أخبار الآن | جزيرة توتي – السودان (تطبيق خبِّر)

في جزيرة توتي التي يحيط بها النيل الأزرق وسط العاصمة السودانية الخرطوم، يستبسل الرجال والنساء معاً في مواجهة خطر الفيضان، ويستخدمون في ذلك طرقاً تقليديةً لكبح جماح النهر العنيد، مثل إحكام المتاريس الترابية، وتوسيع مجاري التصريف، وتقوية المناطق الرخوة، وتطويع كل الموارد المحلية في التعامل سنوياً مع توغل المياه داخل المزارع والبيوت، لكن أكثر ما يؤرقهم حالياً هو نقص الأكياس البلاستيكية، وتجريف المنازل، والنز المستمرة للمياه.

 

ورغم انحسار النيل نسبياً منذ 3 أيام إلا أن المخاطر لا تزال قائمة في جزيرة توتي، وغيرها من المناطق السودانية، مثل هطول الأمطار، وتفشي الأوبئة والحشرات الناقلة للأمراض.
وهى تحديات قال محي الدين العجب، وهو واحد من شباب توتي الذين يقومون بمكافحة الفيضان، قال أنهم يضعونها في الحسبان، إلى جانب (عمليات النز) المستمرة بسبب انحسار النيل، وأضاف العجب لمراسل “تطبيق خبِّر” الميداني في السودان “عزمي عبد الرازق”: كل ما انحسر البحر ازدادت عمليات النز، ويتم التعامل معها عن طريق شطف المياه، وتنبيه السكان لتجنب كارثة جديدة، كسقوط الآبار ودورات المياه والحيطان، وأشار إلى أن لجنة طوارئ توتي تقوم بتقسيم الشباب إلى مجموعات، بمهام حراسة دورية للنهر طوال ساعات اليوم. كما ينصب العمل على خمسة مواقع تعرف (بالتايات) لأن النيل يفيض منها عادة، وتحتاج إلى ردم وتدعيم مستمر، فضلاً عن القيام بعمليات التعقيم والرش لتجنب الأمراض والكوارث الصحية”.

فيضان السودان.. النفير الشعبي يقهر النهر العنيد

بالنسبة لسامية، وهى أم لثلاثة أطفال فإن المياه غمرت منزلها في منطقة اللاماب جنوبي الخرطوم مما اضطرها لنقل أطفالها إلى مخيم أعد خصيصاً لاستقبال المتأثرين.
وقالت سامية لمراسل “تطبيق خبِّر“، أن المنزل تشرّب المياه وجدرانه تتصدع، ما يعني احتمالات سقوطه كلياً عليهم، ولم يعد أمامهم من خيار غير مغادرته على وجه السرعة، وترك بقية متعلقاتهم التي يصعب حملها على قوارب الإنقاذ. وهي مشكلة تواجه مئات المنازل التي تحاصرها المياه حالياً، وكل ما ترجوه سامية الاستفادة من الدعم والتبرعات الخارجية لتعلية ضفاف النهر، وفتح قنوات خارجية لتصريف المياه نحو الصحراء، إلى جانب إعادة بناء المنازل المجاورة للنيل بصورة هندسية آمنة، للتخلص نهائياً من الكابوس السنوي للفيضان.

عطفاً على ذلك هنالك قرى غمرها النيل في شمال ووسط السودان، واختفت بالكامل عن الخارطة. بينما تدفقت مياه الأمطار صباح الخميس والسبت، ووصلت حتى خيم الإيواء، داخل معسكرات أعدت للأسر المتضررة في مناطق بعيدة نسبياً عن النيل، وبالتالى لم يعد هناك ملجأ آمن من البلل.

فيضان السودان.. النفير الشعبي يقهر النهر العنيد

 

 

وسقطت الكثير من المنازل فوق رؤوس الأهالي، وانتشرت المزيد من الصور لإجلاء الحيوانات والأطفال والنساء، وبعض المشاهد تحدث عن المأساة بصورة مروعة. فذهب كل شيء مثلاً وانتصبت هذه الأبواب لوحدها موصدة بين ذراعين تقاوم فيضان النهر العنيد.

ورصد مراسل “تطبيق خبِّر” اجتياح نهر النيل لوسط الخرطوم، حيث خرجت المياه عن المجرى الرئيسي للمرة الثالثة خلال أسبوع وغمرت حي المقرن وجامعتي النيلين والسودان، وهطلت أمطار أيضاً طوال ساعات الصباح رغم انفخاض منسوب النيل لخمسة سنتمترات، مما تسبب في سقوط أشجار اللبخ بشارع النيل، وانهارت العديد من المنازل واللافتات المضيئة على السيارات والمارة بالعاصمة الخرطوم.

وقالت وزارة الداخلية في بيان: “إن السيول والفيضانات أدت إلى مصرع 103 مواطن وإصابة 50 آخرين، إضافة إلى تعرض 69 ألفاً و551 منزلاً في عموم البلاد بين انهيار كلي أو جزئي”.
وشملت الخسائر جراء السيول والفيضانات تضرر 4 آلاف و208 أفدنة زراعية و179 مرفقا و359 متجرا ومخزنا، إضافة إلى نفوق 5 آلاف و482 رأس ماشية، بشكلٍ ينذر بكارثة ونقص في الغذاء وأمصال العقارب والثعابين . بينما لا تزال لجان الأحياء والمنظمات الوطنية، كمنظمة نفير مثلاً تقوم بجهود منفردة في توفير الخيم والغذاء واجلاء الأسر من المناطق المنكوبة، تعينهم في ذلك وحدات من الجيش السوداني.

فيضان السودان.. النفير الشعبي يقهر النهر العنيد

 

ويشتكي الأهالي من أن دعم الدول الشقيقة (مصر، قطر، السعودية، المنظمات الدولية) وغيرها، أقل بكثير مما هو مطلوب، ولم يصلهم بعد في مناطق تضررهم، ويبدون مخاوفهم من أن لا تصل تلك المساعدات إليهم حال تسلمتها الحكومة، سيما وأن النفير الشعبي لا يزال يتفوق على الجهد الرسمي.