرفة ما يقوم به التلاميذ قبل أن ينخرط بدوره في التواصل مع من يلتقيهم مبيناً لهم ضرورة الإلتزام بالأماكن المخصص للقمامة حفاظاً على جمالية فضاء المسجد الذي يعتبر قِبلة للسياح الوافدين على المدينة.
من جهته، أفاد الأستاذ فريد، وهو مدرس مادة علوم الحياة والأرض، أن تأطيره للمشاركين جاء لقناعته بأهمية تشجيع الأجيال الصاعدة على المشاركة في الجهود الدولية عبر مبادرات محلية تساهم في بلوغ أهداف ملموسة.
وقال فريد إن مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ (كوب 22) الذي نظم بمدينة مراكش سنة 2016، وشارك فيه هو شخصياً، ألح على ضرورة إشراك الأجيال الصاعدة في جهود المحافظة على البيئة، لهذا يعتبر مهماً جداً إنجاز مبادرات شبيهة، ليس فقط داخل مدينة مراكش وإنما في بقية المدن المغربية.
اختار المشرفون على المبادرة، بالرغم من الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد، أن ينزل المشاركون لشوارع مدينة مراكش نظراً لبدء توافد السياح من مجموعة من الدول الأوروبية، عبر رحلات جوية، الشيء الذي ألَحَّ على ضرورة إنجاز المبادرة بما من شأنه الحفاظ على جمالية المكان، وكذلك الحفاظ على صورة المدينة.
بدورها، انخرطت شركة النظافة المكلفة بمدينة مراكش بعد انتهاء المبادرة عبر استبدال مجموعة من الحاويات، وإضافة أخرى داخل ساحة جامع الفن، وبجانب موقف العربات المجرورة، وأيضاً بجنبات شارع جيليز، الأمر الذي استحسنه المشاركون واعتبروه نجاحاً للمبادرة، وجعلهم متحمسين للمشاركة في محطات جديدة.
تبقى مدينة مراكش العاصمة السياحية للمغرب والوجهة الأشهر نظراً لموقعها الجغرافي المميز، ومناخها الصحي، ومعمارها الفريد، فضلاً عن أهمية بنتيها التحتية، التي تم الاستثمار فيها بشكل كبير، لتكون وجهة مميزة للسياح الأجانب والمحليين، وقبلة للقاءات والمنتديات الدولية.
كل هذه الأمور مجتمعة إلى جانب الضرورات الصحية والبيئية للسكان والطبيعة، استوجب تعزيز الوعي البيئي لأجل أن تحافظ مراكش على توهجها كمدينة نموذجية.