أخبار الآن | غازي عينتابتركيا (جابر المر)

لعل لجوء السوريين إليها جعلها واحدة من أشهر المدن التركية في الأونة الأخيرة، غازي عينتاب المدينة التي تعتبر خاصرة الثورة السورية بعد أن لجأ إليها السوريون بكل أطيافهم، فباتت تشبه حلب أكثر ما تشبه المدن التركية الأخرى، ومع ضغط السوريين المتزايد باتت مشكلة السكن في المدينة واحدة من كبرى المشاكل التي يعاني منها النازحون.

أجارات غالية لشقق مصممة على عجل

لم يتوقع أحد قبل الثورة السورية أن يتضخم عدد سكان غازي عينتاب إلى هذه الدرجة وبهذه السرعة المذهلة، ومع نموها العمراني الحديث الذي درج في السنوات الأخيرة، ومع إصرار الحكومة التركية على العناية العمرانية بهذه المدينة وفق خطط تنموية ممنهجة، بات من الواجب إيجاد مساكن جديدة يكمل شكلها الخارجي شكل المدينة، وتستوعب السوريين المنكوبين بأعدادهم الهائلة.

ومع التزايد اليومي لأعداد السوريين في عينتاب بات أجار الغرفة الواحدة قرابة 600 ليرة تركية أي ما يقارب قيمته 225 دولار أمريكي، لمساحة لا تزيد على عشرين مترا مربعا، وما قيمته 900 ليرة تركية لاستديوهات تتألف من غرفة وصالون صغيرين جدا. وعدا عن المساحات الضيقة فإن تجهيزات المنزل (المفروش) سيئة جدا، لمجرد أن استخدمت أية قطعة أثاث فإن ذلك سيعرضها للتلف على الفور فيصبح الوضع المرئي للسوريين جميعا وبالعين المجردة أن المنزل المؤجر لهم هو منزل جهز بأيام معدودات ضمن بناية ووحدة سكنية شيدت جميعها على عجل من قبل تجار أصحاب رأس مال لا هم لهم إلا الكسب السريع على حساب السوريين.

(الكومسيون) والفرضية غير المنطقية

الطريقة التي اعتاد عليها السوريون في استئجار البيوت ببلدهم، هي أن يدفعوا أجار الشهر الأول لصاحب المنزل ويسكنون به، ونفس المبلغ (أجار شهر) للوسيط الذي جمع بين صاحب المنزل والمستأجر، مبلغ الوساطة هذا والمسمى بالكومسيون يدفع لمرة واحدة فقط للوسيط والذي غالبا ما يكون صاحب مكتب عقاري.

ما درج في عينتاب بعد استقبال السوريين هو أن يدفع المستأجر لصاحب المنزل أجار الشهر الأول، ومبلغ (ضمان) يبقى مع صاحب المنزل يكفل به ألا يتعرض منزله لسوء ناجم عن تخريب المستخدم للأثاث مثلا، شريطة أن يعيد المؤجر للمستأجر المبلغ في حال سلمه المنزل خاليا من أي أعطال ومطابق للحالة التي استلمه عليها.

أما عن الكومسيون الغير منطقي المتبع في عينتاب فهو أن يدفع المستأجر لصاحب البيت أجار شهر (وساطة) حتى لو كان المستأجر استأجر منه المنزل بشكل مباشر وعندما تسأل صاحب المنزل عن أي وساطة يتحدث، يجيبك بأنه يترتب عليك دفعها فقط، وإن لم يعجبك بإمكانك البحث في مكان آخر، وفي الحالة هذه يضطر المستأجر أن يدفع ثلاثة أضعاف الأجار في الشهر الأول من سكنه في المنزل، أجار الشهر والوساطة والتأمين.

التأمين الضائع

عند خروج المستأجر من المنزل وتسليمه للمؤجر بحالته السليمة، يرفض معظم أصحاب البيوت إعادة التأمين لصاحبه وفق العديد من الحجج، محمود حمدان عامل سوري يعمل في أحد معامل المدينة يقول: " لقد خسرت أكثر من ألفي ليرة تركية نتيجة لنصب أصحاب البيوت علي وعدم إعادتهم التأمين لي بحجج واهية، مثلا أني أريد تسليم المنزل دون أن أبلغهم قبل شهر، مع أننا لم نتفق على ذلك عندما استأجرت المنزل".

أما حسن جبر فيطلعنا على حجة أخرى يستخدمها أصحاب البيوت فيقول:" يدعون ألا مال لديهم ليعيدوا لك التأمين فإن أردت بإمكانك الجلوس شهرا آخر في المنزل بدلا من التأمين، وفي حال أنك كنت مضطرا لتغيير المنزل ستتركه ويذهب التأمين لجيوبهم".

يحار السوريون وهم يتعرضون للنصب من معظم الأطراف الذين يتعاملون معها بعد خروجهم من بلدهم ولسان حالهم يقول ألم يكفينا ما بنا من مصائب حتى يتلقفنا النصابون في كل مكان.