دائرة بوتين الضيقة.. إلى من يستمع الرئيس الروسي بعد تمرد بريغوجين قائد مرتزقة فاغنر؟
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا كان فلاديمير بوتين يبدو وكأنه منعزل ولكن هناك حاشية تُكن له الولاء ولم تتغير بالرغم من الأحداث.
رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين كان حليفاً وثيقاً وقوياً، لكنه لم يكن جزءاً من تلك الدائرة. ولذلك هدد في بداية تمرده بالسيطرة على روستوف والتوجه لموسكو إذا لم يتم تسليمه وزير الدفاع سييرغي شويغو ورئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيموف.
فمن هم أباطرة الغزو على أوكرانيا والذين يستمع لهم الرئيس الروسي الآن في هذه اللحظة الحاسمة للحرب؟
سيرغي شويغو – وزير الدفاع
طوال أشهر كان بريغوجين يوجه الانتقادات لوزير الدفاع سيرغي شويغو وقائد القوات المسلحة فاليري غيراسيموف.
واتهمهما بالمسؤولية عن مقتل عشرات الآلاف من الروس في الحرب في أوكرانيا. وبذلك تحول ما كان نزاعاً مريراً وطويل الأمد إلى أزمة وطنية.
إذا كان الرئيس يسمع لرأي أي شخص، فهو وزير دفاعه، المقرب منه منذ فترة طويلة والذي ذهب معه في الماضي في رحلات الصيد وصيد الأسماك في سيبيريا وكان يُنظر إليه على أنه خليفة محتمل.
اتبع شويغو خطى بوتين بإخلاص، في رؤيته لغزو أوكرانيا. أولاً أن روسيا كانت تنزع السلاح عن أوكرانيا ثم أن “الغرب الجماعي” هو الذي شن الحرب، وليس روسيا.
كما يُنسب إليه الفضل في الاستيلاء العسكري على شبه جزيرة القرم في العام 2014.
وكان مسؤولاً عن مديرية المخابرات الرئيسية، المتهمة بارتكاب عمليتي تسمم بغاز الأعصاب في هجوم 2018 المميت في سالزبري في المملكة المتحدة والهجوم شبه المميت على زعيم المعارضة أليكسي نافالني في سيبيريا في العام 2020.
ولا يزال يلعب دورا حيويا في الحرب، على الرغم من أن بريغوجين يتهمه بالكذب على الرئيس بشأن الواقع على الأرض في أوكرانيا.
فاليري غيراسيموف – رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية
كرئيس للأركان، كانت وظيفته غزو أوكرانيا وإكمال المهمة بسرعة، وبهذا المعيار، لم ينجز المهمة بالشكل المطلوب.
لكن هناك سبب لكونه رئيس الأركان الذي خدم لأطول فترة منذ الحقبة السوفياتية.
ولعب دوراً رئيسياً في الحملات العسكرية الروسية منذ أن قاد جيشاً في حرب الشيشان في عام 1999 وكان في طليعة التخطيط العسكري لأوكرانيا أيضاً، وأشرف على التدريبات العسكرية قبل الحرب في بيلاروسيا.
وفي بداية غزو أوكرانيا، كان هناك حديث عن إمكانية استبداله بسبب البداية المتعثرة للغزو والتقارير عن ضعف الروح المعنوية بين الجنود الروس.
ولم يظهر غيراسيموف في العرض العسكري السنوي في موسكو في مايو/أيار 2022. ومع ذلك، تم تعيينه في يناير/كانون الثاني من العام الحالي، قائداً للقوات في أوكرانيا، ليحل مكان الجنرال سيرغي سوروفكين، الذي يشغل الآن منصب نائبه.
نيكولاي باتروشيف – أمين عام مجلس الأمن القومي الروسي
إنه واحد من ثلاثة من الموالين لبوتين الذين خدموا معه منذ سبعينيات القرن الماضي في سان بطرسبرغ، عندما كانت ثاني مدينة في روسيا لا تزال تُعرف باسم لينينغراد.
والداعمان الآخران هما رئيس جهاز الأمن ألكسندر بورتنيكوف ورئيس المخابرات الخارجية سيرغي ناريشكين. تُعرف جميع الدوائر المقربة من الرئيس باسم “سيلوفيكي”، أو المنفذين، لكن هذا الثلاثي أقرب من الرئيس من جميع الأفراد الآخرين.
خلال اجتماع غريب لمجلس الأمن الروسي، قبل ثلاثة أيام من بدء الغزو، دفع باتروشيف برأيه القائل بأن “الهدف الملموس” للولايات المتحدة هو تفكيك روسيا.
واتهم منذ ذلك الحين الولايات المتحدة بالتحضير “لحرب بيولوجية”، واتهم كل من واشنطن ولندن بقيادة الغرب على أمل هزيمة روسيا.
وعندما تم تفجير سد كاخوفكا في جنوب أوكرانيا التي تحتلها روسيا في هجوم روسي مشتبه به، ألقى باللوم في الحادثة على أوكرانيا، بدعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفائهما في الناتو.
سيرغي ناريشكين مدير جهاز الاستخبارات الخارجية
استكمالاً لثلاثي رجال زمن لينينغراد القدامى، ظل سيرغي ناريشكين إلى جانب الرئيس طوال معظم حياته المهنية.
لم يمنع ذلك بوتين من توبيخه أمام الكاميرات عندما نسي ما يجب عليه القول عند سؤاله عن تقييمه للوضع قبل الحرب.
وتم تحرير فيديو الجلسة المطولة، ولذلك يمكن القول إن الكرملين قرر بوضوح إظهار عدم ارتياح ناريشكين أمام جمهور تلفزيوني كبير.
ولطالما عمل سيرغي ناريشكين كرئيس ظل في سان بطرسبرج في التسعينيات، ثم في مكتب بوتين في عام 2004 وأصبح في النهاية رئيساً للبرلمان. لكنه أيضاً يرأس الجمعية التاريخية الروسية وأثبت أهميته في تزويد الرئيس بأسباب أيديولوجية لأفعاله.
فالنتينا ماتفيينكو – رئيسة مجلس الاتحاد
فالنتينا ماتفينكو موالية أخرى لبوتين من سان بطرسبرغ، ساعدت أيضاً في توجيه عملية ضم شبه جزيرة القرم في العام 2014.
أشرفت على تصويت مجلس الشيوخ للمصادقة على نشر القوات الروسية في الخارج، مما مهد الطريق لغزو أوكرانيا.
لكنها لا تعتبر من صناع القرار الأساسيين. ولذلك، قلة من الناس يمكنهم أن يقولوا بيقين كامل من الذي يتخذ القرارات المهمة والكبرى في روسيا.
فيكتور زولوتوف – مدير الحرس الوطني
كان حارساً شخصياً سابقاً للرئيس، وهو يدير الآن الحرس الوطني الروسي، الذي شكله الرئيس بوتين في العام 2016 كنوع من الجيش الشخصي على غرار الحرس الإمبراطوري الروماني.
من خلال اختياره لحارس أمنه الشخصي لقيادته، تأكد بوتين من ولائه، وزاد فيكتور زولوتوف أعداد عناصره إلى 400000.
وعلى الرغم من أنه ليس لديه خلفية عسكرية، فقد تم تكليف الحرس الوطني بمجموعة واسعة من المهام للسيطرة على المناطق المحتلة في أوكرانيا خلف خط المواجهة ويقال إنه تكبد خسائر فادحة في صفوفه.
وقالت المخابرات البريطانية إن قوات الأمن الروسية “وخاصة الحرس الوطني” ستكون أساسية لكيفية انتهاء أزمة بريغوجين.
سيرغي لافروف وزير الخارجية
سيرغي لافروف، 73 عاماً، هو دليل آخر على أن فلاديمير بوتين يعتمد بشدة على شخصيات من ماضيه.
ومن غير المرجح أن يكون قد اهتم لانسحاب معظم أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بينما كان يحاول الدفاع عن الغزو الروسي لأوكرانيا بعد أيام من بدئه.
وعلى الرغم من أنه كان موالياً لبوتين منذ البداية، إلا أنه لا يُعتقد أن له أي دور في صنع القرار بشأن أوكرانيا.
وتتمثل مهمته في حشد الدعم لروسيا في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأماكن أخرى والترويج لبلاده كمحارب للاستعمار.
ولقد أخذ لافروف خطاب الحرب الروسي إلى أقصى الحدود في محاولة تصويره أوكرانيا على أنها “نظام نازي”.