المأزق التنظيري للجهاديين بشأن هجوم حماس على إسرائيل.. “تطعيج” للواقع يثير السخرية

ضيف الأسبوع، الأستاذ ميثاق عبدالله، رئيس حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز، يحدثنا عن ”مجزرة مساجد السنة“ في إيران.

  • حتى ”يريح“ الجهاديون ضمائرهم، يخرجون بتقليعات وحتى فتاوى تُظهر عمق مأزقهم التنظيري والعملي
  • في مجموعات الإعلام الرديف المناصر للقاعدة، تتجدد الإشكالات العقدية
  • لا يقتصر النفاق على الجهاديين؛ وإنما ينسحب على طالبان

”طوفان الأقصى“ تعصف بالجهاديين

بدءاً من فجر يوم السبت ٧ أكتوبر، شن مقاتلو كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس هجمات منسقة ومتزامنة على مفاصل إسرائيلية فيما يُعرف بغلاف غزة؛ فأسروا وقتلوا العشرات من الإسرائيليين جنوداً ومدنيين. العملية التي أطلق عليها اسم ”طوفان الأقصى“ شكلت صدمة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية حتى وُصفت بأنها حدث غير مسبوق.

كيف تعامل الجهاديون مع هذا الحدث؟ تعاملهم كان متوقعاً بالنظر إلى أحداث مشابهة وإن لم تكن بهذا الحجم. مواقفهم فيها تناقض واضطراب. من ناحية، يركب الجهاديون نشوة ”النصر“ باعتبار كرههم لإسرائيل.

المرصد 213 | تبعية حماس لإيران تلقي ظلالها على مناصرة الجهاديين ”طوفان الأقصى“

ولكنهم من ناحية أخرى، ينتقصون من اعتبارات الوطنية وقدسية القضية الفلسطينية. ومن ناحية ثالثة، تؤقهم تبعية حماس المعلنة لنظام الحكم في إيران وهو النظام ذاته الذي يقتل السنة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وهكذا، حتى ”يريح“ الجهاديون ضمائرهم، يخرجون بتقليعات وحتى فتاوى تُظهر عمق مأزقهم التنظيري والعملي. ومن قبيل ذلك أن يميزوا بين جناحي حماس السياسي والعسكري. بالنسبة لهم، السياسي يوالي إيران والعسكري يجاهد! وهذا تطعيج للواقع يثير السخرية.

”طوفان“ وإعلام القاعدة الرسمي

رسمياً، نشر تنظيم القاعدة في اليمن بياناً، فجر الاثنين ٩ أكتوبر، يشيد بالهجوم الذي نسبه إلى كتائب القسام من دون أن يذكر حماس. البيان دعا الجوار الفلسطيني إلى مساندة الفصائل في الداخل باعتبار أنهم ”أقرب“ جغرافياً. كما ألمح إلى الخلاف العقدي الذي يعتمل في الجماعات الجهادية في كل حدث مشابه فدعا الفصائل الفلسطينية إلى الوحدة ونبذ ما ”يورث الفرقة والخلاف بينكم وبين إخوانكم المسلمين.“

فرع القاعدة في شبه القارة الهندية سبق في إصدار بيان يوم ٨ أكتوبر أشادوا فيه أيضاً بكتائب القسام من دون أن يذكروا حماس.

الجهاديون: الوطنية كفر

في مجموعات الإعلام الرديف المناصر للقاعدة، تتجدد الإشكالات العقدية التي لم ينبرِ مُنظر جهادي لحسمها اليوم.

الإشكال الأول يتعلق بمفهوم الوطنية – فالوطنية عند هؤلاء الجهاديين ضرب من الكفر. أحدهم وضع العلم الفلسطيني في منشور، فسأله آخر:”لماذا هذا العلم؟ هل الموت في سبيله شهادة؟“

زاد آخر مستنكراً: ”يقاتلون (أي حماس) لأجل الوطنية؛ ونحن نمدح ونبجّل بهم وكأنهم جنود الله المختارين!“

الجهاديون وأحادية ”الجناح“

الإشكال الثاني يتعلق بتبعية حماس لنظام الحكم في إيران. وما انفك قادة حماس يحتفون برموز إيران في قلب غزة ومنه احتفاؤهم بقائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي نكّل بالأبرياء في سوريا والعراق واليمن.

وفي ضوء دعوة المتحدث باسم كتائب القسام محمد الضيف ” إخوتنا في المقاومة“ في إيران وسوريا والعراق واليمن إلى مناصرة الجماعة، دعا حساب في إعلام القاعدة الرديف إلى ”قطع الطريق“ على إيران.

المرصد 213 | تبعية حماس لإيران تلقي ظلالها على مناصرة الجهاديين ”طوفان الأقصى“

يقول: ”اسبِقوا الروافض. لا نريد أن تَدخل إيران وأذرُعُها هذه المعركة قبل المسلمين، لا نريد أن يتاجر الرافضة بأيّ معركةٍ لنا.“

حساب قناة الحكمة والأثر للقاعدي الصادق أبي عبدالله الهاشمي، قال: ”حماس تلعب بالنار وتهزأُ بأمة المليار… ما زالت حماس متمثلة في قادتها تؤكد للأمة من أهل السنة أنها ليست منهم في شيء ، وأنها اختارت خندق الرافضة وانحازت إليهم بامتياز.“

حساب ابن تيمية – فوائد علمية – وهو أيضاً حساب قاعدي قال: ”أكثر ما نغّص علينا فرحة الفتك بكيان إسرائيل هو المحور الإيراني الرافضي الذي تبنى هذه العمليات وجعلها امتدادًا لصندوق إنجازات عدو الله الخميني، وكأنه ولابد أن تكون فرحة المسلمين مبتورة، بسبب حماقات من ضيع البوصلة.“

منظرو الجهادية: إغفال أو تكفير

إذاً، إيران تشكل عقبة تنظيرية وعملية. هل تؤيد القاعدة حماس وهي تشن ”طوفان الأقصى“؟ والسؤال الأكبر: كيف سيتعامل أنصار القاعدة مع قيادة التنظيم التي تتخذ من إيران وطناً ومنطلقاً، ونقصد تحديداً سيف العدل؟ السؤال الثاني مؤجل. أما الأول، وفي محاولة البعض للترقيع، لجأوا إلى التمييز بين حماس الحكومة وحماس الحركة. يقول أحدهم إن ”جماعة حماس تأسست تأسيساً شرعياً … أما حماس الحكومة فهذه التي يكثر فيها القول وتختلف الأقوال لكثرة مخالفاتها الشرعية.“

منظر الجهادية، هاني السباعي، من لندن لم يُبدِ حتى الآن تفصيلاً في هذه الناحية وسارع إلى التصريح بأن ”طوفان الأقصى“ أدخل ”سروراً“ إلى الأمة وأنه سينتهي ”نهاية سعيدة.“ لكن صديقه طارق عبدالحليم من كندا فصّل في سيطرة إيران على حماس وغيرها من الجماعات الإسلامية في قطاع غزة. كتب على منصة إكس: ”الجند المحاربون، لا علم لهم بالتحركات الاستراتيجية والعلاقات .. بل هم يموتون ويستشهدون، ظانين أنهم تحت مظلة سنية جهادية، خاصة في القسام، أما في حركة الجهاد، فلا؛ رافضيتها واضحة ولا عذر لهم.“

هل يأخذ أنصار القاعدة بهذا التمييز أم تتسع الهوة بين التنظير والفعل. نقرأ في حساب قاعدي وازن باسم ”نادر عمران“ عن ”اهتمام الفصائل الفلسطينية بالكوادر … (من حيث) رصد ميزانية خاصة لا تقل عن ميزانية العسكرة للإنفاق عليهم وتدريبهم.“ ما نقرأه هنا هو أنه لا يمكن التفريق بين جناح سياسي وعسكري. كلاهما يعتمد على الآخر. لا وجود لأحدهما بمعزل عن الآخر. وهنا مربط الفرس. فموقف منظري الجهادية من حماس، جاء مبنياً على هذا التمييز حتى وصل إلى حد تكفير حماس؛ ما أحدث اضطراباً في أوساط الأنصار. فمثلاً. يقول أحدهم: ”لا أحد من مشايخ تنظيم القاعدة كفر حماس.“ فيجيب آخر: ”كلامك غير دقيق ، من كبار علماء القاعدة كفروهم بشكل صريح.“ وهذا صحيح.

نعود إلى ما قاله منظر الجهادية السلفية أبو محمد المقدسي في موقعه ”منبر التوحيد“ الذي كان يستقبل أسئلة تستدعي إجابات فقهية؛ وهو ما استعرضناه في الحلقة ٨٨ من هذا البرنامج عندما نشب خلاف مماثل بين الأنصار على خلفية قصف إسرائيل قطاع غزة في أواخر رمضان العام ٢٠٢١.

في ٢٣ سبتمبر ٢٠٠٩، كتب المقدسي في منبر التوحيد إجابة على سؤال، وقال: “فمن كان من كتائب القسام لا ينصر الحكومة (أي حكومة حماس) التي تعطل شرع الله وتحكم بالقوانين الوضعية وتتخذ الديمقراطية التشريعية منهجا … إن وجد (هذا العنصر) فلا نكفره؛ لكن … مثل هذا لا يمكن أن يوجد إلا باعتزاله العمل وبقائه تحت كتائب القسام بالاسم فقط.”

بعد أربعة أيام من الإجابة هذه، ناقض المقدسي نفسه عندما قال إنه: “لم يصدر مني تكفيرا للحركة ولا تكفيرا لكتائب القسام بالعموم ولا بالتعيين.“

لا مفرّ!

يتخبط أنصار القاعدة مرة أخرى وهم يبحثون عبثاً عمّا يبرر صحة منهجهم. الحساب المناصر الوازن ”اليقين“ قال إن طالبان، التي يتخذونها قدوة، ” ”تطالب من الدول المحيطة بإسرائيل فتح حدودها.“ رد عليه زميله في الإعلام ذاته وقال: ”غير صحيح أخي… البيان صدر من إحدى الحسابات المزيفة باسم طالبان.“

مناصرو هتش: غزة مثل إدلب

عبدالرحيم عطون القيادي في هيئة تحرير الشام، ساوى بين سوريا وغزة داعياً ”للمجاهدين“ هنا وهناك.“ لكن المسألة الإيرانية ظلّت معضلة؛ فنقل منشوراً يقول: ”وبينما ينشغل أبطال الجهاد والمقاومة في فلسطين بإذلال العدو الصهيوني … ينشغل أدعياء المقاومة بقتل المسلمين والآمنين في إدلب الحرة والشمال السوري المحرر!“

أبو محمود الفلسطيني، تلميذ أبي قتادة المؤيد للهيئة، علق على دعوة الضيف ”المقاومة“ في لبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا ”للالتحام مع المقاومة بفلسطين،“ وسأل: ”وهل زنادقة الحوثي مقاومة يا محمد الضيف؟“

آخرون في إعلام الهيئة الرديف اعتبروا طوفان الأقصى ”مسرحية جديدة من تمثيل مرتزقة إيران“ وأن ”الخاسر الأكبر والأول والأخير (فيما يحدث) هم المسلمون.“

معارضو هتش: الطريق إلى القدس تمر بالقدس

معارضو الهيئة لم يخفوا احتفاءهم بهجمات القسام، وإن أظهر بعضهم حذراً بسبب تبعية حماس لإيران. في المطلق انتهزوا الفرصة لضرب نهج الهيئة.

المرصد 213 | تبعية حماس لإيران تلقي ظلالها على مناصرة الجهاديين ”طوفان الأقصى“

حساب ”أبو هادي“ كتب: ”لقد تبين كذب إيران … أن طريق القدس يمر بالعراق وسوريا ولبنان واليمن … وقد كذب (حزب الله) … بأن طريق القدس يمر بالقلمون والقصير، وتبين كذب الجولاني … بأن طريق القدس يمر من ريف حلب أو سهل الغاب. طريق تحرير القدس يمر بالقدس وفلسطين فقط.“

زلزال هيرات

رحم الله من قضى في زلزال أفغانستان.

في يوم السبت ٧ أكتوبر، ضرب زلزال قوي منطقة هيرات غرب أفغانستان ما خلف أكثر من ٢٤٠٠ قتيل. الزلزال بقوة ٦،٣ قيل إنه الأقوى في المنطقة منذ سنوات.

في إعلام القاعدة الرديف، دعت حسابات بالرحمة لمن توفي والسلوان لأهلهم. لافتين إلى أن ”هذه الكارثة لم تحظ بتغطية إعلامية مناسبة مع انشغال العالم بأحداث غزة.

من ذكر الكارثة من أنصار القاعدة، ذكرها في هذا الإطار. والسؤال هو: هل ستتعامل القاعدة وقنواتها مع زلزال أفغانستان كما تعاملت مع زلزال المغرب الشهر الماضي؟ هل ستخرج القاعدة وقنواتها ببيانات تقول إن زلزال أفغانستان نذير معصية؟ وأن حكام أفغانستان عاثوا في الأرض فساداً فعوقب الشعب بالزلزال لسكوته عنهم؟ هاشتاغ جهل؛ هاشتاغ نفاق.

لا يقتصر النفاق على الجهاديين؛ وإنما ينسحب على طالبان. الصحفي الأفغاني أحمد سيد، علّق مخاطباً قيادة طالبان: ”يقع زلزال قوي في بلدك … بحيث لا يجد الناس منذ يومين ما يأكلون أو ما يؤويهم … ومع ذلك لا تعلن عما قمت به للحصول على دعم دولي لشعبك … لكن أن تقوم بنشر بيانات رسمية وبعدة لغات منذ يومين تبدي فيها قلقك من قرار إسرائيل قطع الكهرباء والمياه عن قطاع غزة، وتحاضر على العالم بحقوق الفلسطينيين … ماذا عن حقوق شعبك عليك؟“

القحطاني – غيت

في آخر تطورات قضية عمالة أبي ماريا القحطاني. نقل حساب أبو هادي على التلغرام أن هيئة تحرير الشام نفذت حكم الإعدام في بعض من ثبتت عليهم تهمة العمالة للتحالف وروسيا وقال إن هؤلاء ينتمون إلى ”شبكة العملاء“ التابعة للقحطاني المعتقل على ذمة القضية ذاتها.

في الأثناء، تابع حساب وحي وخواطر لأبي العلاء الشامي وكان منشقاً عن الهيئة، نشر ”الرواتب“ التي تلقاها عناصر خلية التخابر. الأرقام صادمة؛ إذ إن راتب الأمير الأمني، ومنهم المتهمون بالعمالة، يصل إلى ٢١٠٠ دولار، وهذا الرقم يعادل راتب سرية كاملة من القوات الخاصة في الهيئة أو مجموعة ونصف من العصائب الحمراء الانتحاريين أو راتب ٤ أساتذة جامعة من حملة الدكتوراة أو ٤ وزراء من المستوى المتوسط، أو طبيبين جراحين متخصصين.