دمشق، سوريا، 19 ديسمبر، (سيف الدين محمد، أخبار الآن) –

غاب ليل دمشق المؤنس مع اشتداد القبضة الأمنية وغياب القانون والرقابة وغياب الدولة، ذاك الليل الدمشقي الذي كان يضم فئات المجتمع كافة دون أن تتبادر إلى أذهانهم حادثة اختطاف أو تعرض أو مجموعة سكارى من “الجيش الوطني” ترغب في المزاح مع كل الناس دونما مراعاة لحرمة ثقافة المجتمع الدمشقي.

ضواحي دمشق .. أشباح النهار

لا تشبه ضواحي دمشق المدينة العاصمة بشيء، فهنالك قطيعة كبيرة بينهما وكأنك تنتقل من مدينة إلى أخرى. فجنوب وشرق العاصمة دمشق يرزحان تحت حكم ومزاجية الحواجز في الليل والنهار، ذلك أن غياب الدولة هو الذي يجبر الأهالي على تقبل ما يصيبهم من إهانات وسرقات وغيرها. فعلى سبيل المثال يعاني الطلاب والعمال من شرور لا تنتهي عندما يذهبون إلى جامعاتهم وأماكن عملهم في المدينة وتراهم تحت جسر الرئيس يتراكضون قبل الساعة الخامسة ليتسلقوا الحافلات العائدة إلى المنطقة، لأن أي تأخير يعني نومهم في شوارع دمشق أو حدائقها في هذا الجو الشتوي البارد.

دمشق .. والليل الأسود

قصير هو يوم دمشق، بالكاد يبدأ صباحا لينتهي مع بدايات العتمة والظلام الهابط على قلب المدينة / العاصمة. فقد تحولت إلى ما يشبه قرية صغيرة محدودة محاطة بالعسكر كيفما اتجهت. وعندما يهبط أول الليل فإن الحال في دمشق يتغير. ففي ساعات النهار لا يزال المواطن يشعر بحرية الحركة خصوصا إذا لم يمر على الحواجز الطويلة والمتعبة. أما في الليل فإن الوضع يتغير كلياً، وحشة وهدوء وظلام لا يكسره إلا أضواء من هنا وهناك لـ(كولبات) الحواجز وعساكر النظام.

جنة .. للشياطين

أن يمر المواطن من الحواجز في دمشق ليلاً يعني أنه أمام احتمالين: إما التدقيق الشديد غير المبرر خصوصا إذا كانت بطاقة الهوية تابعة للمناطق الساخنة، أو أن يكون المواطن عرضة للسخرية والتهكم حسب مزاج مجموعة عناصر النظام الموجودة، والذي يجبر المواطن فيها على لعب دور المستأنس بالحديث واصطناع الضحكات والمداراة في شكل قهري مزعج.
هذا ناهيك عن ترف المشي في الشوارع وحيدا أو برفقة زوجة أو أخت أو خطيبة، لأن التحرش الجنسي قد تمادى كثيرا من قبل عناصر النظام من جهة ومن قبل تلك السيارات السوداء التي يركبها الشباب الصغار من أبناء المسؤولين الكبار والصغار ومن لف لفهم من لجان شعبية وشبيحة مع أغانيهم الصاخبة، وذلك وسط مدينة تترك شوارعها وحيدة ومعتمة إلا من شياطين النظام يسرحون فيها كيفما يريدون دون وازع أخلاقي أو إنساني و اجتماعي.