خلافات بين قادة طالبان و انقسام بين شقيها الشرقي و الجنوبي

  • انقسامات بين قادة طالبان “الجنوبيين” و “الشرقيين”
  • وكالة الاستخبارات الباكستانية تلعب دورًا استشاريًا في استراتيجية طالبان
  • طالبان تناشد الصين للمساعدة في إعادة إعمار أفغانستان

شكل استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان نقلة تحول كبيرة للأسوء حيث أن التحدي القادم للحركة يكمن في  الحفاظ على وحدتهم مع ظهور الانقسامات الإقليمية والأيديولوجية والعرقية إلى الواجهة.

طيلة ثلاثة أسابيع منذ سقوط العاصمة الأفغانية كابول في أيدي قوات طالبان والإطاحة بحكومة أشرف غني ظهرت الخلافات والانقسامات بين قادة طالبان حول تشكيل الحكومة، التي ستؤثر بشكل كبير على سياسة البلاد واتجاهها الأيديولوجي ، وتداعياتها على المنطقة.

الصراع الرئيسي داخل طالبان على السلطة والموارد ينقسم أيضا جغرافيا ويؤثر على “الجنوبيين” و “الشرقيين” للجماعة المسلحة، فسراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني الجماعة المتشددة تحت مظلة طالبان الأوسع نطاقا والتي أعلنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا “منظمة إرهابية”، يمثل اللوبي الشرقي، وتشتهر الشبكة بهجماتها على قوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي ، وبعلاقاتها بداعش خراسان الجماعة الإرهابية  التي قصفت مطار كابول، و يؤكد المسؤولون الأفغان السابقون لسنوات أن شبكة حقاني سهلت ظهور داعش في أفغانستان من خلال تزويدها بالمساعدة التقنية و تمكينها من التواصل مع الشبكات الإجرامية التي مولت عملياتها المسلحة.

و إذا حققت شبكة حقاني مكانة بارزة في أفغانستان الجديدة، فسوف تدق أجراس الإنذار في إسلام أباد وطهران وموسكو وبكين ، ناهيك عن دول آسيا الوسطى المجاورة، فوجود حقاني في الحكومة الجديدة سيختبر قادة طالبان “المعتدلين” بمن فيهم الملا عبد الغني بردار، الذين اشتركوا مع الصين وروسيا وغيرها لإظهار أن طالبان غيرت طرقها المتطرفة السابقة، وسيعني ذلك أيضًا أن باردار وفصيله الجنوبي سيكون لديهم مساحة أقل لتنفيذ إطار العمل المعتدل الذي كانوا يعدون به منذ أن بدأت طالبان المحادثات مع الولايات المتحدة في عام 2019.

باكستان ودورها في استراتيجية طالبان الجديدة

يُعتقد على نطاق واسع أن وكالة الاستخبارات الباكستانية لعبت دورًا استشاريًا في استراتيجية حرب طالبان ، والتي شهدت تحرك الجماعة المسلحة بسرعة أكبر من التقديرات الاستخباراتية المتوقعة لملء الفراغ الذي خلفه انسحاب القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، حيث قدمت باكستان ملاذًا عبر الحدود لطالبان، مع تقارير واسعة النطاق تفيد بأن عائلات كبار الأعضاء تقطن في مناطق راقية من إسلام أباد بينما تم تقديم الرعاية للمقاتلين الجرحى في المستشفيات الباكستانية.

ولكن الانقسامات ظهرت بين قادة طالبان والقادة الميدانيين عندما تم إطلاق سراح مقاتلي حركة طالبان باكستان (TTP) من السجن بعد فترة وجيزة من سيطرة طالبان على كابول حيث أن حركة طالبان باكستان عازمة على الإطاحة بالحكومة الباكستانية وتشكيل إمارة إسلامية مماثلة لتلك التي تحاول حركة طالبان الأفغانية تشكيلها.

اقتصاد  كارثي و مجاعة تلوح في الأفق

يواجه نظام طالبان خسارة مليارات الدولارات من المساعدات الدولية، حيث جمدت الولايات المتحدة أكثر من 7 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي الأفغاني المقدرة بـ 9.5 مليار دولار من العملات الأجنبية، فلجأت طالبان إلى مناشدة الصين للمساعدة في إعادة إعمار البلاد، لكن مساعدة بكين، إن وجدت فلن يكون لها تأثير قوي في إصلاح إقتصاد البلاد.

و فشلت القيادة “المعتدلة” لطالبان حتى الآن في استيعاب مختلف فصائلها حيث أن المتشددين يهددون بالانضمام إلى الشبكات العابرة للحدود الوطنية ما يعني أن الصين وروسيا وإيران سيترددون في تقديم دعم مالي كبير لحركة يمكن أن تنهار بسرعة وسط الاقتتال الداخلي، إذ أن صعود الشرقيين المرتبطين بالقاعدة وداعش وحركة طالبان باكستان في حكومة “شاملة” يمكن أن يؤدي أيضًا إلى عزل البلاد في الوقت الذي تحتاج أفغانستان إلى المساعدة الخارجية لدرء الانهيار الاقتصادي و تفادي المجاعة التي تلوح في الأفق.