أخبار الآن| بيروت – لبنان -(أحمد أبو القاسم)

يتخبّط لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، حيث خسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم وتآكلت قدرتهم الشرائية، فيما ينضب احتياطي الدولار لاستيراد مواد حيوية مدعومة كالقمح والأدوية والوقود.

” أزمة قاتمة…وضع شديد التعقيد والغموض” هكذا يوصف مشهد الاقتصاد اللبناني، ورغم تفاؤل البعض نحو الخروج من هذا التعثر الاقتصادي، إلا ان تلك الأماني تذهب هباءا مع عدم رصد أي جهود فعلية نحو رفع المعاناة عن اللبنانيين.

الأزمة ليست وليدة اللحظة، شأنها شأن الموقف السياسي في البلاد، لكن جذور تلك المشاكل الاقتصادية تنامت حين تخلف لبنان في آذار/مارس وللمرة الأولى في تاريخه عن تسديد مستحقات سندات اليوروبوندز, التي تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من ثلاثين مليار دولار، ليطلب مساعدة صندوق النقد.

هنا يأخذ الأمر منحى آخر نحو مزيد من التعثر ، فبعد عقد أكثر من 16 جلسة منذ آيار مايو الماضي، لم يلمس ممثلو الصندوق جدية من الوفد اللبناني لتتوقف المفاوضات.

وبدا التباين جلياً بين تقديرات الحكومة لإجمالي خسائر الدولة والمصارف المالية ، وتقديرات المصرف المركزي وجمعية المصارف، حيث قدرت الحكومة هذه الخسائر بـ241 ألف مليار ليرة

ويعيش نصف اللبنانيين تقريباً اليوم تحت خط الفقر، حيث لامس معدل البطالة 35 في المئة , وبات كثر عاجزين عن توفير الاحتياجات اليومية.

قتامة المشهد تبدو جلية، حين انتحر أربعة لبنانيين خلال يومين الأسبوع الماضي بسبب ظروفهم الصعبة، كما ظهرت صور لاستخدام المقايضة من أجل توفير مستلزمات ضرورية , في مشهد لم يعتده لبنان في أقسى الظروف.

وبرغم استقالة مستشار وزارة المالية هنري شاوول ومديرها العام آلان بيفاني العضوين في الوفد المفاوض مع صندوق النقد ، بسبب “غياب إرادة حقيقية للإصلاح”، بحسب قولهما، إلا أن وزارة المالية تصر على التفاوض مع الصندوق.

مصدر مطلع بشأن التفاوض، أكد أن جلسة التفاوض الأخيرة مع صندوق النقد سارت بشكل سيء للغاية، وهو ما توافق مع تصريحات مديرة الصندوق، كريستالينا جورجييفا، نهاية حزيران/يونيو, حين أقرت بعدم وجود أي تغيير يلوح في الأفق.

ويطالب الصندوق الحكومة باتخاذ تدابير سريعة , بينها تحرير سعر الصرف والتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان , وتقييد الرساميل بشكل رسمي، بحسب المصادر.

ويطمح لبنان إلى الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار، بينها 11 مليار أقرها مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في باريس في 2018 مشترطاً إصلاحات.

ولكن، بحسب خبراء، فإن المانحين لن يستثمروا في لبنان, في ظل عملة غير مستقرة, وبلا برنامج مع صندوق النقد.

وفي موقف لافت، حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الأربعاء من “خطر انهيار” لبنان , حيث طالب السلطات اللبنانية بإستعادة زمام الأمور، قائلاً: ” نحن حقاً مستعدّون لمساعدتكم، لكن ساعدونا على مساعدتكم”.

وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من جهته قال الأربعاء “نحن داعمون للبنان طالما أنه يقوم بإصلاحات بشكل صحيح ولا يشكل وكيلاً لإيران”، في إشارة إلى حزب الله اللبناني.

ومع استمرار الوضع الحالي بدون تحرك فعلي، يؤكد الخبراء أن الاقتصاد اللبناني في طريقه نحو الانهيار التام، مع تضخم يومي وأزمات معيشية، وقد يصبح دعم صندوق النقد الدولي طوق نجاة أخير، هذا لو استطاع لبنان الحصول عليه بالفعل.

مصدر الصورة  Reuters 

المزيد  رغم الأزمة المالية.. مزارعون يعلقون آمالهم على مبادرة جديدة بلبنان