الصين تتجه نحو حرب تقليدية مع تايوان

تتزايد مخاوف القادة العسكريين في الولايات المتحدة من تسارع وتيرة الصعود النووي الصيني، الذي أضحى أحد أكبر التحولات في القوة الجيواستراتيجية على الإطلاق، لاسيما بعد إطلاق الصين لأول مركبة فضائية تفوق سرعة الصوت، واعتقاد واشنطن بأن بكين ستُضاعف ترسانتها من الرؤوس الحربية أربع مرات بحلول عام 2030، وهو ما يثير التساؤل حول ما إذا كانت الصين تتجه نحو نهج أقل دفاعية من الممكن أن يغير -إلى حد كبير- توازن القوى في آسيا، تعمل من خلاله على كسب الصراع مع الولايات المتحدة حول تايوان، من خلال تحييد التهديد الناجم عن الأسلحة النووية الأمريكية. وفي هذا الإطار، نشر موقع “فايننشال تايمز”، في 15 نوفمبر 2021، تقريراً بعنوان “التوسع النووي الصيني: فرصة للقيادة العالمية وتهديد لتوازن القوى”، ويمكن استعراض أبرز ما جاء فيه على النحو التالي:

صعود نووي صيني

هناك الكثير من المؤشرات حول اتجاه الصين إلى تعظيم قدراتها النووية بشكل أثار قلق السياسيين والعسكريين في الولايات المتحدة، على حد سواء، لا سيما مع تصاعد ما يمكن وصفه بالحرب الباردة الثانية بين بكين وواشنطن، والتي تسارعت وتيرتها بشدة خلال العام الأول من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ويمكن إلقاء الضوء على أبرز تلك المؤشرات على النحو التالي:

1- إطلاق الصين أول مركبة فضائية أسرع من الصوت:

أصبحت الصين، في 27 يوليو 2021، أول دولة تُحلق بمركبة فضائية تفوق سرعتها سرعة الصوت، حول الأرض، وهي مركبة قابلة للمناورة والسفر بسرعة تزيد خمسة أضعاف عن سرعة الصوت. وكانت تلك المركبة مدفوعة بصاروخ يمكنه التحليق فوق القطب الجنوبي، متهرباً من الدفاعات الصاروخية الأمريكية التي تركز على القطب الشمالي، بما يوفر للصينيين طريقاً آخر لضرب أهداف في الولايات المتحدة بعيداً عن مجال الدفاعات الأمريكية بالمنطقة.

الحرب الباردة الثانية.. الصين تتجه لحرب تقليدية

وبذلك، كان هذا الاختبار هو الأحدث في سلسلة من الاكتشافات حول القدرات النووية المتنامية للصين، والتي أطلقت أجراس الإنذار المتعددة في واشنطن، وركزت الانتباه الآن على تحول دراماتيكي محتمل يحدث في الموقف النووي لبكين. فعلى مدى العقدين الماضيين، أذهلت الصين الولايات المتحدة، بالوتيرة الحثيثة لحشدها العسكري التقليدي، بدءاً من الطائرات المقاتلة والقاذفات، إلى الغواصات والسفن الحربية، كما أن القوة البحرية الصينية الآن هي الأكبر في العالم.

2- تعاظم قوة بكين النووية مع استمرار الحشد العسكري التقليدي:

بينما تراقب وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” النطاق الكامل للتوسع العسكري الذي يقوم به جيش التحرير الشعبي الصيني، بدأت الصين في توسيع قدراتها النووية بصورة فائقة السرعة، وفقاً لما أكده الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة للولايات المتحدة، الذي أوضح أن ما تقوم به بكين على الصعيد النووي “يحدث جنباً إلى جنب مع تغيير جذري في طبيعة الحرب”، مضيفاً: “نحن بحاجة إلى العمل على وجه السرعة لتطوير القدرات في جميع المجالات، البرية والبحرية والجوية والفضائية والسيبرانية وقواتنا النووية الاستراتيجية، لمواجهة هذا المشهد العالمي المتطور، وإلا فإننا نجازف بإصابة أجيالنا المستقبلية بالفشل”.

كما أطلق الجنرال جون هيتين، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، مؤخراً، تحذيره الخاص حول الآثار المترتبة على ذلك التوسع النووي الصيني، قائلاً: “كل الأسلحة الشخصية التي يصنعونها، كل الأسلحة النووية التي يبنونها، ليست مخصصة لسكانهم، إنها مخصصة للولايات المتحدة.. علينا أن نفترض ذلك، وعلينا التخطيط لذلك”. وعلى الرغم من ذلك، فإن التوسع الصيني يثير النقاش في واشنطن، حول الكيفية التي ينبغي على الولايات المتحدة إعادة هيكلة قوتها النووية وفقاً لها. حيث يوضح جيفري لويس، خبير حظر الانتشار النووي في معهد “ميدلبري للدراسات الدولية”، أن الحشد العسكري الصيني كشف النتائج المدمرة للسياسة الأمريكية، قائلاً: “زعمت إدارتا بوش وأوباما أنه إذا احتفظنا بمخزون من الأسلحة النووية أكبر بثلاث أو أربع مرات من الصين، فسيتم ثني بكين عن محاولة مجاراة الولايات المتحدة”.

الحرب الباردة الثانية.. الصين تتجه لحرب تقليدية

3- رفض بكين دعوات واشنطن للحد من التسلح النووي:

يأتي القلق داخل البنتاغون، في الوقت الذي أصبحت فيه العلاقات الأمريكية الصينية محفوفة بالمخاطر على نحو ملحوظ، وتمزقها الخلافات حول التكنولوجيا والتعريفات الجمركية وحقوق الإنسان، فضلاً عن التنافس العسكري. ومن المتوقع أن يثير الرئيس الأمريكي “جو بايدن” المخاوف بشأن التسارع النووي الصيني، عندما يعقد اجتماعاً افتراضياً مع الرئيس الصيني “شي جين بينج”. بيد أن بكين قاومت على مر السنين الدعوات لفتح محادثات للحد من التسلح مع واشنطن، مشددة على أن الولايات المتحدة وروسيا لديهما ترسانات أكبر بكثير من الصين.

4- تقديرات أمريكية لتطوير الصين 1000 رأس نووي:

أعلن البنتاغون في تقريرٍ له عن القوة العسكرية الصينية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي ستضاعف مخزونها بمقدار أربعة أضعاف إلى ما لا يقل عن 1000 رأس نووي، بحلول نهاية العقد الحالي. وأضاف البنتاغون -في تطور من شأنه أن يمثل علامة بارزة- أن الصين قد يكون لديها الآن ثالوث نووي “ناشئ”، في إشارة إلى الصواريخ النووية التي يمكن إطلاقها من البر والبحر والجو، بعد أن نشرت بكين قاذفة ذات قدرة نووية، في العام الماضي.

الحرب الباردة الثانية.. الصين تتجه لحرب تقليدية

5- تطوير الصين صوامع الصواريخ العابرة للقارات:

وفقاً لتقرير البنتاغون أيضاً، يقوم جيش التحرير الشعبي في الصين أيضاً، بتطوير وبناء مئات الصوامع للصواريخ الباليستية العابرة للقارات والتي تحمل الأسلحة النووية ICBMs. حيث اختبرت بكين حوالي 250 صاروخاً باليستياً في عام 2020، أي أكثر من كل دول العالم مجتمعة. كذلك، وفقاً لتقرير البنتاغون، قامت الصين بتشغيل صاروخ DF-17، وهو صاروخ باليستي متوسط المدى مزود بمركبة انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت في عام 2020. ولكن لم يذكر التقرير ما إذا كان اختبار يوليو 2021 من طراز DF-17، لأن تفاصيل الحدث لا تزال سرية.

6- تفعيل بكين وضعية “الإطلاق عند الإنذار” بالأقمار الصناعية:

بحسب التقرير فقد أعلن البنتاغون كذلك أن الصين تمتلك أكثر من 200 قمر صناعي للاستشعار والاستطلاع في الفضاء، مقارنة بـ120 قمراً قبل عامين. علاوة على ذلك، بدأ جيش التحرير الشعبي أيضاً في تنفيذ وضعية “الإطلاق عند الإنذار” الجزئية، والتي من شأنها تمكين وتفعيل الضربات المضادة للصواريخ قبل أن يصل أي صاروخ أمريكي وارد محتمل إلى هدفه، بدلاً من الرد بعد أن تصيب الضربة الأولى مواقع في الصين.