أخبار الآن | بغداد – العراق (أحمد التكريتي)

بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 بدأت إيران تُفكر باشغال الشباب العراقي الذي كان شبه منعزلاً عن العالم نتيجة الحصار الاقتصادي وعدم توفر البث الفضائي ولا الإنترنت الذي كان يقتصر على مؤسسات حكومية محددة.

وحتى لا يبدأ الشباب العراقي الذي يُشكل النسبة الأكبر من مجتمعه ببناء قدراته وتطويرها والتواصل مع العالم، بدأت إيران بتشكيل الميليشيات ودعم جماعات مسلحة بشكل رسمي وغير رسمي بحجة “مقاتلة القوات الأمريكية”.

وبدأت إيران آنذاك بدعم ميليشيات مسلحة أشعلت الحرب الطائفية حتى وصل عددها حتى الآن إلى أكثر من 50 ميليشيا صغيرة وكبيرة ترتبط جميعها بالحرس الثوري الإيراني وتُنفذ سياسة إيران في العراق والمنطقة أيضاً.

استثمر الحرس الثوري الفوضى التي ضربت العراق عقب التغيير وانعدام فرص العمل وشبه غياب للقانون واتساع رقعة التفجيرات والعمليات الإرهابية، لتشكيل ميليشيات، وبدأت بدفع رواتب لهم لم تتجاوز الـ150 دولاراً حينها.

ومن هذه الميليشيات: عصائب أهل الحق – النجباء – كتائب حزب الله، وغيرها من الميلشيات التي استفحلت فيما بعد وبدأت تُفرخ ميليشيات أخرى.

يتحدث أحد قادة تلك الميليشيات المنشق حالياً عنها لـ”أخبار الآن”، أن “إيران كانت ترسل الرواتب عبر شخصيات سياسية عراقية وتُدفع لنا، وكان يُكتب في قائمة الرواتب 400 – 500 دولار لكل فرد، بينما أعلى مقاتل فينا يستلم 200 دولار”.

ويقول إن “الحرس الثوري الإيراني كان يطلب منّا استقبال أكبر عدد من المقاتلين لتوسعة نشاطنا الذي كان في بعض الأحيان ضد القوات الأمريكية وأحيان أخرى ضد بعض العاملين معها وفي مرات متفاوتة ضد ضباط عراقيين”.

لم تقف إيران عند مرحلة تأسيس الميليشيات ودعمها، بل عملت فيما بعد على أن تكون هناك انشقاقات فيها وتأسيس ميليشيات جديدة، في محاولة منها لعدم تقوية أي ميليشيا على قرارها، لذا كانت تنشق قيادات أمثال أكرم الكعبي الذي انشق بين عامي 2011 – 2012 عن حركة عصائب أهل الحق.

كانت عملية عسكرة المجتمع العراقي بالنسبة لإيران هدفاً أساسياً لكسب أكبر عدد من الشباب العراقي لصالحها، خاصة شباب الجنوب الشيعة الذين استهدفتهم إيران بشكل كبير حتى تُسيطر على هذه المنطقة الغنية بالثروات الطبيعية وذات النفوذ الاستراتيجي بالنسبة لها.

يقول محمد الساعدي وهو خبير أمني عراقي لـ”أخبار الآن”، إن “الحرس الثوري الإيراني عمل منذ الأشهر الأولى لسقوط نظام صدام حسين على تأسيس الميليشيات، وكان يُركز على الشباب، فهذا هدف استراتيجي بالنسبة للحرس الثوري الذي استفاد منها فيما بعد بالقتال في سوريا وأيضاً في العراق وحقق النفوذ الذي يُريده”.

ويُشير إلى أن “هناك نحو 40 ألف مقاتل بشكل رسمي يتبعون ميليشيات مرتبطة بولاية الفقيه، وهذا يُشكل خطراً على العراق الذي خرج من نظام شمولي عسكري وحاول الدخول والعيش وفق نظام مدني ديموقراطي”.

ومما يؤكد سعي إيران لعسكرة المجتمع، صور القتلى التي تملئ شوارع بغداد وجنوب ووسط العراق وهم يرتدون الزي العسكري والذين قاتل بعضهم إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا بتوجيه من الحرس الثوري الإيراني.

وحتى اللحظة، مازال هناك المئات من الشباب العراقي الذين يتواجدون على الحدود العراقية السورية وداخل سوريا أيضاً، وينتمي هؤلاء إلى ميليشيات عصائب أهل الحق وحركة النجباء وكتائب حزب الله.

لا يحصل هؤلاء على رواتب كبيرة، فقتالهم هناك يكون شهرياً مقابل نحو 700 دولار أمريكي، لكن الحرس الثوري الإيراني يوهمهم ويُقنعهم بمدونات وأحاديث عقائدية لا تخدم بالمحصلة سوى سياسة إيران.