أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)

أصدرت وزارة الصحة في دمشق مؤخراً تعميما يجبر المعامل الدوائية على موافاة مديرية المخابر والبحوث الدوائية بعينات من كافة المواد الأولية المتوافرة لديها، مرفقة بشهادات تحليلها من المعامل. جاء ذلك رداً من حكومة النظام على العديد من الشكاوي إثر وقوع حوادث نصب وسرقة من قبل موزعين الأدوية. ووصول عدة حالات  تسمم دوائي إلى بعض المشافي والمستوصفات في دمشق تحديداً.

ارتفاع أسعار الأدوية

تم إصدار قرار من قبل وزارة الصحة برفع سعر الدواء بنسبة 50% في شهر حزيران من العام الفائت، الأمر الذي كشف السر حول الاتفاق الحاصل بين أصحاب الشركات الدوائية، التي أصبحت أهدافها ربحية، وحكومة بشار الأسد. بعد ذلك بدأت تتدهور حالة الصيدليات في سورية كما يصفها الموزع المسؤول عن منطقة الزاهرة في دمشق، يقول "ش. أ": "تصادف بعد قرار رفع سعر الأدوية بوقت قصير ظهرت نوعيات من الدواء كانت مخبأة في مستودعات معامل الأدوية بدمشق ومفقودة من الأسواق"، ويضيف: تعاني السوق السورية من شحّ أدوية الأمراض المزمنة، كالسرطان وأدوية القولون القرحي، خصوصاً بعد إيقاف استيراد بعض الأدوية، والاعتماد على الأدوية قليلة الفاعلية التي تأتي من إيران، أو لجوء السوريين للأدوية غير المراقبة أو المهرّبة من لبنان بأسعار مرتفعة.

ويوضح الصيدلي "أحمد . ج" لأخبار الآن أن نسبة رفع الأسعار لم تقف عند الـ50% كما أعلنت وزارة الصحة، بل تعدت 500% وأكثرها لبعض الأدوية المتداولة مثل "السيتامول" و"البانادول" الذي ارتفع من 75 ليرة إلى 150 ليرة سورية وتبيعه بعض الصيدليات بسعر 175 ليرة ومواد أخرى كالمراهم الجلدية مثل البانتاE التي ارتفعت من 150 إلى 1500 ليرة.  

من جانب آخر، قامت حكومة الأسد برفع أسعار الأدوية وأغذية الأطفال بأكثر من 50% دون النظر في منع وصولها للمناطق المحررة أو الحالة المعيشية التي يعانيها السوريون، فعلبة حليب الأطفال ارتفع سعرها من 1250 إلى 1700 ليرة والأدوية المزمنة بنسبة أكثر من 200% رغم رداءة الصناعة وعدم تحقيقها النسب المطلوبة للمواد الفاعلة وعدم توافرها بشكل دائم ما يدفع الكثير للمعالجة بالمشافي الميدانية محدودة الإمكانات أو اللجوء إلى الأدوية غالية الثمن عبر تركيا.

فساد مستشري ومستمر

علق أحد المرضى على قرار وزارة الصحة الصادر في الثامن عشر من الشهر الجاري بأن الصيادلة: "لم يلتزموا بالأسعار المفروضة من قبل وزارة الصحة، فتذهب لشراء أحد أصناف الأدوية وقد كُتب عليه مثلاً سعر 350 ليرة ولكنك تدفع مقابله 500 ليرة، وكل ذلك بحجة ارتفاع الدولار. زد على ذلك أن الدواء يمكن أن يكون منتهي الصلاحية ويجب إتلافه".

تقول "مريم": "اضطررنا لإسعاف أمي المصابة بمرض الضغط لإصابتها بتلبك معوي بسبب عدم صلاحية الدواء الذي اشتريناه منذ يومين، وعند تقدمنا بشكوى ضد الصيدلي قالوا لنا بأنه من غير الممكن محاسبته لأن البلد في وضع حرج ولم نعرف حقيقة علاقة هذا بأوضاع البلد، وإلى الآن ما زال الصيدلي على رأس عمله يبيع الأدوية الفاسدة".

ويتساءل "كريم" موظف 40 عاما، حول حقيقة ما يسمى بـ "وزارة حماية المستهلك": "التي بدأنا ننتظر دورها بالوقوف ضد ارتفاع أسعار كافة المواد في الأسواق، من المواد الغذائية والمحروقات إلى الأدوية"، ويتابع: لا أحد يقف بوجه الفساد في هذا البلد. وبعد كل هذا يلقون عليك اللوم كيف تهاجر ولمن تترك الأرض؟.

تقول "سلمى" المختصة باقتصاد السوق والأزمات: "كل ما تقوم به الحكومة من تعديلات فجائية للأسعار تتجاوز أحياناً ثلاثة أضعاف وأكثر من السعر الحقيقي لها، يأتي بعد ضغط من التجار والمحتكرين للمواد المهمة والمطلوبة التي يحتاجها المواطن. فبالنهاية كلهم تجار حرب، وكل زيادة فيها مكسب لكل الأطراف عدا المستهلك".

وتتابع: لطالما كانت مشكلة التلاعب بالأسعار هي لعبة التجار، والتاجر هو المحتكر والمتحكم بالسوق وبغذاء المواطنين، فكيف لوزارة حماية المستهلك أن تكون فاعلة وأمينة وهي تقف بموقف المساهم في زيادة معاناة المواطن أمام توحش غير مبسوق في الأسعار. لقد استبشرنا خيراً بها باعتبارها الملاذ الوحيد لحماية المواطن والجهة المعنية لضبط حركة الأسعار والأسواق.

ما يمكن التأكد منه أن الجهات المعنية بذلك وأهمها وزارتيّ الصحة وحماية المستهلك غير مكترثة لتلك المصيبة التي أصبحت تشغل الشارع المتعب اليوم. وجلّ ما يمكن الحصول عليه من أجوبة بعد هذا التساؤل والتمحيص أن حكومة الأسد ترهق المواطنين سواءً في ظل حضورها الإجرامي وغيابها الإجباري، وقد وصلت هذه الحكومة لمكان من الفساد لا يمكن انتشالها منه.