التعليم والسلام.. معاً نحو عالمٍ أفضل

يشهد العالم موجة من الصراعات العنيفة حيث أن هناك ارتفاع مقلق في خطاب الكراهية والتمييز والتعصب، ونظراً لذلك فإن الالتزام العميق بالسلام أصبح ضرورياً أكثر من أي وقتٍ مضى، وهنا يأتي دور التعليم، فالتعلم الراسخ في حقوق الإنسان والحوار والتضامن والمساواة أمر أساسي لخلق مجتمعات أكثر عدلاً وسلمية.

وبمناسبة اليوم الدولي للتعليم لهذا العام الموافق 24 كانون الثاني/يناير، قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” بتسليط الضوء على أهمية التعلم من أجل السلام والدور المهم للتعليم والمعلمين في مكافحة خطاب الكراهية.

توصية اليونسكو حول التعليم من أجل السلام

يلعب التعليم دوراً مصيرياً في تشكيل مستقبل سلمي، وقد تم الإجماع على ذلك في نوفمبر 2023، عندما اعتمدت جميع الدول الأعضاء في اليونسكو، البالغ عددها 194 دولة، التوصية الجديدة بشأن التعليم من أجل السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة في الدورة الثانية والأربعين للمؤتمر العام الماضي، وهو الأداة العالمية الوحيدة التي يتم استخدامها لوضع المعايير المحددة لكيفية استعمال التعليم من أجل تعزيز التنمية البشرية وتحقيق السلام الدائم عبر 14 مبدأ توجيهياً.

في يومه العالمي.. كيف يسهم التعليم في صناعة السلام في ظل الصراعات الراهنة؟

تعترف التوصية بأن التعليم بجميع أشكاله وأبعاده، داخل المدارس وخارجها، يساهم بشكل كبير في تشكيل طريقة رؤيتنا للعالم ومعاملتنا للآخرين، ويمكن أن يكون وسيلةً لبناء السلام الدائم.

كما يشير النص لمدى حاجتنا إلى تحولات إيجابية في مجالات متعددة، بدءاً من التقنيات الرقمية إلى أزمة المناخ والمساواة بين الجنسين.

التعليم هو استثمار طويل الأمد للسلام

ويعتبر النظام التعليمي الذي يتمتع بالموارد الجيدة والمتغير هو بمثابة أداة أساسية طويلة المدى لمنح السلام وبناءه واستدامته.

وهذا يقع في صميم عمل اليونسكو في مجال المواطنة العالمية وتعليم السلام، ومن خلال ضمان حصول جميع المتعلمين على التعلم الجيد والملائم، فإن التعليم يرسي الأساس للسلام قبل وأثناء وبعد الصراعات.

ومن الأهمية بمكان، خلال أوقات الأزمات، أن يصبح من الأهمية بمكان الحفاظ على استمرارية التعلم، وخاصة للفئات المهمشة، ودمج التعليم في جهود بناء السلام العالمية.

إن الدور الأكثر تأثيرًا للتعليم في السعي لتحقيق السلام والعدالة الاجتماعية هو قدرته على تمكين المتعلمين ليصبحوا عوامل تغيير في مجتمعاتهم. ومن خلال غرس المهارات المعرفية والاجتماعية والعاطفية، يصبح التعلم أداة قوية لمواجهة خطاب الكراهية وتعزيز التفاهم.

في يومه العالمي.. كيف يسهم التعليم في صناعة السلام في ظل الصراعات الراهنة؟
ماهية خطاب الكراهية وتأثيره على المجتمعات

يزيد خطاب الكراهية من التحيز والتمييز، ويمكن أن يؤدي إلى انتشار العنف وتمكينه، وهو بمثابة تهديد لمبادئ الشمول والتنوع وحقوق الإنسان، ويستطيع أن يلحق الأذى الشخصي ويحرض على العنف الذي يستهدف المجموعة.

وكذلك تفاقم هذا الأمر بسبب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والأزمات الجديدة والمطولة التي ما زالت تحدث في مناطق مختلفة من العالم وهذا يؤثر بشدة على سلامة وأمن المجتمعات.

وقد كشفت دراسة استقصائية حديثة أجرتها اليونسكو/IPSOS في 16 دولة أن 67% من مستخدمي الإنترنت هم الذين أبلغوا عن تعرضهم لخطاب كراهية إلكترونياً، وأن 85% كانوا قلقين بشأن تأثير المعلومات المضللة وبالأخص على مواطنيهم، معتبرين بأنها تهديد حقيقي يمكن أن يزعزع استقرار المجتمعات.

يوفر التعليم العديد من الفرص التي تساعد على معالجة الأسباب الجذرية لخطاب الكراهية وتوعية المتعلمين من جميع الأعمار بأشكاله المتعددة وعواقبه داخل الإنترنت وخارجه. ويشمل ذلك تزويد المتعلمين بالمهارات اللازمة للتعرف على الكراهية والظلم والرد عليهما، وإعدادهم لاحترام التنوع وحقوق الإنسان، وتعليمهم كيفية التعرف على خطاب الكراهية وحرية التعبير والفرق بينهما.

وفي عام 2023، نشرت اليونسكو دليل “التصدي لخطاب الكراهية من خلال التعليم” لمساعدة صناع القرار على تعزيز سياساتهم العامة في هذا المجال.