أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة 

تحت ضغط حكومات غربية من أجل الحد من المحتويات العنيفة والمتطرفة على منصة يوتيوب، لا سيما المتعلقة منها بالإرهاب، بادرت الشركة بعدد من الإجراءات الجديدة تشمل أنظمة ذكية تتعرف وتزيل آليا مقاطع الفيديو التي تتضمن مشاهد عنف. لكن هذه الوسيلة باتت تهدد بفقد العديد من المواد التي تظهر وتتناول الحرب في سوريا، والتي يرجح بقوة أن تستخدم لاحقا كأدلة لتوثيق جرائم الحرب.

يوتيوب يحذف آلاف المقاطع المصورة عن الصراع في سوريا

عانت شركة يوتيوب في السنوات الأخيرة من انتشار مقاطع فيديو على منصتها تروج لوجهات نظر تعتبر مسيئة أخلاقيا، وأخرى حتى متطرفة، لكنها لا تنتهك بالضرورة إرشادات الشركة ليتم إزالتها.

لكن في حزيران/يونيو الماضي اتخذت الشركة قرارا واضحا بمحو تلك المحتويات عبر إعلان خطة ضد ترويج أفكار ومشاهد التطرف، تعتمد زيادة أنظمة تكنولوجية ذكية وخبرة باحثين مستقلين.

وحظيت هذه القضية باهتمام وسائل إعلام عديدة تحديدا بعد هجمات لندن في حزيران/يونيو الماضي التي جاءت خطة يوتيوب في أعقابها، إذ تبين أن أحد المعتدين قد تحول إلى النشاط الإرهابي من خلال مشاهدة أشرطة على المنصة الشهيرة لواعظ  أمريكي حسب الشرطة البريطانية، التي وصفت خطبه "بالخطاب الديني والطائفي الذي يثير النعرات".

لكن سرعان ما بدأت يوتيوب تواجه بعض الإحراج، بعدما استهدفت أنظمة الفرز، وبشكل "غير متعمد" كما قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، مقاطع فيديو نشرتها منظمات حقوقية وصحافيون ووسائل إعلام سورية معارضة، توثق جرائم الحرب التي تؤكد هيئات عديدة أنها ترتكب في البلاد. فذكرت نيويورك تايمز، أن الموقع تم تزويده بآلية الحجب التلقائي للمقاطع التي تتضمن مشاهد العنف، والتي تخل بقواعد النشر.

فالحرب في سوريا تعد أحد الصراعات الأكثر وحشية في عصرنا، وفي الوقت نفسه أحد أكثر الصراعات توثيقاً بلقطات الفيديو على مر التاريخ، وذلك لتزامنها مع ثورة مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي آب/أغسطس الماضي، أعلن العديد من الصحافيين ومنظمات حقوقية ووسائل إعلام سورية معارضة عملت منذ بداية النزاع على توثيق ما يجري في سوريا، بأنه تم حذف مقاطع فيديو كانوا قد نشروها سابقا على المنصة.

مثلا، تعرضت قنوات في "يوتيوب"، تابعة  لمنظمة "إيروورز" الحقوقية، لحذف مقاطع فيديو فيها أو تعليقها، بعدما اعتبرتها الأنظمة الذكية والآلية الجديدة "متطرفة".

وأصدر يوتيوب في 13 أيلول/سبتمبر بيان توضيحيا وعد فيه بتصحيح الوضع بشأن الفيديوهات التي تم إزالتها عن طريق الخطأ بسبب النظام التلقائي لـ "التعرف على المحتوى المتطرف" الذي يعتمد على برامج ذكية. ووصفت الشركة هذه الفيديوهات التي تظهر انتهاك حقوق الإنسان في سوريا بالمؤلمة.

وأعرب نشطاء سوريون عن خشيتهم من إمكانية محو جزء من تاريخ السبع سنوات الماضية بسبب تحرك يوتيوب للحد من انتشار المحتوى العنيف واختفاء مئات الآلاف من مقاطع الفيديو في الأشهر القليلة الماضية. ويقول الناشطون إن الأدلة الحاسمة على انتهاكات حقوق الإنسان التي تتضمنها الفيديوهات قد تتعرض لخطر الضياع، لا سيما أنه يمكن استخدامها لاحقا كأدلة في المحاكم الدولية.

يوتيوب يضيف ميزة جديدة لمكافحة المحتوى الإرهابي

وقال هادي الخطيب، المؤسس المشارك لمنظمة "الأرشيف السوري" التي تعنى بتوثيق الجرائم التي ارتكبتها مختلف أطراف النزاع السوري، لشبكة "إي بي سي" الأمريكية "كأننا نكتب ذكرياتنا وتاريخنا لكن ليس في كتبنا الخاصة إنما في كتب طرف آخر والتحكم في المحتوى ليس بأيدينا".

وقال الخطيب إن حوالي 180 قناة يوتيوب متصلة بالأحداث التي تجري في سوريا أغلقت منذ حزيران/يونيو، عندما بدأت الشركة باستخدام بروتوكولات التعرف الآلي وفحص مقاطع الفيديو الحاملة لمحتوى غير مرغوب به.

ويضيف الخطيب لشبكة "إي بي سي" أنه وبالتعاون مع يوتيوب، ضمن إعادة حوالي 20 قناة على الخط، ما أدى إلى "إنقاذ" حوالي 400 ألف مقطع فيديو ولا يزال 150 ألف مقطع آخر مهددين بالاختفاء، ريثما يتخذ قرار من يوتيوب بشأنهم.

وتابع الخطيب "لا شيء يضيع إلى الأبد. لكن هذا أمر خطير جدا، لأنه لا يوجد بديل عن منصة يوتيوب".

وكان النشطاء والحقوقيون رحبوا بالسابقة التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية في آب/أغسطس الماضي، عندما أصدرت مذكرة توقيف بحق محمود الورفلي، وهو أحد قادة قوات الجنرال الليبي خليفة حفتر، استنادا على تسجيلات مصورة منشورة على موقع يوتيوب تظهره وهو يعدم أشخاصا بالرصاص، بعضهم مدنيون وبعضهم مقاتلون مصابون أو غير مسلحين.

وفيما لا يستطيع الجميع تحمل تكلفة إطلاق منصات فيديو. لعب موقع يوتيوب دورا مهما عبر توفيره حسابات شخصية مجانية للنشطاء، والتكنولوجيا اللازمة لنشر الأشرطة، وترجمتها وتحميلها في أي وقت، وهو أمر ضروري للأشخاص الذين يصورون فيديوهات توثق الانتهاكات ومختلف الأحداث الميدانية في ظروف خطيرة.

اقرأ أيضاً : 

بريطانيا تحذر من هجمات إلكترونية تستهدف قطاع الطاقة

هذه أكبر 10 تحديات ستواجهها البشرية بحلول عام 2050