لماذا لن يستطيع العالم تحمل التكلفة الاقتصادية لحرب تايوان؟

الضربة التي سيتلقاها الناتج المحلي الإجمالي العالمي ستصل لـ14%

لن يستطيع العالم تحمل تكلفة حرب صينية في تايوان، حيث ستكون التكلفة الاقتصادية مرهقة على الاقتصاد العالمي بجميع قطاعاته.

تقدر بلومبرج إيكونوميكس التكلفة بنحو 10 تريليون دولار، أي ما يعادل حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يجعل الضربة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وجائحة كوفيد-19، والأزمة المالية العالمية 2007-2008 ضئيلة للغاية أمام حرب تايوان.

إن الثقل الاقتصادي والعسكري المتزايد للصين، والشعور المتزايد بالهوية الوطنية في تايوان، والعلاقات المتوترة بين بكين وواشنطن، كلها أمور تعني أن الظروف الملائمة لحدوث الأزمة أصبحت قائمة.

الانتخابات التي ستجرى في تايوان في 13 يناير/كانون الثاني قد تكون بمثابة نقطة اشتعال محتملة، حيث توقع بعض الخبراء أن هناك احتملاً كبيرًا لغزو صيني وشيك.

درس أوكرانيا وغزة

إن اندلاع الحرب في أوكرانيا وقطاع غزة يشير لمدى إمكانية تحول التوترات المستمرة منذ فترة طويلة إلى صراع.

لذلك فإن المستثمرين والمخططين العسكريين ومجموعة كبيرة من الشركات التي تعتمد على أشباه الموصلات في تايوان، يتحركون بالفعل للتحوط ضد المخاطر.

ويعكف خبراء الأمن القومي في البنتاغون، ومؤسسات الفكر والرأي في الولايات المتحدة واليابان، والشركات الاستشارية العالمية، على دراسة سيناريوهات تتراوح بين فرض “الحجر الصحي” الصيني على تايوان، إلى الاستيلاء على جزر تايوان النائية، ثم الغزو الصيني واسع النطاق.

10 تريليون دولار.. لماذا لن يستطيع العالم تحمل التكلفة الاقتصادية لحرب تايوان؟

أزمة تصنيعية

يقول جود بلانشيت، خبير الشؤون الصينية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن الاهتمام بأزمة تايوان من جانب الشركات المتعددة الجنسيات التي يقدم لها المشورة “قد انفجر” منذ الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، وأضاف أن الموضوع يظهر في 95% من المحادثات.

إن غزو روسيا لأوكرانيا، ونقص أشباه الموصلات مع إعادة فتح الأسواق العالمية من عمليات الإغلاق الناجمة عن فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)، يقدمان لمحة بسيطة عما هو على المحك بالنسبة للاقتصاد العالمي، علمًا بأنه سيكون تأثير الحرب في مضيق تايوان أكبر بكثير.

تصنع تايوان معظم أشباه الموصلات المنطقية المتقدمة في العالم، والكثير من الرقائق المتطورة.

على الصعيد العالمي، يأتي 5.6% من إجمالي القيمة المضافة من القطاعات التي تستخدم الرقائق كمدخلات مباشرة – ما يقرب من 6 تريليون دولار.

يبلغ إجمالي القيمة السوقية لأفضل 20 عميلًا لشركة تايوان العملاقة لصناعة أشباه الموصلات (TSMC) حوالي 7.4 تريليون دولار، ويعد مضيق تايوان أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم.

كيف ستؤثر الحرب؟

وضعت بلومبرج إيكونوميكس نموذجين لسيناريوهين: الغزو الصيني الذي يجر الولايات المتحدة إلى الصراع المحلي، والحصار الذي يقطع تايوان عن التجارة مع بقية العالم.

وبالنسبة للأطراف الرئيسية، والاقتصادات الكبرى الأخرى، والعالم ككل، فإن الضربة الأكبر تأتي من أشباه الموصلات المفقودة. سوف تتوقف خطوط المصانع التي تنتج أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية – حيث تعتبر الرقائق المتطورة في تايوان هي “البرغي الذهبي” الذي لا يمكن استبداله، كما ستتعرض صناعة السيارات والقطاعات الأخرى التي تستخدم الرقائق المنخفضة التكلفة لضربة كبيرة أيضًا.

10 تريليون دولار.. لماذا لن يستطيع العالم تحمل التكلفة الاقتصادية لحرب تايوان؟

وسوف تؤدي الحواجز أمام التجارة والصدمة الكبيرة الناجمة عن العزوف عن المخاطرة في الأسواق المالية إلى زيادة التكاليف.

في حالة الحرب، سوف يتم تدمير اقتصاد تايوان. واستنادًا إلى الصراعات الأخيرة المماثلة، تقدر بلومبرج إيكونوميكس ضربة بنسبة 40٪ للناتج المحلي الإجمالي.

وبالنسبة للصين، مع انقطاع العلاقات مع الشركاء التجاريين الرئيسيين وعدم القدرة على الوصول إلى أشباه الموصلات المتقدمة، فإن ناتجها المحلي الإجمالي سوف يعاني من ضربة بنسبة 16.7%.

وبالنسبة للولايات المتحدة، سينخفض ​​الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.7٪.

وبالنسبة للعالم ككل، سينخفض ​​الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10.2%، وستكون كوريا الجنوبية واليابان واقتصادات شرق آسيا الأخرى الأكثر تأثراً.

ماذا لو حاصرتها الصين؟

قامت بلومبرج إيكونوميكس أيضًا بوضع نموذج لما سيعنيه الحصار الذي تفرضه الصين على تايوان لمدة عام بالنسبة للاقتصاد العالمي:

بالنسبة لتايوان، الاقتصاد الصغير المفتوح الذي ازدهر من خلال التجارة، فإن الناتج المحلي الإجمالي في العام الأول سينخفض ​​بنسبة 12.2%.

وبالنسبة للصين والولايات المتحدة والعالم ككل، فإن الناتج المحلي الإجمالي في العام الأول سينخفض ​​بنسبة 8.9%، و3.3%، و5% على التوالي.

تأثر القطاعات الاقتصادية

تفترض سيناريوهات بلومبرج إيكونوميكس أن كل الإنتاج الذي يستخدم أشباه الموصلات كمدخلات سيتأثر في حالة الحرب أو الحصار على تايوان.

بالنسبة للإلكترونيات المتقدمة مثل الهواتف الذكية التي تستخدم رقائق منطقية متطورة، فإن هذا يترجم إلى انخفاض بنسبة 60% في الإنتاج في سيناريو الحصار، ويرتفع إلى 85% في سيناريو الحرب عندما يتم أيضًا تقليص الوصول إلى الإنتاج الكوري الجنوبي.

كيف ستؤثر "حرب تايوان" حال حدوثها على الاقتصاد العالمي؟

 

بالنسبة للقطاعات التي تستخدم الرقائق المنطقية المتطورة، مثل تلك المستخدمة في السيارات والإلكترونيات المنزلية، فإن هذا يعني 35% في سيناريو الحصار عندما يتوقف إنتاج تايوان عن العمل، و62% في سيناريو الحرب عندما يكون الإنتاج من الصين واليابان وكوريا الجنوبية متوقف أيضًا.

إذا انخفض إنتاج كل القطاعات التي تستخدم الرقائق الرائدة والمتأخرة إلى الصفر، فإن الضربة التي يتلقاها الناتج المحلي الإجمالي العالمي في سيناريو الحرب ستزيد من 10.2% إلى 14%.

الصين “بالونة هوائية”.. وستخسر في الحالتين

من جانبه يصف الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل النحاس، الصين بأنها بالونة مليئة بالهواء، وقد ضربت الولايات المتحدة مسمارًا بها في أكتوبر قبل الماضي عندما أغلقت تصدير الرقائق وأشباب الموصلات.

ويضيف النحاس، أن اقتصاد الصين اقتصاد وهمي كاذب، فهي دولة مديونة بـ57 تريليون للعالم، متهمًا الحكومة الصينية بالكذب وتصدير أرقام كاذبة.

ويرى النحاس أن الصين وروسيا متخلفين عن الولايات المتحدة في قطاع أشباه الموصلات بما يوازي 15 عامًا من التطورات، واعتبر أن سبب ذلك أن تطور الصين قائم على سرقة براءات الاختراع.

واعتبر النحاس أن “أمريكا عرقلت الصين” في الفترة الماضية، واعتبر أن كل من يراهن على الصين خاسر، وتوقع أن يسقط اقتصادها في 2024، كما توقع أن تقوم روسيا ببيع ذهبها في أبريل 2024 لتبدأ في السير على منحدر السقوط، وهذا سيعمل على خلخلة الوضع الصيني.

وقال النحاس إن الصين سواء دخلت تايوان أم لا فإنها ستفقد نفوذها قريبًا.