يؤثر التضخم علينا جميعًا، لكننا لا نشعر بالصدمة بنفس الدرجة، فهناك تفاوت بين جميع الأسر في تلقي صدمة ارتفاع الأسعار.

جارك قد يشعر بوقع التضخم أكثر منك، وصديقك قد يمر بأزمة أقل من أزمتك، حتى وإن كانت قيمة دخولكم متساوية.. فما سبب الاختلاف؟

 

أزمة التضخم

على مدار الثلاثين عامًا الماضية، كان التضخم مستقرًا نسبيًا عبر الاقتصادات العالمية، لكن هذا انقلب رأساً على عقب في عام 2022، مع تأثير صدمة الوباء العالمي، واضطرابات سلاسل التوريد، وغزو أوكرانيا.

كل ذلك ساهم في ارتفاع سريع في تكاليف الوقود والغذاء ومجموعة واسعة من السلع، لدرجة أن الاقتصادات الكبرى حققت معدلات قياسية في التضخم.

تحسب معدلات التضخم الوطنية على مستوى الدول على أساس سلة إجمالية من السلع والخدمات التي يشتريها جميع المستهلكين في الاقتصاد الوطني. ومع ذلك، فهي لا تمثل بالضرورة تأثير التضخم عليك.

على سبيل المثال، يفترض معدل التضخم في المملكة المتحدة أن 9.8% من ميزانيات الأسرة تُنفق على وسائل النقل الشخصية، مثل امتلاك سيارة واستخدامها، لكن هذا لا يتوافق مع إنفاقك، فربما ليس لديك سيارة، أو تعمل من المنزل، أو غير ذلك.

 

معدل التضخم الشخصي

لكي تستطيع تحديد تأثير التضخم عليك أو على أسرتك، عليك استخدام حاسبة لإنفاقك الشهري.

عليك أن تتسوق احتياجات المنزل الشهرية كالمعتاد، ثم تضعها في جدول متضمنًا عددها وأسعارها، ثم تكرر التسوق في بداية الشهر المقبل، وتحسب الفارق بين الفاتورتين.

الفارق بين الفاتورتين هو معدل التضخم الخاص بك، وهو أدق لحساب تأثير ارتفاع الأسعار عليك، من تأثيرها على السلع بشكل عام في بلدك.

عليك في نفس الوقت أن تضم فواتير الإيجار، والخدمات المنزلية الأخرى، وما تدفعه من أموال للانتقال من منزلك لعملك، وغيرها من النفقات، لتحسب إجمالي زيادة الفاتورة الشهرية.

إذا كنت تدفع أقساط قرض لمنزل أو سيارة أو غيرهما، أو حتى مصروفات تأمين، أو مصروفات غير منتظمة لإصلاحات المنزل، عليك تضمينها.

لكن هناك بعض النفقات عليك ألا تضعها في حسابك لمعدل التضخم الشخصي، مثل الاستثمارات، والهدايا، والتبرعات، والإكراميات، والضرائب غير المرتبطة بأسعار السلع والخدمات.

 

من يتأثر أكثر؟

بشكل عام، الأشخاص الذين ينفقون أموالًا أكثر من المتوسط على الغذاء والطاقة والسيارات والطيران يعانون الآن من أعلى الزيادات في معدلات التضخم الشخصي، وأولئك الذين ينفقون أكثر من المتوسط على تكاليف الإسكان شهدوا تأثيرًا أقل.

تقول فاينانشال تايمز إن الشخص الذي يتحرك كثيرًا بالسيارة في المملكة المتحدة يصل معدل تضخمه الشخصي لحوالي 11.9%، أما الطلاب الذين لا يقودون سيارات فإن معدلهم 6.7% فقط.

كما أن الأسر الأكثر فقرًا في بريطانيا شهدت معدل تضخم بلغ 10.2% في يوليو مقارنة بـ8.3% للأسر الأكثر ثراء، ويرجع السبب لأن الأسر الثرية تنفق أقل على الكهرباء والغاز بسبب طبيعة منازلها، ولديها مدخرات تحميها من التضخم.

كما أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 75 عامًا يواجهون أعلى معدل تضخم بسبب اعتمادهم على التدفئة والرعاية الصحية المكثفة، فيصل معدل تضخمهم الشخصي إلى 11.5%، في حين تضخم الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا بلغ 8.7%.

تؤثر المدن الرئيسية وعواصم الدول في التضخم، ففي لندن بلغ التضخم في يوليو 8.1%، مقارنة بـ11.2% في اسكتلندا وويلز، وأيرلندا الشمالية التي حققت 11.1%، وشمال شرق إنجلترا الذي وصل لـ9.9%، وسبب ذلك طبيعة استخدام السيارات والمواصلات العامة، ونظام المساكن سواء كان شقق صغيرة أم منازل كبيرة في الريف، وكذلك أسعار التدفئة.

 

كيف تتحكم في نفقاتك؟

بمجرد أن تحسب معدل التضخم الشخصي بك، عليك أن تركز على السلع والخدمات التي حدث بها زيادة كبيرة في الأسعار، وتقرر ماهية السلع أو الخدمات التي تستطيع أن تستغني عنها أو تقللها.

إذا كان معدل الزيادة في راتبك يوافق معدل التضخم الشخصي الخاص بك، فلن تشعر بأي أزمة ولا داعي للتقليل أو الاستغناء، لكن إن زاد التضخم عن الدخل، فأنت بحاجة لإعادة تقييم لنفقاتك، أو إيجاد طريقة لزيادة دخلك، مثل العمل بدوام جزئي أو العمل عن بعد لصالح بعض الشركات داخل بلدك أو خارجها، أو استثمار أموالك في البنوك بفائدة تماثل زيادة التضخم الشخصي الخاص بك أو تتجاوزها.

إذا قمت بحساب النفقات والتضخم بشكل دوري، وكيفت دخلك ونفاقتك تبعًا لها، فلن يكون لديك أزمة مالية، وستمر فترة التضخم العالمي عليك دون قلق.