أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (صحف)

يحتفل المسرحيون في الـ 27 من آذار/ مارس من كل عام باليوم العالمي للمسرح ، وكان أول مرة في عام 1962

بهدف ترويج هذا الفن عبر العالم ، ونشر المعرفة بين الناس حول قيمة النموذج الفني ، إضافة إلى تمكين المجتمعات لهذا الفن في نطاق أوسع، حتى يدرك صُناع القرار قيمة هذه النماذج الفنية ودعمها والتمتع بها في حد ذاته.

ولم يكن اختيار تاريخ 27 آذار/ مارس عبثياً أو غير مقصود حتى يكون اليوم العالمي للمسرح، بل تم اختياره كونه نفس تاريخ افتتاح “مسرح الأمم” في العام 1962، خلال موسم المسرح في العاصمة الفرنسية باريس، المسرح الذي كان يحمل اسم “مسرح سارة برنار/Bernhardt Sarah “، حیث كانت التقالید الثقافیة الخاصة بالمھرجان المسرحي حينها، تبدأ في يوم 27 من آذار/ مارس، بتقديم العديد من العروض المسرحیة في مختلف المسارح العالمیة، والذي أصبح تقلیداً عالمیاً للإحتفال بالمسرح كل عام.

في هذا العام كتب المخرج والدراماتورج “كارلوس سيلدران”، من دولة كوبا، استاذ المسرح بجامعة هافانا بكوبا، رسالة اليوم العالمي للمسرح، وترجمها المخرج والكاتب سفيان عطية، مدير مسرح العلمة بالجزائر.

وجاء نص رسالة المسرح هذا العام كالتالي: قبل معرفتي بالمسرح والتعرف عليه، كان أساتذة المسرح الذين هم أساتذتي موجودين هنا، كانوا قد بنوا إقامتهم ومناهجهم الشعرية على بقايا حياتهم الشخصية، الكثير منهم الآن غير معروفين أو لا يستحضرون كثيرا في الذاكرة، حيث كانوا يعملون في صمت وفي قاعات التدريبات المتواضعة داخل مسارح مزدحمة بعد سنوات من العمل والإنجازات الرائعة، راحت أسماؤهم تتوارى تدريجيا ثم اختفوا، عندما فهمت أن قدري هو اتباع خطواتهم فهمت أيضا أنني ورثت من تقليدهم الفريد والمدهش العيش الآن وفي الحاضر دون أن آمل سوى إلى الوصول لتلك اللحظة الشفافة وغير القابلة للاستنساخ، لحظة اللقاء مع الآخر في ظل المسرح، لا يحمينا إلا صدق إيماءة وكلمة تعبر عن الكثير.

وتابع: “موطن مسرحي هو لحظات اللقاء مع الجمهور القادم إلى قاعاتنا ليلة بعد ليلة من الأحياء المختلفة بمدينتي لكي يرافقنا ويتقاسم معنا بعض الساعات، بعض الدقائق.. من هذه اللحظات المنفردة تتكون حياتي، عندما أكف من أن أكون أنا، من أن أتألم لأجلي وأُولد من جديد وأنا مدرك ومستوعب لمفهوم المهنة المسرحية: أعيش الحقيقة المطلقة للحظة سريعة الزوال، عندما يصبح ما نقوله ونفعله تحت نور الأضواء الكاشفة حقيقيا ويعكس أعمق الحنايا من أنفسنا وأكثرها شخصية، وموطن مسرحي ومسرح الممثلين معي هو وطن منسوج من لحظات نتعرى فيها من كل أقنعتنا، من البالغة، نتعرى ربما مما يمكن أن نكون نحن ونمسك بأيدي بعضنا البعض في الظالم، التقليد المسرحي أفقي، لا يمكن لأحد أن يجزم بأن هناك مركزا عالميا للمسرح في أي مدينة، كانت أو في أي صرح متميز كان، المسرح كما عرفته ينتشر حسب جغرافيا غير مرئية ويختلط مع حياة الذين يمارسونه، الفن المسرحي إيماءة توحد بين الناس، كل أساتذة المسرح يحملون معهم إلى قبورهم لحظاتهم التي يتجسد فيها الوضوح والجمال والتي لا يمكن أن تعاد مرة أخرى، كل واحد منهم يضمحل بالطريقة نفسها بدون أي رد الاعتبار لحماية عطائهم وتخليدهم، وأساتذة المسرح يعرفون كل هذا يقينا، لا يمكن لأي شكل من أشكال الاعتراف بالجميل أن يكون صالحا خارج هذا اليقين الذي هو أساس عملنا، خلق لحظات حقيقة، إبهام، قوة، حرية وسط هشاشة محفوفة بالمخاطر، لا شيء يبقى إذا استثنينا المعلومات والتسجيلات من صور وفيديوهات التي تحمل بين ثناياها فكرة باهتة عن منجزاتهم، فكل هذه التسجيلات ينقصها الردود والتفاعلات الصامتة لجمهور فهم أن تلك اللحظة لا يمكن أن تترجم ولا أن يلتقي بها خارج ذاته، وإيجاد هذه الحقيقة التي يتقاسمها مع الآخرهي تجربة حياة بل أكثر شفافية من الحياة نفسها لبعض الثواني.”

وأضاف: “عندما فهمت أن المسرح في حد ذاته موطن ومساحة شاسعة تغطي العالم، نشأ في أعماق نفسي قرار وهذا القرار في ذاته تحرر لا تبتعد من المكان الذي أنت فيه، لا جدوى من الركض والتنقل، حيث ما كنت يكون الجمهور، يكون الرفقاء الذين تحتاجهم بجانبك هناك خارج منزلك توجد الحقيقة اليومية المبهمة والغير قابلة للاختراق، اشتغل وفق هذا الجمود الواضح لتحقق أكبر رحلة على الاطلاق، تبدأ من جديد، من زمن المغارات، كن أنت المسافر غير القابل للتغيير والذي لا يتوقف عن تسريع كثافة وصلابة حقيقة عالمك، حيث تتجه رحلتك نحو اللحظة، الوقت والتقاء أشباهك، رحلتك تتجه نحوهم نحو قلوبهم، نحو ذاتيتهم، سافر في داخلهم، في مشاعرهم، في ذكرياتهم التي توقظها وتجمعها، رحلتك مذهلة، لا أحد يمكن أن يعطيها حق قدرها أو يسكتها، ولا أحد يمكنه أن يقيس حجمها الصحيح، إنها رحلة في مخيلة شعبك، بذرة مغروسة في أبعد أرض موجودة بالوعي المدني، الأخلاقي والإنساني للمتفرجين عليك،وهكذا أبقى غير قابل للتغيير، دائما في بيتي مع أهلي في هدوء واضح أعمل ليل نهار، لأن لدي سر الانتشار والتوغل”.

المزيد:

مسرح المجاز يختتم أمسياته بـ ماجد المهندس