أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (وكالات)

عبر تقنية الصور التجسيدية ثلاثية الأبعاد “هولوغرام“، ألقى ولي عهد دبي سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، خطابه خلال القمة العالمية للحكومات، الإثنين، مؤكداً أنّ “دبي هي نموذج للتسامح والتعايش، ويوجد فيها أكثر من 220 جنسية يعيشون بسلام”. وقال خلال جلسة رئيسية بعنوان “7 تحولات ستشكل مستقبل مدن العالم” ضمن القمة: “نحن ندرك أن تنافسية المدن لا تكون فقط عن طريق البنية التحتية، إنما في كيفية جذب العقول”.

ورأى سمو الشيخ أنّ “الحديث عن مستقبل المدن يبدأ من دبي، إذ أن الكثير من مدن العالم ينظرون للمدينة على أنها مدينة للمستقبل، وهدفنا كما وضعه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هو أن تكون دبي متقدمة على مدن العالم بـ 10 سنوات”.

واعتبر ولي عهد دبي أنّ “المستقبل هو الإنسان، وإنسان المستقبل هو نحن، يضاف إليه ما نكتسبه من معرفة وخبرات وما نضيفه لقلوبنا من تسامح ورحمة”، مؤكداً على “ضرورة السعي اليوم لتطوير قدرات إنسان المستقبل، فالجميع مسؤول عن صناعة المستقبل وليس فقط الحكومات”.

وإذ أكّد أنّ “المدن أساس التنمية الإقتصادية العالمية، ومحطة تلاقي الثقافات والأفكار”، شدّد سموه أنّ “قياس نجاح المدن يعتمد على جودة الحياة فيها والرحلة نحو المستقبل، الأمر الذي يمدنا بالشغف والطاقة لتحقيق إنجازات أكبر”.

تصميم المدن

ورأى سموه أنّ “التحول الأول هو تحول جذري في تصميم المدن، فأغلب التي نعيش فيها اليوم هي مدن تم تصميمها بدايات القرن العشرين مع اختراع السيارات، وكان تصميم المدن يعتمد على 3 محاور هي: عدد السيارات التي تستوعبها شوارع المدينة، وعدد الناس الذين يعيشون في المنطقة أو ما يعرف بالكثافة السكانية، أما المحور الثالث فهو المناطق المخصصة للتصنيع والقطاعات ذات العائد الاقتصادي التقليدي للمدينة والدولة”.

وأكّد سموّه أن “التحدي في تصميم المدن هو أن أساس التصميم كان العائد على الاستثمار من مردود اقتصادي تقليدي، وفي المقابل نرى اليوم دراسات تنصح بإعادة تصميم المدن لتواكب العصر الذي نعيشه”.

التنقل في المدن

وأضاف: ” التحول الثاني يتمثل في طريقة تنقلنا في المدن، فالتنقل هو من أهم ركائز جودة الحياة في المدن وسهولة الوصول من نقطة إلى أخرى لها تأثير على سعادة الناس، ويشير مؤشر (Moovit) للنقل العام إلى أن متوسط الوقت الذي يأخذه الشخص للتنقل داخل مدينة من مكان سكنه إلى عمله هو 60 دقيقة في اليوم وقد يصل إلى أكثر من ساعتين في بعض المدن”.

العيش في المدن

وتابع: “أما التحول الثالث هو تحول في طريقة عيشنا في المدن نتيجة لتزايد دور الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز في حياة الأفراد، فإذا كانت الكهرباء عصب المدن في القرن الـ20 والتي مكنت من ظهور الآلات وأتمتة الجهد البشري في الثورة الصناعية الثانية، فإن الكهرباء الجديدة لمدن القرن 21 هو الذكاء الاصطناعي”.

استغلال الموارد في المدن

وأردف: “أمّا التحول الرابع سيكون في طريقة استغلالنا للموارد في المدن، فإذا كانت التكنولوجيا تغير أسلوب حياتنا داخل المدن فهي ستغير طريقة استهلاكنا للموارد لتصبح أكثر كفاءة وصديقة للبيئة. ففي مجال الطاقة ستتحول بيوت مدن المستقبل إلى محطات مصغرة لإنتاج الطاقة الكهربائية وسيصبح كل إنسان مستهلكاً ومنتجاً للطاقة في نفس الوقت، وسيستطيع أن يزود الشبكة الكهربائية بفائض إنتاجه منها”.

تغير مفهوم تنافسية المدن

وعن التحول الخامس، قال سموه: “إنه يتمثل في تغير مفهوم تنافسية المدن وكيف ستنافس على المستوى العالمي، ومدن المستقبل العالمية ستكون بمثابة منصات مفتوحة لتواصل العقول وتطوير الأفكار والابتكار. إن معظم الابتكارات التي شكلت تاريخ البشرية كان مركزها مدناً أو تكتلات سكانية مهمة، فمنطقتنا كانت تصدر العلم لجميع حضارات العالم في زمن بيت الحكمة بسبب العقول التي كانت تجتمع فيها، وفي عصر الثورة الصناعية الرابعة وتحول الاقتصادات إلى اقتصادات معرفية، ستلعب جاذبية المدن للمواهب والكفاءات دوراً أكبر في تدفق رؤوس الأموال التي ستخلق بدورها مجالات اقتصادية ووظائف جديدة”.

اقتصادات المدن

ولفت سمو الشيخ إلى أنّ “التحول السادس هو تحول في اقتصادات المدن، إذ أن التقدم الهائل في التكنولوجيا يخلق فرصاً لازدهار قطاعات اقتصادية ووظائف جديدة تمثل أساس ثروة مدن المستقبل. ومع استمرارية وجود المجالات الاقتصادية التقليدية، تبرز أهمية المدن العالمية في المستقبل في تميزها بشكل أكبر في ثلاثة قطاعات اقتصادية مؤثرة هي: اقتصاد البيانات، الاقتصاد التشاركي والاقتصاد الدائري”.

الحوكمة والقيادة المرنة

أما التحول السابع والأخير، فرأى الشيخ أنه “تحول في الحوكمة، تحول في التشريع والعمل الحكومي”، وقال: “لا يمكن تمكين نموذج حياة مستقبلي داخل المدن دون حوكمة وقيادة مرنة، كما أن دور قيادة المدن يتغير من توفير حلول وخدمات للسكان إلى تمكين تصميم هذه الحلول بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع. فمن خلال منصات الابتكار والعصف الذهني المجتمعي سيتمكن السكان والقطاع الخاص من لعب دور أكبر في تصميم الخدمات التي تناسبهم”.

ولفت الشيخ حمدان إلى أنّ “تنافسية المدن لا تقتصر على جودة بيئة الأعمال والبنية التحتية التي أصبحت من المسلمات، بل تتركز في مجال استقطاب العقول والمواهب التي تتشكل الميزة التنافسية الرئيسية للمدن”، مؤكداً أنه “لجذب هذه العقول والمواهب لا بد من التسامح والتعايش الذي كان ولا يزال وسيبقى أساس رخاء المجتمعات وازدهارها مهما اختلف الزمان والمكان ودرجة نضوج الحضارات”.

وأوضح أنّه “لولا ثقافة التسامح والتعايش التي وصفت بها قرطبة، لما كانت منارة للعلم والحضارة في وقت كانت أوروبا تغوص في ظلمات الجهل والتطرف، ولولا انفتاح وادي السيليكون على قبول ثقافات متعددة لما استطاع استقطاب أفضل العقول من الهند والصين والعالم العربي ومن شتى بقاع العالم لبناء مركز لتكنولوجيا المستقبل، فقوة مجتمعات مدن المستقبل قائمة على التعايش والتسامح”.

وأضاف: “في ظل ثورة البيانات ودور إنترنت الأشياء داخل المدن، ستصبح المنهجية التقليدية لتصميم وصنع السياسات العامة غير مناسبة لمواكبة احتياجات مدن المستقبل، فسرعة التغيير في المحيط الخارجي لا تتناسب مع منهجيات وضعت في القرن الـ20، لهذا السبب سيكون صنع السياسات داخل المدن أكثر استباقية وفعالية”.

ورأى سمو الشيخ أنّ “استخدام البيانات التحليلية والذكاء الاصطناعي في وضع السياسات سيساهم بالقيام بتنبؤات دقيقة عن تحديات محتملة تؤثر على جودة حياة الناس مثل الازدحام المروري، والكوارث الطبيعية، والتحديات الأمنية، وأيضاً قياس أثر سياساتنا بطريقة أفضل”.

وتابع: “ستمكن المنصات المجتمعية للابتكار في تصميم حلول مبتكرة لهذه التحديات، فريادة المدن في المستقبل سترتكز على مدى مرونة تشريعاتها وانفتاحها وجرأتها على استخدام التكنولوجيا والعبقرية المجتمعية في تصميم حلول وخدمات غير تقليدية”.

وختم سموه قائلاً: “إن الاستعداد للمستقبل ليس مجرد خطة نضعها، والاستعداد للمستقبل هو عقلية نتبناها، وثقافة عمل في جميع مناحي حياتنا”.

مصدر الصورة: Twitter – @DXBMediaOffice

للمزيد:

عبدالله بن زايد يلقي كلمة في دبي