بايدن يأمل في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة بحلول رمضان

دعت الأمم المتحدة ودول عدّة إلى هدنة في قطاع غزّة لأسباب إنسانيّة، مُطالبةً بإجراء تحقيق بعد إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على مدنيّين فلسطينيّين وحدوث تدافع أثناء توزيع مساعدات الخميس، ما أدّى إلى مقتل أكثر من 110 أشخاص وفق حماس.

من جهته، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنّ بلاده ستشارك “في الأيّام المقبلة” في إنزال مساعدات إنسانيّة جوًا في قطاع غزّة الذي تفرض عليه إسرائيل حصارًا مطبقا منذ بدء الحرب قبل نحو خمسة أشهر.

وتعليقاً على هذا الإعلان قالت لجنة الإنقاذ الدوليّة (آي آر سي)، وهي منظّمة غير حكوميّة، إنّ “عمليّات الإنزال الجوّي لا يمكن ولا ينبغي أن تحلّ محلّ تأمين وصول المساعدات الإنسانيّة”.

وقال بايدن إنّه “يأمل” بالتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزّة بحلول رمضان. وردّا على سؤال حول إمكان التوصّل إلى اتّفاق على هدنة في غزّة مقابل الإفراج عن رهائن بحلول ذلك التاريخ، أجاب بايدن “آمل في ذلك، ما زلنا نعمل كثيرا على الموضوع. لم نتوصّل إلى ذلك بعد”.

دعوات للتحقيق في مقتل العشرات أثناء توزيع مساعدات.. لكن ماذا عن الوضع الميداني في غزة؟

وأضاف بينما كان يُغادر البيت الأبيض لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في المنتجع الرئاسي بكامب ديفيد قرب واشنطن “سنتوصّل إلى ذلك لكنّنا لم نصل إليه بعد، وقد لا نتوصّل إليه”.

وليل الجمعة السبت، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينيّة الرسميّة “وفا” بأنّ الجيش الإسرائيلي نفّذ مداهمات في عدد من القرى والمناطق في أنحاء متفرّقة من الضفّة الغربيّة المحتلّة، ولا سيّما قرب جنين وقلقيلية والخليل ورام الله.

ونقلت “وفا” عن مصادر طبّية أنّه في قرية كفر نعمة، الواقعة قرب رام لله، أصيب الفتى محمد مراد الديك (16 عامًا) “برصاصة في الرأس أطلقها عليه جنود الاحتلال لدى اقتحامهم القرية” فجر الجمعة، وما لبث أن توفّي متأثّراً بإصابته.

وفي غزّة، بلغت حصيلة الخسائر البشريّة أكثر من 30200 قتيل وفق وزارة الصحّة التابعة لحماس، بينما تُهدّد المجاعة 2,2 مليون شخص من أصل 2,4 مليون ساكن، وفق الأمم المتحدة التي حذّرت الجمعة من أنّ المجاعة في القطاع “أصبحت شبه حتميّة ما لم يتغيّر شيء”.

ويخضع إدخال المساعدات لموافقة إسرائيل التي شدّدت الحصار على غزّة بُعيد بدء الحرب، ولا تصل الإغاثة إلا بكمّيات محدودة جدا يأتي معظمها عبر معبر رفح مع مصر.

دعوات للتحقيق في مقتل العشرات أثناء توزيع مساعدات.. لكن ماذا عن الوضع الميداني في غزة؟

وقال بايدن “سنصرّ على أن تُسهّل إسرائيل دخول مزيد من الشاحنات وزيادة طُرق الوصول إلى غزّة… لا تصل مساعدات كافية إلى غزّة”.

وسبق أن أنزلت دول عدّة شحنات مساعدات جوًّا، ولا سيّما الأردن، بدعم من دول بينها فرنسا وهولندا وبريطانيا، وكذلك مصر التي أنزلت الخميس شحنات مساعدات بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة.

وأدّت الحرب ونقص المساعدات إلى تقويض النظام الصحّي في القطاع. وأعلنت وزارة الصحّة التابعة لحماس الجمعة أنّ أربعة أطفال إضافيّين توفّوا بسبب “سوء التغذية والجفاف” في مستشفى كمال عدوان شمال غزة، لترتفع الحصيلة الاجماليّة لهؤلاء الضحايا الصغار إلى عشرة أطفال.

“تحقيق فعال”

وقال شهود عيان الخميس إنّ جنودًا إسرائيليّين أطلقوا النار على حشد تجمّع قرب شاحنات مساعدات إنسانيّة في مدينة غزّة. وبلغت حصيلة القتلى 115 قتيلا ونحو 760 جريحا، حسب وزارة الصحّة التابعة لحماس.

وأكّد مسؤول في الجيش الإسرائيلي حدوث “إطلاق نار محدود” من جانب الجنود الذين شعروا “بتهديد”، وتحدّث عن “تدافع قُتل وجُرح خلاله عشرات السكّان، ودهست شاحنات المُساعدات بعضهم”.

وطالبت واشنطن حليفتها إسرائيل بتقديم “إجابات” بعد المأساة و”بالتوصّل إلى اتّفاق على وقف موقّت للنار”.

وفقًا لمديرة الوكالة الأمريكيّة للتنمية الدولية (يو إس إيد) فإنّ عدد الشاحنات التي دخلت القطاع الأسبوع الماضي بلغ ما مُعدّله 96 شاحنة فقط يوميّاً. وقالت “هذا ليس سوى جزء صغير ممّا هو مطلوب”.

دعوات للتحقيق في مقتل العشرات أثناء توزيع مساعدات.. لكن ماذا عن الوضع الميداني في غزة؟

ودعا الاتّحاد الأوروبّي إلى إجراء تحقيق وإلى وقف إنساني للنار، بينما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى “تحقيق مستقلّ وفعّال”.

وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إنّ فريقًا من الأمم المتحدة زار الجمعة جرحى في مستشفى الشفاء بمدينة غزّة، وعاين “عددًا كبيرًا من الجروح نتيجة أعيرة ناريّة”. وأضاف أنّ 200 جريح ما زالوا في هذا المستشفى من بين أكثر من 700 تمّ نقلهم إليه.

وأعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، الجمعة مقتل سبع رهائن في الأسابيع الأخيرة جراء القصف الإسرائيلي. ولم يتسن التأكد من هذه المعلومة من مصدر مستقل.

غارات إسرائيلية جديدة

ميدانيا، ذكرت حماس أنّ القوات الإسرائيلية نفّذت عشرات الغارات في مختلف مناطق القطاع الجمعة، ومن بينها خان يونس ورفح في الجنوب. وقال شهود إنّ المعارك بين الجنود الإسرائيليين والحركة تتواصل في مدينة غزة (شمال) وكذلك في خان يونس.

وجهت مأساة الخميس ضربة لجهود الدول الوسيطة التي كانت تأمل في التوصل إلى هدنة خلال شهر رمضان الذي يبدأ في 10 أو 11 آذار/مارس.

وتحاول قطر والولايات المتحدة ومصر منذ أسابيع التوصل إلى اتفاق هدنة يشمل إطلاق سراح رهائن جدد، لكن لم يتم الإعلان عن أي تقدم ملموس حتى الآن.

دعوات للتحقيق في مقتل العشرات أثناء توزيع مساعدات.. لكن ماذا عن الوضع الميداني في غزة؟

وتطالب حماس خصوصا بوقف نهائي لإطلاق النار قبل التوصل إلى أي اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن، فضلا عن رفع الحصار الإسرائيلي ودخول المزيد من المساعدات الإنسانية.

من جانبها، تشدد إسرائيل على أن الهدنة يجب أن تكون مصحوبة بإطلاق سراح جميع الرهائن، وأنها لا تعني نهاية الحرب، ووعدت بأنها ستواصل عملياتها العسكرية حتى القضاء التام على حماس.

ومن أجل هزيمة الحركة في “معقلها الأخير”، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن هجوم بري قادم على رفح في أقصى جنوب القطاع، حيث يحتشد ما يقرب من مليون ونصف المليون فلسطيني قرب الحدود المغلقة مع مصر، وفق أرقام الأمم المتحدة.

وأكد نتانياهو أن الهدنة المحتملة لن تؤدي إلا إلى “تأخير” هذا الهجوم على المدينة التي تقصفها إسرائيل يوميا.