أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة – (زكريا نعساني) 

على الرغم من مرور عامين عليها .. إلا أن أثرها الانساني والسياسي مازال مستمرا … وهو الفعل نفسه أي الاستمرار ينطبق على المجازر في سوريا فعداد الموت هنا لا يتوقف..
إلا أن ما يعلق في ذهن السوريين اليوم بالتزامن مع احيائهم الذكرى الثانية للمجزرة.. هو أن المتسبب في هذه المجزرة مازال طليقا .. ولكن ثمة وصرار من خلال محاولات سياسية وشعبية للتعجيل بمحاكمة المتسببين بالمجزرة … 1500 من المدنيين العزل قتلوا في مجزرة بلا دماء … الحكاية الكاملة مع الزميل زكريا نعساني 

في الحادي والعشرين من آب أغسطس الفين وثلاثَ عَشْرَة استيقظ العالمُ على وقع كُبرى المجازر الجماعيةِ في سوريا راح ضحيتَها مئاتٌ من سكان غوطتي دمشقَ الشرقيةِ والغربيةِ اختناقًا بغازِ الأعصاب ، السارين ، الذي اطلقه النظامُ السوريُّ علي قرى الغوطتين ومدنِها.

عند الساعةِ الثانيةِ والنصفِ ليلا في توقيتِ دمشقَ أطلقَ النظامُ ستةَ عَشَرَ صاروخًا على مناطقَ متفرقةٍ من الغوطة الشرقية.  وفي الساعة الثانية وأربعين دقيقةً ضَرَبتْ صواريخُ النظامِ بلدةَ عين ترما ، فأصابتْ مِنطقةَ الزينية .
وبعد دقيقتين، أطلقَ النظامُ ثمانيةَ عَشَرَ صاروخًا وزَّعها على  مناطقِ عِربين وزَمَلكا وكَفَربَطنا وسَقْبا وجِسرين .
بعد ساعةٍ كان نصيبُ زَمَلكا عشَراتٌ من الصواريخ ، التي سقطتْ على المِنطقة الشرقيةِ للمدينة .

استمر إطلاقُ الصواريخِ حتى الساعةِ الخامسةِ وإحدى وعشرينَ دقيقةً فجرًا ، وهو الزمنُ الذي بدأ فيه إطلاقُ الصواريخِ على الجهةِ الأخرى من الغوطة ، أي غربًا حيث أصاب صاروخانِ مدينةَ المعضمية الملاصقةَ لحيي كَفَر سوسة ، والمزة في العاصمة دمشق 

الهلعُ أصابَ أهاليَ الغوطتين ، وبدأتِ المشافي الميدانيةُ استقبالَ المصابين بالغازات السامة عند الساعةِ السادسةِ فجرًا  وبدأ الأطباءُ تقديمَ الاسعافاتِ الأوليةِ ، وبطرقٍ بدائيةٍ لنُدرة مادةِ الانتروبين المضادةِ لهذه الغازاتِ السامة . 

قُتِل في تلك الهجماتِ ألفٌ وأربعُمِئةٍ وستةٌ وستونَ شخصًا أكثرُهُم من سكان الغوطة الشرقية التي وثَّق فيها المكتبُ الطبيُّ الموحد أسماءَ ألفٍ وثلاثِمِئةٍ وقتيلين ، منهم سبعُمِئةٍ واثنانِ وتسعونَ طفلًا وامرأةً ، أي سبعةٌ وستون في المئة من إجمالي الضحايا ، كما وثقَ المكتبُ أسماءَ تسعةِ آلافٍ وثمانِمِئةٍ وثمانيةٍ وثلاثين شخصًا ممن كانت إصابتُهم بين الخفيفةِ والمتوسطةِ ، وثلاثةِ آلافٍ وواحدٍ وأربعين شخصًا  كانت إصاباتُهم خطيرةً 

وفي المعضمية وثق المكتبُ الطبيُّ أسماءَ مئةٍ وأربعةٍ وستين قتيلا ، فضلا عن مئات المصابين بالغازات السامة .

الشهودُ والأطباءُ في مدن الغوطةِ الشرقية وبلداتِها يقولون إنهم سمعوا صوتَ انفجارٍ خفيف ،  أطلقَ غازًا انتشر بسرعةٍ كبيرة وله رائحةٌ عفنة ، ما أدى إلى أعراضٍ منها الغثيانُ وضيقُ التنفس وصعوبةٌ في الرؤية ، تحولت إلى غياب الرؤيةِ تمامًا،  في حين أصيب بعضُ الأشخاص بإغماءٍ وشللٍ تامٍ لأعضاءِ أجسامِهم وألمٍ شديدٍ في الرأس .

وبفحص بعضِ المصابين،  أيقنَ الخبراءُ أن المادةَ المستخدمةَ في تلك الهجماتِ هي غازُ السارين ، وأن من استخدمها ليلا كان على دراية تامةٍ أن الغازَ في ساعات الفجر الأولى سريعُ الانتشار لأن الرياحَ تكونُ في اتجاه الارض ما يضمنُ أكبرَ عددٍ من الضحايا ، وبهذا لا ينتشرُ إلى المناطقِ المجاورة ، خاصةً في شهر آب اغسطس الذي تندرُ فيه الرياحُ القويةُ وتكونُ حراراةُ الطقس شديدةً في تلك المِنطقة . 

بعد ساعاتٍ من وقوع المجزرة عُثِر على بقايا بعضِ الصواريخِ التي سقطت في مدينة زملكا ، وعندما حللها خبراءُ من الأمم المتحدة والهيئاتِ الدَّولية تبين أن أحدَ الصواريخ كان من نوع ثلاثِمئةٍ وثلاثين ، وهو صاروخ أرض أرض قادرٌ على حمل رؤسٍ كيماوية ، ضعيفُ الانفجار لضمان أوسعِ انتشارٍ للغازات السامةِ ، وأن صاروخًا آخرَ كان من نوع إم أربعةَ عشَرَ القادرِ على حمل رؤوسٍ كيميائية ويستطيعُ الوصولَ إلى مسافة عشَرةِ  كيلومترات.

ومن شهادات أهالي الغوطة ، وما وُثِّقَ بعد تحليل مواقعِ سقوط الصواريخ في الغوطة الشرقية تبين أن الصواريخَ أُطلِقت من  من الجهة الغربية أي من الحيط الشمالي الشرقيِّ لجبل قاسيون ورجح الخبراءُ أن مصدرَ إطلاق الصواريخ هو اللواء مئةٌ وخمسةٌ وخمسون للحرس الجمهوري ، أو من جهة مركزِ البحوثِ العلمية في جمريا القريبِ من مقرِّ اللواء حيث يتراوحُ بُعدُ تلك المِنطقة عن مكان سقوطِ الصواريخ ما بين ستةٍ ، وعشَرةِ كيلومترات. 

ردودُ الفعلِ الدَّوليةُ كانت في معظمها منددةً بهذه الجريمة فلوحتِ الولاياتُ المتحدةُ مباشرةً باستخدام القوةِ ضد النظامِ ما لم يسلمْ ترسانتَه الكيماويةَ ، ومعَ وصولِ السفن الحربيةِ إلى المتوسط رضخ بشار بمشورة من حلفيفيهِ روسيا وإيرانَ وسلم كاملَ المخزونِ الكيماوي السوري ،  وأُغلِق مِلفُ مجزرةِ الغوطتين ،وعاد بشار إلى مهاجمة المناطقِ المحررة بغازات الكلور ، ولم يتخذِ المجتمعُ الدَّوليُّ أيَّ موقفٍ جِديٍ من هذه الانتهاكاتِ حتى صدورِ قرارِ مجلسِ الأمن الدَّولي ، على استحياءٍ،  بعد سنتين من مجزرة الغوطتين لتحديد المسؤولِ عن الهجماتِ وتشكيلِ لجنةِ تحقيقٍ تعملُ سنةً أخرى ، وقد يُمدَّدُ عملُ هذه للجنة بحَسَب نصِ القرار 

مفارقة في الأمر أن هذا الهجوم الأضخم من نوعه جاء في الوقت الذي تتواجد فيه لجنة الخبراء الخاصة بالكشف عن استعمال المواد الكيماوية في مدينة دمشق بعد وصولهم الى الأراضي السورية ، علماً أن عمل اللجنة المذكورة محصور في مناطق متفق عليها