الغولف في طهران.. مضمار متقلّص لرياضة شعبيتها آفلة

 

يشبه خشايار تمدن نظراءه من لاعبي الغولف، بقميص “بولو” رمادي اللون وقبعة بيضاء ونظارتين شمسيتين، لكنه يختلف عنهم بخوضه دورة في طهران على مضمار من 13 حفرة، بخلاف المضامير العالمية المصطلح أن تكون من تسع حفر أو 18.

لا يعود سبب هذا الاختلاف الى الخرافات التي تحيط بالرقم 13، أو الى خطأ لدى إنشاء المضمار العشبي عام 1964، بل لتراجع الإقبال على مزاولة هذه اللعبة بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979،

وتقدير السلطات بأن المضمار بمساحته الأساسية هو أكبر مما يحتاج إليه العدد المحدود لمزاولي اللعبة.

ويقول تمدن “إيران فريدة، وهذا المضمار هو على صورتها: فريد بلا ريب”.

ويضيف الصناعي البالغ من العمر 44 عاما، وهو واحد من نحو 300 شخص – نصفهم من السيدات – منتسبين الى هذا المضمار في العاصمة “لدى إنشائه (المضمار)، كان يضم 18 حفرة على رغم أن عدد مزاولي اللعبة لم يكن كبيرا”.

ويوضح “على مر الزمن، استحوذت رياضات أخرى ومؤسسات رسمية على أجزاء منه. لهذا السبب لم تتبق سوى 13 حفرة”.

يقع المضمار وسط مجمع “انقلاب” (“الثورة” بالفارسية) الرياضي في شمال طهران، والذي كان يُعرف بـ”النادي الإمبراطوري” قبل سقوط الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979 وانتصار الثورة بقيادة الخميني.

وبات المجمع الذي يضم ملاعب ومنشآت تزاول فيها رياضات مختلفة، إضافة الى مطاعم ومقاهٍ، يحتضن أيضا مباني لوزارة الرياضة واللجنة الأولمبية، اتخذت من عشب مضمار الغولف مكانا لها.
وللتأقلم مع عدد الحفر في المضمار، قام اللاعبون الذين شاركوا في الدورة الوطنية، باللعب على 13 حفرة بداية، قبل أن يلعبوا على خمس إضافية.

رياضة غير معروفة

 

ويخشى سعيد براتي (39 عاما) الموظف في وزارة النفط في محافظة خوزستان (جنوب غرب)، تقليصا إضافيا لمضمار الغولف في العاصمة لأن “المسؤولين الرياضيين في البلاد لا ينظرون (الى اللعبة) نظرة إيجابية”.

ويأسف براتي لأنه “على رغم أن الغولف ضمن الرياضات العشر الأكثر شعبية في العالم، ويعود تاريخها في إيران لنحو مئة عام، الا أنها تبقى من الرياضات غير المعروفة هنا”.

وارتبطت هذه الرياضة بالنخب في إيران لا سيما الطبقة الحاكمة خلال عهد الشاه، وغالبا ما صُوّر أفرادها في الأعمال السينمائية وهم يزاولون الغولف.

ويقول أمير زويني، وهو منتج سينمائي يبلغ الثالثة والأربعين من العمر، بأن “لكلمة غولف سمعة سيئة” في إيران.

ويضيف وهو يدفع بعربته على المضمار، أن كثيرين “ينسون أن هذه الرياضة بدأت في جنوب البلاد، وغالبية اللاعبين كانوا يعملون في الشركات النفطية”.

وفي حين يؤكد رفضه اعتبار الغولف “رياضة النخبة”، يشير الى أن مزاولتها بدأت في إيران في مطلع القرن العشرين بعدما “أدخلها البريطانيون” الى إيران إثر استحواذهم على حقول النفط في البلاد.

ويتابع “أصبح الموظفون الإيرانيون (في قطاع النفط) مساعدين للاعبين (“كادي” بالإنكليزية)، ومن ثم تعلموا هذه الرياضة وزاولوها”، واستمر ذلك إلى ما بعد تأميم قطاع النفط عام 1951 ورحيل الموظفين الإنكليز.

تأهيل اللاعبين

 

ولا يخفي زويني خشيته من أن يتقلّص المضمار بشكل إضافي “لأنه يقع على مساحة شاسعة في موقع متميّز”، وأن يعمد اتحاد اللعبة الى تشييد مبنى على أرض المضمار بدلا من الاستثمار في تنشئة جيل جديد من اللاعبين.

لكن رئيس الاتحاد حميد عزيزي يريد تبديد المخاوف، مؤكدا أنها “خاطئة”.

ويشدد على أن الاتحاد يعتزم “تأهيل الثلاثة آلاف (لاعب) المسجّلين، رجالاً ونساءً، على امتداد البلاد”.

ويوضح أن المبنى المذكور سيكون مقرا لـ”أكاديمية وطنية” تعنى بشؤون تدريب اللاعبين، وسيقام “خارج المضمار”.

ويشير الى أن المضمار في مجمع “انقلاب” سيخصص لإقامة الدورات الرسمية، والتدريب والتأهيل في أوقات أخرى، مضيفا “الغولف في إيران مؤهلة لأن تصبح من الرياضات الأكثر شعبية”.