أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا (ميساء الحمادي)

لطالما يتردد الحديث عن الحلقات الأضعف التي تحمل تبعات الحرب واللجوء في المكوّن البشري في سوريا، ولا تزال تبرز بشكل مستمر إلى الواجهة فئة النساء اللواتي عانين الل كثير من تبعات الحرب والعنف الدائر في البلاد أو في "تغريبة" اللجوء كذا الأمر.

وسط كل هذا، لا تزال المبادرات مستمرة، سواء أكانت رسمية أم أهلية أم فردية، مستهدفة المرأة السورية وهي تخفيف العبء الثقيل الذي تتجشمه من ظروف استثنائية وجدت نفسها فيه.

وتعمل أغلب المنظمات الإنسانية ومشاريع الإغاثة والتعليم على ذلك، لكن يبقى للمشاريع الفردية ميزة خاصة كونها تنطلق من أهداف أكثر وضوحا يطغى جانب الانتماء والغيرة الوطينة على "نساء البلد" على أية اعتبارات أخرى.

هنا، في مدينة "غازي عنتاب" جنوب تركيا، يصادفك معهد باسمه الغريب "معهد تستقل"، الذي جعل هذه الأهداف أساس عمله.

عن المعهد وأهدافه والمشاريع المختلفة التي يقوم بها، التقينا السيدة "عزيزة جلّود" مديرة المعهد التي أسسته بمجهود فردي وإمكانيات بسيطة لترتقي بالفتيات "في سن المراهقة" والسيدات إلى مستو ثقافي وتعليمي واجتماعي أفضل. افتتح المعهد بشكل رسمي في الشهر العاشر من عام 2015، بشكل مستقل تماما دون وجود أي دعم من أية منظمة أو جهة أخرى.

تعليم وتثقيف ومبادرات شخصية

تقول السيدة "عزيزة": أخذنا التسمية من أوائل حروف جملة "تجمّع سوريات تقود بالقول واللين"، وهو عبارة عن تجمع نسائي سوري من كافة الأديان والأطياف لا نفرق بين علماني ومتدين أو بين طائفة وأخرى، فهدفنا الأساسي هو المرأة بحد ذاتها.

تقول السيدة "عزيزة": "تستهدف نشاطات المعهد الفتيات من عمر 14 إلى سن 18 سنة ممن حرمن من التعليم بسبب الحرب، أو ممن يعانين من شروط اجتماعية كابحة كالبيئات المحافظة والمتعصبة والمغلقة هنا في تركيا، فتلك العائلات آثرت بقاء بناتها في المنزل خوفا عليهن من الشارع والمجتمع الجديد، على حد قولهم.

يضم المعهد ثلاث غرف، صف للخياطة وصف لتعليم اللغة التركية وصف لمحو الأمية، وتتوسع نشاطاتنا أحيانا لتشمل دورات تنقيفية وطبية وإسعافات أولية كنشاط لمرة واحدة من كل أسبوع،  وتقدم إحدى المتطوعات وهي مهندسة ديكور "أصول الإتيكيت واللباقة" في الحديث.

لدينا الآن 40 فتاة مقسمات إلى مجموعتين، كل مجموعة تأتي يومين في الأسبوع من الساعة العاشرة صباحا حتى الثالثة ظهرا، وسائل النقل مجانية وهناك معلمة خاصة لإحضار البنات حتى يشعر الأهالي بالاطمئنان، فنحن نحضرهن من مناطق بعيدة وشعبية جدا، ويوم السبت مخصص لزوجات الشهداء لمحو الأمية واللغة التركية، وكل ثلاثاء وخميس من كل أسبوع تخصص لدار الأخوة من الساعة الثالثة حتى الساعة الخامسة، والفرق بين مجموعة المراهقات ومجموعة السيدات بأننا نتحمل تكلفة نقل الفتيات والوجبات المخصصة لهن أما السيدات فهن يتحملن ذلك.

مدة الدورة الواحدة ستة أشهر، مع إمكانية التمديد في حال ارتأينا عدم كفايتهن من التمكّن من اللغات، وفي نهاية الدورة تقوم معلمة اللغة التركية بإعدادهن إلى امتحان "التومر" ونقدم أوراقهن على نفقة المعهد، نقوم باختيار الفتيات المتفوقات والراغبات في إكمال مسيرة التعليم.

مشروع تأهيلي بجهود فردية

تتابع المديرة القول: بعد تقديم التسهيلات لاكتساب الفتيات للمهارات والخبرات المطلوبة للاندماج في المجتمع التركي، تتكون لديهن كفاءات بحيث تستطعن إعالة أسرهن في المستقبل.

يعتمد التعليم وإكساب المهارات على طرق حديثة، كأسلوب "الدردشات وإشراككهن في العملية التعليمية والتثقيفية"، وبهذه الطريقة: "خرجنا عن الأساليب التقليدية المتعارف عليها في التدريس لأننا وجدناها أسرع في إيصال المعلومات والنصائح المقدمة".

عمل المدرسات تطوعي، فيتقاضين أجورا رمزية جدا، أما باقي النشاطات فهي تطوعية بحتة. وكذلك فإن الكثير من تجهيزات النشاطات هي تبرعات مختلفة من أفراد فنحن لا نتبع لأية جهة رسمية أو غير رسمية، فمثلا تبرّع صديق لنا بماكينات الخياطة وآخر تبرع بالسجاد وأنا جلبت الغاز وأدوات المطبخ والبراد من منزلي، وكل هدفي أن أصل بالفتيات إلى بر الأمان وأجعلهن قادرات على النهوض بأسرهن ولديهن القدرة على مواجهة مشكلات وآثار اللجوء والتشرد والحرب.