استضافت حلقة الأحد من برنامج “ستديو الآن”، والتي قدمها وسيم عرابي، مصطفى دزيمليف (Mustafa Dzhemilev)، زعيم تتار القرم، وهو من بين السياسيين الموثوق بهم في أوكرانيا، وتنبع السلطة التي يتمتّع بها من كونه أحد المنشقين القلائل الذين حاربوا الإتحاد السوفياتي، ومنذ ذلك الحين نشطوا بقوّة في العملية السياسية منذ بداية استقلال أوكرانيا العام 1991.

وقال عرابي في مقدمة الحلقة: “مرت دولة تتار القرم بعقود من التمييز، تعود إلى الترحيل العام 1944 من قبل الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، ومؤخراً الملاحقة القضائية المستمرة من قبل سلطات الاحتلال في شبه جزيرة القرم. باختصار، تتار القرم قصة تمتد من الإبادة السوفيتية إلى غزو بوتين ثمّ المواجهة، فاستقلال أوكرانيا يعني سيرهم على طريق العودة إلى وطنهم الأصلي”.

وكان مصطفى دزيمليف في عامه الأول عندما تمّت عملية دهم منزله وإرغام أفراد عائلته على توضيب أغراضهم الشخصية، وإيداعهم بعد 3 ساعات على متن قطار اصطحب العائلة في رحلة إلى أوزبكستان، إلّا أنّ نحو 50 % من تتار القرم الذين كانوا على متن ذلك القطار، قد توفوا. لم يتذكر دزيمليف مسقط رأسه في شبه جزيرة القرم، لكنّه ترعرع شأنه شأن أبناء جيله، وكان يحدوه إيمان ثابت بأنّه سيعود إلى أرضه عاجلاً أم آجلاً.

وعندما كان طالباً، بحث عن تاريخ شعبه في المكتبات السوفيتية بعناية فائقة، وبما أنّ تتار القرم كانوا يعتبرون في تلك الفترة من المنبوذين في عهد جوزيف ستالين، وجد دزيمليف نفسه مضطراً إلى أن يقاتل دفاعاً عن حقوق الإنسان الخاصة بشعبه.

https://www.youtube.com/watch?v=Q2_WBhtXKNw

لقد ناضل من أجل حق عودة تتار القرم إلى شبه الجزيرة من خلال تنظيم تظاهرات مدنية سلمية، ومن خلال مواقفه الصريحة، فأبدى اعتراضه على حجج مناصري ستالين، وكان كلّما أدلى بموقف مماثل كان يتلقى عقوبة سجن لمدّة 3 سنوات. وهكذا من أجل مناصرة شعبه الذي ناضل طيلة 50 عاماً ليتمكن من العودة إلى أرضه، أمضى مصطفى دزيمليف مدة 21 عاماً في السجن، أي ما يعادل 7 أحكام، مدّة كل منها 3 أعوام.

تواصلت “أخبار الآن” مع دزيمليف وأجرينا معه لقاءً عبر تطبيق زووم، وأثناء المقابلة كنّا نسمع بين الحين والآخر، أصوات صفارات الإنذار، لكن على الرغم من ذلك بدا دزيمليف في غاية الهدوء، فهو واثق من أنّ “روسيا ستتفكك، وأنّ تتار القرم سيعودون يوماً إلى أرضهم، لكن تلك المرّة إلى الأبد”.

يقول دزيمليف إنّ “شعب تتار القرم ليس أمّة صغيرة، عددهم قليل نعم، لك،ّ عظمة أيّ أمة لا تقاس بعدد السكان، ولنأخذ الشعب الروسي على سبيل المثال، هو كبير عددياً، لكن أنظروا إلى ما يرتكبه بحق شعبنا وبحق  الأوكرانيين، هل يجوز القول إنّهم أمّة عظيمة؟ إنّهم من البرابرة بنظري. يعيش تتار القرم تحت سلطة الإحتلال الروسي منذ العام 2014، أي  للعام الثامن على التوالي، وذلك الوضع يشكّل مأساة كبيرة ومصدر حزن لذلك الشعب الذي ناضل طيلة 40 عاماً تقريباً ليعود إلى القرم، إلى أرضه، بعدما تمّ ترحيله منها في العام 1944… لقد ناضلنا عن طريق التظاهرات المدنية السلمية إلّا أنّ المئات من تتار القرم اقتيدوا إلى مخيمات الإعتقال، وكثيرون منهم لم يخرجوا منها على قيد الحياة”.