أخبار الآن | السويداء – سوريا – (ريما فليحان)

لم يكن مفاجئا أن تتخذ حكومة النظام قرارأ جائرا بالصرف من الخدمة لـ 39 موظفا يعملون في مؤسسات الدولة في السويداء دون اي تعليل، فالنظام السوري لطالما حارب الشرفاء وعاقب المعارضة منهم عبر لقمة العيش فنقلهم باستمرار وطردهم من الخدمة، تسعة وثلاثون عائلة الآن فقدت مصدر دخلها تبعا لقرار رئاسة مجلس الوزارء.

في محافظة فقيرة كالسويداء ترزخ معظم الفئات العاملة تحت رحمة الراتب الشهري الذي يتقاضاه الموظفون من عملهم حيث ساهمت سياسة التفقير التي مارسها النظام طوال حكم الاسدين الى هجرة آلاف الشبان الى المغترب  حيث فرغت قرى بكاملها من الرجال ولجأ من تبقى من الشبان منهم الى الوظيفة من اجل سد رمق العيش.

كما يرزخ الريف المعتمد على الزراعة الى مواسم متقلبة بسبب اعتماد المزارع في السويداء على الامطار، فرخص الابار التي كانت تحرم منها المحافظة ساهمت في فقر الفلاح بالأرياف وضعف المردود، كما ان الاثار التي تملأ السويداء لم تقدم اي فائدة لابنائها لأن النظام تعمد في سياسسته اهمال المنطقة سياحيا ولا يوجد في مدينه كالسويداء اكثر من فندق واحد، ويذكر كل اهالي السويداء كيف تعمد النظام دفن معالم مدينة اثرية كاملة ظهرت اثناء الحفر في منطقة تسمى المشنقه بحجة ان مشروع يحمل اسم شارع الرئيس لا يجوز ايقافه !!

القرار رقم -1223- الصادر عن رئيس مجلس الوزراء جاء بعد تغيير المزاج العام بالسويداء نتيجة الهبة التي قام بها مجموعة من رجال الدين طالبت بطرد رئيس فرع الامن العسكري بالسويداء وفيق ناصر والتي عبرت عن رغبة شريحة واسعة من الناس بالسويداء بعدم حسابهم على طرف النظام ولا على اي طرف اخر وعبروا عن رفضهم لاي مظاهر احتفالية بترشيح بشار نفسه للرئاسة في السويداء حيث قلعت الخيمة الاحتفالية التي اقامها الامن امام المحافظة.

لقد حركت هذه الهبة الراي العام في السويداء مجددا باتجاه رفض سلوكيات النظام المبتذله وخاصة ما يتعلق بمحاولة اظهار الطائفة الدرزية وكانها في جيبه ومحسوبة عليه.. القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزارء هو عبارة عن تلويح بالعصا لمن يفكر من داخل معارضة السويداء اليوم بأي فعل يعبر عن الرفض مجددا خاصة قبيل مسرحية الانتخابات التي يعد لها النظام السوري لتكريس استيلاء بشار الاسد على السلطة في سوريا..  فبهذا القرار يعطي النظام للموظفين في مؤسسات الحكومة رسالة مفادها ان اي موقف مغاير لما يامر به رجل الامن والنظام في سوريا سيعني فقدان مصدر الدخل ولقمة العيش دون هواده.

الاسماء التي نص عليها قرار الصرف من الخدمة والحرمان من الراتب التقاعدي هي لأطباء ومدرسين ومدرسات وموظفين في المالية والعدلية والمركز الثقافي ومؤسسة المياه والاغلبية منهم يتبع لوزارة التربية وكل هذه الاسماء مشهود لها بالأستقامة والنزاهة والوطنية ومعروفة على المستوى الاجتماعي داخل السويداء ويبدو ان هذا الاستهداف جاء للنخب التي ابدت موقفا اخلاقيا ووطنيا مغايرا لموقف النظام اتجاه ما يحصل في سوريا 

علما أن بعض هذه الاسماء تم اعتقالها سابقا او تعرضت لعقوبات نقل خارج المحافظة قبل الثورة بسنوات بسبب تعبيرها الحر عن الراي وحسابها على المعارضة، والمعارضة في سوريا لا تعني بالضرورة الانتماء للاحزاب لأن اي فعل مدني او حقوقي او اعلامي فوق الهامش المسموح به من قبل المخابرات يعني التصنيف بشكل مباشر تحت قبعة المعارضة والزج بالسجون او التنكيل والملاحقة والحرمان اخيرا من لقمة العيش.