قراءة في قرارات بوتين الأخيرة

“توقع حدوث معجزة هو أحد نقاط ضعف الشعب الروسي.”، كتب هذه العبارة، الفيلسوف الروسي نيقولا ىبِرديائف (1874-1948)، في سلسلة مقالاته «المسألة الوطنية في روسيا»، في مجلة «ملاحظات روسية»، عام 1938.

يبدو أن بوتين، قد آمن حقًا بالنصف الأول من هذه العبارة متجاهلاً النصف الآخر، عندما قرر خوض هذا الصراع مع الغرب في أوكرانيا، معتقدًا أن هناك “معجزة” ما ستؤدي لتحقيق النصر الذي كان يطمح إليه بتكلفة محدودة.

دأبت الدعاية الروسية على مدار العقد الماضي في الترويج لما أسمته “انحدار” الغرب الجماعي “الذي لا رجعة فيه”، وعدم قدرته على مواجهة القوة العسكرية الروسية الجبارة نتيجة “جبن” دول أوروبا وتعود شعوبها على الرفاهية، وهو ما يحد من قدرتها على المواجهة حال تدخلت روسيا في أوكرانيا، وقد أكد على ذلك علم 2014، الرئيس السابق للحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، فلاديمير جيرينوفسكي أمام بوتين.

بعد مرور سبعة أشهر على “العملية الروسية الخاصة” في أوكرانيا، وفشل القوات الروسية في اقتحام العاصمة كييف واسقاط حكومة فولوديمير زيلينسكي، والانسحاب من محيطها نهاية شهر مارس (آذار)، والانسحاب من خاركيف هذا الشهر، قرر بوتين أن يتخذ الخطوة التي حاول تجنبها ولم يكن يتخيل أن يلجأ إليها، عبر إعلان التعبئة “الجزئية”، واتبع ذلك بقرارين، الأول، اجراء استفتاءات في أربع مناطق أوكرانية (لوغانسك، ودونيتسك، وخيرسون، وزاباروجيا).

والثاني، تخفيض عتبة استخدام الأسلحة النووية بشكل كبير خلافًا للعقيدة العسكرية الروسية التي تنص على “استخدام الأسلحة النووية فقط في حالة وقوع هجوم نووي ضد روسيا أو تهديد وجودي لها”، عبر إعلانه “استعداده لاستخدام الأسلحة النووية لضمان وحدة أراضي روسيا”.

دوافع قرارات بوتين الأخيرة

بات من الواضح إلى حد كبير، أن بوتين اعتمد في حربه الأخيرة على نمط “الحروب الخاطفة” التي خاضها في سنوات حكمه الثمانية عشر، والتي كانت تكلفتها محدودة للغاية على روسيا، وأدت لازدياد شعبية نظامه السياسي، وبنى على تجاربه في حرب أوسيتيا الجنوبية 2008، والاستحواذ على شبه جزيرة القرم 2014، والتدخل العسكري في سوريا 2015، حساباته.

التعبئة الجزئية.. المسمار الأخير في نعش حرب بوتين

وكما صرح نائب مستشار الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف في اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي، يوم 21 فبراير (شباط) “سيضغط علينا الغرب ويقاطعنا، وستكون المرحلة الأولى صعبة، لكن بعد مرور فترة قصيرة وبإدارة حكيمة، سوف نتمكن من التغلب على هذا الضغط الذي يحيط ببلادنا حاليًا، وسوف ينخفض هذا الضغط”.

كذلك اعتمد بوتين، على معلومات غير واقعية حول المزاج الشعبي العام في أوكرانيا، وأن الشعب الأوكراني سيستقبل الجيش الروسي في شرق وجنوب أوكرانيا بالورود، وهو ما ينم عن عدم معرفة بالواقع كما صرح بذلك سيرغي كاراغانوف، رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاعية الروسي، في مقاله الأخير.

أخيرًا، أدى نجاح الهجوم الأوكراني المضاد، والانسحاب الروسي المتسارع من خاركيف، وما تبعه من موجة غضب عارمة في صفوف القوميين الداعمين للكرملين، إلى ضرورة اتخاذ خطوات تبدو جادة في الرد على هذا الوضع لتسويقها في الداخل. كما أن هذه الخطوات توضح يأس بوتين من استسلام القيادة الأوكرانية أو التوصل لصفقة مع الغرب كما كان يأمل.

انتهاك العقد الاجتماعي غير المكتوب

اعتمد حكم فلاديمير بوتين، بعد نجاحه في انهاء حرب الشيشان الثانية، على “عقد اجتماعي” غير مكتوب مع المجتمع الروسي، أبرز بنوده:

سأستعيد عظمة روسيا المفقودة دون التورط في صراعات وحروب تستدعي انخراط الشعب فيها.

لن تؤدي المواجهة مع الغرب لعزلة روسيا أو قطع العلاقات مع الغرب بما يؤدي لتغير نمط حياة الروس ونبذهم.

لن تتدخل الدولة في الحياة الشخصية للمواطنين الروس أو تفرض عليهم نمط محدد للحياة كما كان الحال في العهد السوفيتي.

سأضمن وضع اقتصادي مناسب للمواطنين الروس قد لا يصل لمستوى الرفاهية المأمولة ولكنه مستقر غير متقلب كما كان منذ عصر البيريسترويكا في منتصف الثمانينيات، أو فوضى التسعينات من القرن الماضي.

مقابل هذه الالتزامات، يُطلق الشعب الروسي يد بوتين ونظامه في الحكم ليفعل ما يشاء في الخارج دون نقاش أو محاسبة ليحقق لهم ما وعد به في الداخل، وبدا أن بوتين قادر على تحقيق هذه المعادلة بنجاح، حيث استعاد عظمة البلاد على المستوى العالمي أو هكذا تم اقناع المواطنين الروس، وكافة مواجهاته لم تؤدي لتغير مزعج لنمط حياة الروس أو وضعهم الاقتصادي، ولم يتم توريط الشباب في سن التجنيد بأي من صراعاته التي خاضها.

أراد بوتين، أن يحافظ على هذه المعادلة دون انتهاك من جانبه بعدما التزم الشعب بالصمت، ودعمت الأغلبية كافة قراراته بجانب الأوليغارشية، ولذلك لم يكن تسمية الصراع الحالي بمسمى “عملية عسكرية خاصة” عبثًا، بل مبني على قراءة دقيقة لهذه المعادلة، ولها أسباب منطقية:

أولاً، إعلان الحرب على أوكرانيا، ينسف دعاية الكرملين التي روجت لفكرة الشعب الروسي والأوكراني الواحد، والتي كتب بوتين شخصيًا فيها مقال موجه للأوكرانيين، تحت عنوان «حول الوحدة التاريخية بين الروس والأوكرانيين»، ولا يمكن إعلان الحرب في هذه الحالة على “الشقيق” السلافي الشرقي والأرثوذكسي.

ثانيًا، دأب الخطاب الروسي الرسمي على الترويج لوجود طغمة حاكمة في كييف، تتحكم فيها زمرة من “النازيين الجدد” الذين يحكمون بالقوة والإرهاب الشعب الأوكراني الذي يريد التحرر من “نيرهم”، وبالتالي مصطلح “عملية عسكرية خاصة” يتناسب مع هذا التوصيف. إنها مجرد عملية جراحية خاصة هدفها تطهير أوكرانيا من أقلية متغلبة بالقوة على الشعب المقهور.

ثالثًا، إعلان الحرب يعني قطع كافة العلاقات مع حكومة كييف وداعميها، وغرض بوتين لم يكن الدخول في مواجهة مفتوحة مع الغرب، بل الضغط على الغرب عبر التدخل العسكري في أوكرانيا لفرض شروطه وعقد صفقة معه.

رابعًا، مصطلح “عملية عسكرية خاصة”، لن يصيب الروس بالذعر، وهو ما حرص بوتين على التأكيد عليه أكثر من مرة، عبر القول إن “الجنود المتعاقدين حصرًا هم من يخوضون هذه المعركة، ولن يتم استدعاء الاحتياط”. كما أن إعلان الحرب يعني قطع العلاقات الاقتصادية مع الغرب، وهو السيناريو الذي أراد بوتين تجنبه حتى لا يؤدي لتغير في نمط حياة المواطنين، وازعاج الأوليغارشية الروسية الداعمة له.

خامسًا، إعلان الحرب على أوكرانيا، يعني من ضمن عدة أمور أخرى، أنها دولة ند لروسيا، قررت الأخيرة خوض حرب استباقية ضدها، بينما تم الترويج روسيًا على أن أوكرانيا مجرد “دولة دمية” بلا قدرة أو قوة أو إرادة يحركها الغرب ويتحكم فيها.

الآن تم استدعاء الاحتياط، ولتخفيف وطأة القرار تم استخدام مصطلح خاص “التعبئة الجزئية” تمامًا مثل “العملية العسكرية الخاصة”، وهو مصطلح مطاط، قد تعني التعبئة الجزئية (300) ألف كما هو معلن كمرحلة أولى وقد تصل إلى “مليون” في المراحل التالية، وستظل “تعبئة جزئية” مالم يصل عدد من تم استدعائهم لكامل قوة الاحتياط.

الملاحظة الهامة، هو عدم اتخاذ أي قرار بشأن حظر السفر للمطلوبين في التعبئة، واكتفاء المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، بالتعليق أن “التقارير عن نزوح الرجال في سن التجنيد مبالغ فيها”، وإمكانية وضع ضوابط للسفر، وحتى كتابة هذا التقرير لم يتم صدور قرار بهذه الضوابط، ومازال بعض الروس يتدفقون على المطارات ومحطات القطارات والطرق البرية التي تربطهم بالدول الأخرى لأجل السفر للخارج، وهو ما قد يشير إلى غض الكرملين الطرف عن حالة النزوح هذه للقادرين حتى لا يغضبهم، ثم اصدار قرار لاحق يضع قيود على السفر بعدما يتبقى فقط من ليس لديهم قدرة على ترك البلاد، وبالتالي لا يخشى منهم أو من رد فعل عائلاتهم.

أدى الضغط الغربي المتواصل على كافة الأصعدة، إلى دفع بوتين لخرق “العقد الاجتماعي” من جانبه الذي وعد به الروس وحافظ عليه طيلة سنوات حكمه السابقة، تغير نمط حياة الروس، وباتوا في قطيعة كاملة مع الغرب، وتم اللجوء لخيار تجنيد الشباب لخوض القتال، وتبقى فقط الوضع الاقتصادي الذي مازال متماسكًا حتى الآن رغم كل ما تعرض له من ضغوطات.

أخيرًا، كان قرار “التعبئة الجزئية” قرارًا صعبًا على الكرملين، لأنه يعني فشل “العملية العسكرية الخاصة”، وعدم قدرة الجيش الروسي على الانتصار بعد سبعة أشهر، والقول بأن المواجهة ليست فقط مع أوكرانيا بل مع “الغرب الجماعي” كما يروج روسيًا، وهو ما أدى لاتخاذ هذا القرار، تعني أيضًا فشل سياسي في قراءة الواقع واستشرافه مبكرًا، وعدم اتخاذ خطوة التعبئة منذ البداية لحسم الصراع بشكل سريع، لذلك كان لابد من أن يتبع قرار التعبئة، قرار الاستفتاءات لقطع الطريق حول هذا النقاش داخليًا، والتهديد باستخدام النووي لتوجيه رسالة للحكومة الأوكرانية وداعميها الغربيين لتخفيف الضغط على الجبهة العسكرية.حيث ان هزيمة ثالثة على الجبهة الأوكرانية حال حدثت، ستشكل تحدي يمكن وصفه بالوجودي لبوتين ونظامه.

آراء روسية حول قرار التعبئة

التعبئة الجزئية.. المسمار الأخير في نعش حرب بوتين

“نظام بوتين محدود القدرة وتأثير ذلك على الجيش”

كتب الناشط السياسي القومي ياروسلاف بيلوسوف، حول وضع الجيش الروسي، قائلاً: “الاستنتاج الواضح والذي لا جدال فيه بالنسبة لي شخصيًا هو حالة الاجهاد الخطيرة التي تعاني منها القيادة الروسية”.

النظام الذي بناه بوتين “قادر على هزيمة عدو بحجم جورجيا، لكن العدو الأكبر يسبب لها مشاكل خطيرة.

في سوريا قاتل جيش الأسد على الأرض وقدمنا له ​​دعمًا جوًيا، كانت ساحة تدريب للطيارين، لم تكن حربًا حقيقية”.

الآن يدرك الكرملين أنه”قد تدخل في صراع جدي، وأنه من الضروري الخروج بطريقة ما من هذا الوضع”.

الدليل الواضح على ذلك هو عدم وجود ردود على تجاوز أوكرانيا الواضح لجميع “الخطوط الحمراء” الممكنة عبر عمليات الاغتيالات والقصف المستمر على دونباس.

يبدو أنه لا يوجد شيء نتطلع إليه أكثر من ذلك، ربما باستثناء وصول صاروخ أوكراني إلى موسكو. لكن السلطات الروسية تواصل وعودها “بردود أكثر صرامة”. ما الذي يمنعها من تنفيذ هذه التهديدات؟

لا تزال القيادة الروسية تأمل في التوصل إلى اتفاق مع أوروبا.

في رأي بوتين “روسيا الآن في حالة حرب ليس مع أوكرانيا ولكن مع الغرب، وعلينا التحلي بالصبر قليلاً”، وسيوافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على تهدئة “دميتهم” في كييف، لأن الغرب لا يريد دفع روسيا إلى الحافة مما يؤدي لوصول “القوميين المتطرفين” إلى السلطة في الاتحاد الروسي.

لذلك، فإن “الخطوط الحمراء” ليست تهديدات أو حتى تحذيرات، ولكنها عملة دبلوماسية دموية في مساومة السياسة الخارجية للكرملين.

في حلقة مطولة للكاتبة الصحفية الشهيرة يوليا لاتينينا، تحدثت فيها عن أسباب ما وصفته بـ “الخلل” في الجيش الروسي، والذي يمكن اختصاره في النقاط التالية:

الجيش الذي أعاد بوتين هيكلته ينتظر الهزيمة “التعبئة تقرب فقط انهيار الجيش القديم، الذي تم تجميعه وفقًا لمبادئ العصور الوسطى”. لقد حوّل بوتين روسيا إلى جزء من محتويات حقيبته، وصدق أوهامه بأن لديه جيشًا قادر على هزيمة أوكرانيا.

ما هو شكل هذا الجيش حقًا؟ – دعونا على الأقل نحسب عدد الوحدات التي يتكون منها اليوم: “مجندين غير متمرسين وعديمي الخبرة، ومتطوعون لا يختلفون عن المجندين، وجنود متعاقدون تم إغرائهم بسعر فائدة موات على الرهون العقارية، وميليشيا دونيتسك التي يسيطر عليها بوتين شخصيًا، وأتباع قاديروفتسي، الذين لا يسيطر على أي شخص فيهم سوى قاديروف، وعدد قليل من المجموعات الأخرى التي ربما يمكنك إضافتها إلى هذه القائمة”.

هذه الجيوش كان يمكن لها الانتصار في العصور الوسطى. لكن في ساحة القرن الحادي والعشرين، الجيش الحديث اليوم هو “قوة واحدة منسقة يتم التحكم فيه وفقًا لمبدأ التمحور حول مركز القيادة، والذي يمكنه الوصول إلى أحدث المعلومات حول ما يحدث في ساحة المعركة”. أما وجود عشرات الرؤوس التي لا تسمع بعضها البعض لا علاقة لها بالجيش الحديث.

إلى ماذا يشير وجود مثل هذا العدد من الوحدات المتباينة؟ – بادئ ذي بدء، إلى “الافتقار للقدرات الكافية لإصلاح الجيش الرئيسي”. تمامًا مثل السلاطين العثمانيون، الذين “لم يكن لديهم أموال لإصلاح أوضاع الإنكشارية فاتجهوا لتأسيس وحدات عسكرية موازية، وهو ما فعلته بوتين الذي لم يكن لديه سلطة سياسية حقيقية للسيطرة على الجيش الروسي، لذلك لجأ إلى فاغنر، وأتباع قاديروف، وميليشيا دونيتسك وكتائب من السجناء”.

لا يمكن لمثل هكذا جيش “إلا أن ينتهي به المطاف بالهزيمة لأنه ببساطة غير قادر على التنافس مع انضباط الجيش الأوكراني وتكنولوجيا المعلومات التي تغلغلت فيه”. لذا لن تؤدي التعبئة “إلا إلى تقريب هذه النهاية الحتمية”.
الضعف اللوجستي للجيش الروسي

انتقد أيقونة القوميين الروس إيغور خولموغوروف، الضعف اللوجستي للجيش الروسي، وكتب متسائلاً: سؤال موضوعي حقًا يتطلب إجابة عاجلة من وزارة الدفاع “هل يمكن للمعبئين أن يأخذوا معهم خوذتهم، والدروع الواقية لأبدانهم، وأحذيتهم؟” أو سيتم أخذ كل هذه الأشياء بعيدًا عنهم بواسطة ضابط صف الرفيق مع عبارة “ستحصل على كل شيء في الجبهة”.

علقت قناة “ميغ” ذات التوجه اليساري القومي، على قرار إقالة الجنرال ديمتري بولغاكوف، نائب وزير الدفاع الروسي، ومسؤول الدعم اللوجستي للقوات المسلحة، بأنه قرار يوضح حقيقة ضعف اللوجستيات بالجيش الروسي طيلة الشهور السبعة الماضية، وأنه بدلاً من بولجاكوف، الذي تم إقالته بسبب الإخفاقات اللوجستية، تم تعيين العقيد عام ميخائيل ميزينتسيف، رئيس مركز مراقبة الدفاع الوطني، في منصب نائب وزير الدفاع الروسي المسؤول عن الخدمات اللوجستية.

مشكلة لوجستية أخرى، كتب عنها نائب رئيس مجلس مدينة موسكو، الصحفي أندري ميدفيديف، حول سوء إدارة عملية التعبئة، قائلاً: يكتب الزملاء بشكل محق عن مشاكل التعبئة الحالية. في الواقع، إما يقوم المسؤولين بحل هذه المشاكل أو سنواجه مجموعة من المشاكل الجديدة.

يشير الموقف الحالي إلى أن القوائم في مكاتب التسجيل والتجنيد العسكرية لم يتم تحديثها لفترة طويلة، أو هناك مشكلة على المستوى التقني، بجانب عدم مبالة الموظفين المسؤولين عن أخطاء قد تؤدي لتوتر اجتماعي وإثارة ذعر الكثير من السكان بسبب الأخطاء في التدوين والاستدعاء.

كما لا يوجد أحد يهتم بقراءة مهارات الشخص الذي تم استدعاءه وتحديد المستوى المطلوب ليلتحق بالجيش من عدمه، وهو ما قد يحول الوضع ببساطة عملية من الهراء واسع النطاق.

من الجيد أن تصبح جميع مشاكل التعبئة معروفة على الفور للجميع. حان الوقت لفهم أن وقت التقارير والعروض التقديمية ومقولة “كل شيء يمضي وفق الخطط والتوجيهات” قد انتهى. نحن لسنا بحاجة للحديث عن خطط بل بحاجة إلى القيام بعمل جيد، بصدق وبجودة عالية. هذا إذا كنا نريد تحقيق الهدف من التعبئة وهي تقوية الجيش لا إثارة اضطرابات داخله.

لم تتمكن مارغريتا سيمونيان، رئيسة مجموعة قنوات (RT)، المعروف دعمها المطلق للكرملين، من الصمت إيذاء المشكلات اللوجستية في عملية “التعبئة الجزئية”، والأخطاء التي لا تنتهي في عملية الاستدعاء، قائلة: أُعلن أمس رسميًا أن التعبئة لا تنطبق على الطلاب المتفرغين، اليوم تقول مكاتب التسجيل والتجنيد العسكرية أن “هذا ينطبق فقط على المجندين وليس أولئك المطلوبين للتعبئة”.

بينما أعلنوا أن الجنود يتم تجنيدهم “حتى سن 35 عامًا، بينما وصلت بالفعل استدعاءات لمن هم في الأربعين”، لماذا كل هذه الأخطاء التي تثير غضب الناس” متسائلة إن كان “هذا يحدث عن قصد؟”، ملمحه لحجم الفساد والتخبط الذي معه “لا تحتاج كييف لترسل أي من عملائها ليفعل أكثر مما يحدث بالفعل”.

تمييز في التعبئة قد تؤدي لمشكلات اجتماعية

علقت قناة “ميغ” على قائمة استثناءات وزارة الدفاع: في قائمة أولئك الذين لا يخضعون للتعبئة الجزئية، البند التالي مثير للاهتمام “العاملين في المنظمات التي تضمن استقرار نظام الدفع الوطني والبنية التحتية للأسواق المالية، وإدارة السيولة المصرفية، والتداول النقدي”،  أي اتضح أننا نتحدث عن موظفي سبيربنك والبنوك الأخرى “يجب حماية نظام الدفع بالطبع لكن العاملين في مجالات أخرى لا يقلون أهمية عن القطاع المالي”، مختتمة بالقول: “نحتاج إلى تفسيرات فورية وواضحة ودقيقة من السلطات لسبب استدعاء البعض وعدم استدعاء البعض الآخر”. هذه الإيضاحات هامة لتلافي “تنامي التوتر الاجتماعي كما حذرنا منذ فترة طويلة ومتكررة”، أي أخطاء في هذه المسألة “قد تكون تكلفتها مرتفعة بشكل كبير”. المطلب الأساسي هو “الانصاف”.

التعبئة الجزئية.. المسمار الأخير في نعش حرب بوتين

البند السري في قرار “التعبئة الجزيئة”!

علقت نوفايا غازيتا. أوروبا، على الفقرة السرية في مرسوم بوتين، بأن الفقرة السابعة من مرسوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن التعبئة، تنص على أنه يمكن تجنيد ما يصل إلى مليون شخص في الجيش. وذلك من خلال مصدر في الإدارة الرئاسية، وقال المصدر “تم تصحيح الرقم عدة مرات واستقر في النهاية على مليون”.

بالأمس، لفت الكثيرون الانتباه إلى حقيقة أن الفقرة رقم 7 مفقودة من النسخة المنشورة من المرسوم الرئاسي بشأن التعبئة. في وقت لاحق أصبح معروفًا أنه بند سري غير مسموح بتداوله بشكل علني ومحصور للاستخدام لدى الجهات الرسمية المعنية.

كتبت الصحفية الروسية أناستاسيا كاشيفاروفا، حول دور المسؤولين في تحفيز المجتمع على التعبئة، وذكرتهم بالماضي، قائلة: يتصرف الرجال بشكل مختلف، سواء في الأسرة أو في الحرب “شخص ما يتحمل المسؤولية شخص ما يهرب منها”.

كل هذا يتوقف على “التنشئة في الأسرة”، لكن الكثير “لا يزال يعتمد على المجتمع ومؤسسات الدولة”. آمل ألا تكون هناك “قصص في مكاتبنا للتسجيل والتجنيد العسكري. لا أحب أن أشير إلى ما مضى لكن من المهم أن نذكر أن ستالين، كان لديه ثلاثة أبناء ياكوف وفاسيلي وأرتيوم (بالتبني)، ولم يجلسوا كضباط أركان، لكنهم قاتلوا في الخطوط الأمامية”.

كان ياكوف أول من ذهب إلى الجبهة وتم أسره، وعرض الألمان على ستالين مبادلة بغيره من العسكريين الألمان رفيعي المستوى، وكان رده عليهم: “أنا لا أغير جندي بقائد ميداني “. تم إطلاق النار على ياكوف، ومات في الاسر “أرغب أن أرى مثل هذه النماذج في القيادة الحالية”.

أهوال الحرب والخشية من الهروب أو الاستسلام

كتب البروفيسور ياكوف ميركن، عن أهوال الحرب على وضع روسيا الديمغرافي المتدهور أصلاً: “يوجد 11.4 مليون رجل تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عامًا في روسيا، بحسب (اللجنة الحكومية للإحصاء)”.

إذا كان عدد من سيتم تجنيدهم (300 ألف شخص)، فهذا يعني “أنه سيتم استدعاء ما يقرب من رجل واحد من بين 38 رجلاً في هذا العمر”، إذا اعتبرنا أن “ما يقرب من 3 ملايين رجل من هذا العمر خدموا في الجيش، فسيتم حشد ما يقرب من 1 من 10-11 من الذين خدموا سابقًا جزئيًا”.

التعبئة الجزئية.. المسمار الأخير في نعش حرب بوتين

 

تم تداول رسالة إيرينا فيريشوك، نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، ووزيرة إعادة دمج الأراضي المحتلة مؤقتًا في أوكرانيا، والتي كتبتها بالروسية على قناتها الخاصة في تيليجرام، والتي جاء فيها: مناشدة للجنود الروس “إذا تم حشدك وانتهى بك المطاف في أراضي أوكرانيا، يمكنك ببساطة الاستسلام”، بهذه الطريقة، فإنك “تحفظ أثمن شيء بالنسبة لك – حياتك لنفسك ولأحبائك، هذا أفضل من موتك في أرض أجنبية”، نحن نضمن لك في الأسر السلامة وظروف الاحتجاز اللائقة، وبمرور الوقت “يمكن مبادلتك بالسجناء الأوكرانيين”، ومع ذلك “إذا كنت لا ترغب في العودة إلى روسيا، فوفقًا لاتفاقيات جنيف وقوانين أوكرانيا، لن ينقلك أحد إلى روسيا رغمًا عنك”، السلام خير من الحرب.

ردًا فيما يبدو على هذه الرسالة، وقع بوتين قانونًا بشأن السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات لمن يقرر الفرار من الخدمة العسكرية، والسجن مدة مماثلة لمن يستسلمون طوعيًا.