أخبار الآن | طهران – إيران (وكالات)

بعد طلبه من الأمم المتحدة الإشراف على الانتخابات العراقية، هاجمت صحيفة “كيهان” الإيرانية المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، وهذه الصحيفة تابعة لمكتب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي،

وكتب حسين شريعتمداري، رئيس تحرير الصحيفة ومندوب خامنئي فيها، في مقاله الافتتاحي، أنّ “دعوة السيستاني للأمم المتحدة للإشراف على الإنتخابات البرلمانية في العراق، تعتبر دون شأنه ومنزلته”. كما توجّه إلى السيستاني بالقول: “لقد أخطأتم في طلبكم ممثلة الأمم المتحدة.. لا بأس في ذلك، لكن الآن عُدْ وصحّحْ ذلك وقل إنّك لم تقل ذلك”! واعتبر دعوة الأمم المتحدة للإشراف على الانتخابات لضمان نزاهتها تعني إعلان “الإفلاس السياسي”.

ويأتي هذا الهجوم وسط استياء النظام الإيراني المتزايد من تطورات الوضع في العراق، والحراك السياسي الذي أفضى إلى تشكيل حكومة جديدة مناهضة للميليشيات الموالية لطهران، وإعلان انتخابات مبكرة، مع الإشارة إلى أنّ الحراك العراقي يحظى بدعم المرجع علي السيستاني، وطيف واسع من الشخصيات الرافضة للهيمنة الإيرانية، ما يعزّز جهود رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للقيام بإصلاحات شاملة في منظومة الحكم في العراق.

و في يوليو الماضي، كانت وكالة “مهر” الإيرانية هاجمت الكاظمي، واصفةً تحركاته ضدّ الميليشيات المدعومة إيرانياً والتغييرات التي أجراها في الأجهزة الحكومية، بـ”التخريبية”، فيما قالت الوكالة التابعة لـ”منظمة الدعاية الإسلامية” التي تخضع لإشراف خامنئي، إنّ الكاظمي قام بتغيير الأولويات في العراق، مشيرةً إلى تعيين عبد الغني الأسدي رئيساً لجهاز الأمن الوطني العراقي، واستبدال فالح الفياض، مستشار الأمن القومي، بقاسم الأعرجي. وأضافت أنّ “اختبار نظام الصواريخ من قبل السفارة العراقية في العراق، يدلّ على أنّ الكاظمي ترك واشنطن حرّة في اتخاذ أي إجراء على الأراضي العراقية”، بحسب زعم الوكالة.

وما يمكن إستنتاجه من المواقف الإيرانية المتشنّجة تجاه الحراك العراقي وموقف المرجع السيستاني وتحرّكات حكومة الكاظمي، أنّ الضربات التي تتلقاها ميليشيات الحشد الشعبي والتغييرات الأمنية والسياسية في العراق باتت تلعب دوراً كبيراً في تقليص نفوذ طهران في بغداد، وفق ما يرى مراقبون للشأن العراقي.

وفي ظلّ الأزمة الإقتصادية التي تعيشها إيران بسبب النظام الحاكم، تمّ الإتجاه لتقليص تمويل الميليشيات العراقية إلى درجة أنّ إسماعيل قاآني، القائد الجديد لفيلق القدس (خليفة قاسم سليماني)، قام خلال أوّل زيارة رسمية له إلى العراق للقاء قادة الجماعات التابعة لطهران، بتوزيع الخواتم الفضية عليهم بدل النقود، وفقاً لبعض التقارير. وبعد اغتيال أبو مهدي المهندس، حاولت إيران استخلاف أحد قادة الميليشيات للحيلولة دون وقوع انقسامات وتشتت في صفوفها دون أن تنجح في ذلك حتى الآن.

وبالإضافة إلى تصفية الفاعلين الرئيسيين في الساحة العراقية عقب اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، يستمر الحراك الوطني العراقي ضدّ الهيمنة الإيرانية والحضور القوي للناشطين الشباب والحراك المدني، ما يمهّد الطريق أمام إنهاء سيطرة الميليشيات التابعة لطهران على المشهد السياسي العراقي.

ويشير مراقبون أنّ هذه التطورات بالإضافة إلى المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة والعراق وكذلك عودة العقوبات الأممية على طهران، أدّت إلى انحسار نفوذ طهران بشكل متسارع، بل تهدّد بشكل كبير مستقبل الوجود الإيراني في العراق.