أعلنت أوكرانيا تقدماً جديداً الاثنين تمثّل في استعادة “أكثر من عشرين بلدة” خلال 24 ساعة في إطار الهجوم المضاد على روسيا.

وقال الجيش الأوكراني في تقريره الصباحي “يتواصل تحرير البلدات من الغزاة الروس في منطقتي خاركيف ودونيتسك” في شرق أوكرانيا.

وفي منطقة خيرسون، أعلن الجيش استعادة 500 كيلومتر مربع من الأراضي في أسبوعين، معلناً بذلك أول تقدير بالأرقام بشأن تقدُّمه في الجنوب.

وفي المجموع، أعلنت أوكرانيا أنها استعادت 3 آلاف كيلومتر مربع من أراضيها، خصوصاً في منطقة خاركيف، منذ بداية أيلول/سبتمبر.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد اعترف في الثاني من حزيران/يونيو، بأنّ حوالى 125 ألف كيلومتر مربّع سيطر عليها الروس، بما في ذلك 43 ألف كيلومتر مربّع (شبه جزيرة القرم وأجزاء كاملة من حوض دونباس) فُقدت قبل الغزو في 24 شباط/فبراير.

في الأثناء، أعلنت السلطات الأوكرانية أنه تم العثور على أربع مدنيين بدت عليهم “علامات التعذيب” في قرية زاليزنيتشني التي استعادتها كييف من القوات الروسية في الشرق.

وقال مكتب المدعي العام في المنطقة إن سكانا أفادوا بأن الجنود الروس قتلوا أشخاصا من قاطني القرية. وقال مدعون على فيسبوك “في 11 أيلول/سبتمبر، اكتشف عناصر إنفاذ القانون أربع جثث. بدت على جميعها علامات التعذيب”.

“ننتظرهم منذ أشهر”

وصباح الأحد، كانت ناديا نيسولينا البالغة من العمر 61 عاماً في الشارع عندما دخل الجنود الأوكرانيون الأوائل إلى إيزيوم في الشمال الشرقي، التي كان عدد سكّانها حوالى 50 ألفاً قبل الحرب، والتي تحوّلت إلى نقطة رئيسية للخدمات اللوجستية والإمدادات للقوات الروسية.

وقالت لوكالة فرانس برس “استقبلناهم والدموع في عيوننا. ننتظرهم منذ أشهر (…) نحن سعداء للغاية”. وأضافت أنّ الاحتلال الروسي “كان صعباً جداً، ولكنّنا كنّا محظوظين بوجود منزل فيه قبو وطعام”.

يمكن لخسارة هذه المدينة الاستراتيجية أن تؤثّر بشكل خطير على طموحات موسكو العسكرية في شرق أوكرانيا، وفق الخبراء، بينما يحيي هذا الخرق الآمال بالنسبة لكييف في تغير موازين القوى على الأرض بعدما بدا أن الوضع كان يراوح مكانه لفترة طويلة.

وقال “معهد دراسة الحرب” (ISW) إنّ “أوكرانيا ألحقت هزيمة عملياتية كبيرة بروسيا عبر استعادة السيطرة على كل منطقة خاركيف تقريباً (…)، لكن الهجوم المضاد الحالي لن ينهي الحرب”.

وأشار مركز الأبحاث الأميركي إلى أن “الجنود الأوكرانيين استعادوا أراض في منطقة لوغانسك”، حيث أقام الانفصاليون الموالون لروسيا “جمهورية” من جانب واحد في العام 2014، كما هو الحال في دونيتسك المجاورة.

وأشارت سلطات الاحتلال الموالية لروسيا في منطقة خاركيف الاثنين إلى أنها انتقلت إلى منطقة بلغورود في روسيا قرب الحدود، للمساعدة في التعامل مع تدفّق اللاجئين، حسبما أعلنت الوكالات الروسية.

ولكن الاثنين، استأنفت موسكو لهجتها الهجومية للإعلان عن قصف المناطق التي استعادتها أوكرانيا في منطقة خاركيف، في كوبيانسك وإيزيوم، وذلك بعدما سبق أن اعترفت بخسارتها الميدانية.

وقال الكرملين إنّ الهجوم الروسي الذي بدأ في شباط/فبراير الماضي سيتواصل “إلى أن تتحقّق الأهداف”.

وأضاف دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية “ليس هناك أي احتمال لإجراء مفاوضات” حالياً.

غير أنّ دنيس بوشيلين أحد القادة الرئيسيين للانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، اعترف الاثنين بالوضع “الصعب” في مواجهة الهجوم المضاد الأوكراني، مؤكداً أنّ القوات الروسية “تصمد أمامه”.

وقال لقناة “روسيا 24” التلفزيونية “الوضع لا يزال صعباً. الخصم يحاول تدمير البنية التحتية الحيوية والمدنية”، مشيراً إلى “قصف مكثّف”.

“انتصار” في الجنوب

أعلن الجيش الأوكراني في البداية هجوماً مضاداً في الجنوب، قبل أن يحرز تقدّماً خاطفاً الأسبوع الماضي في منطقة خاركيف.

وقالت المتحدثة العسكرية في الجنوب ناتاليا غومينيوك “نجاحاتنا خلال الأسبوعين الماضيين مقنعة تماماً” في منطقة خيرسون أيضاً.

وأعلن حاكم هذه المنطقة ياروسلاف يانوشفيتش بعد الظهر، أنّ بلدات فيسوكوبيليا ونوفوفوزنيسكي وبيلوغيركا وميروليوبيفكا وسوخيي ستافوك “تمّ تحريرها من المحتلّين”.

من جانبه، أكّد كيريل ستريموسوف نائب رئيس الاحتلال الروسي في خيرسون أنّ الوضع “تحت السيطرة الروسية”. واعتبر أنّ “تطوّراً مماثلا لما حصل في خاركيف هو ببساطة مستحيل”.

من ناحية أخرى، لا يزال الوضع مقلقاً في محطة الطاقة النووية الأوكرانية في زابوريجيا (جنوب)، حيث تمّ إيقاف جميع المفاعلات.

وحذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في محادثة هاتفية الأحد من أنّ “الهجمات الأوكرانية المتكرّرة على مواقع في محطة زابوريجيا، بما في ذلك مستودعات للنفايات المشعة، قد تكون عواقبها كارثية”.

وردّ ماكرون بالقول إنّ “الاحتلال الروسي هو سبب المخاطر” التي تهدد أكبر محطّة نووية في أوروبا، وطلب منه سحب “الأسلحة الثقيلة والخفيفة” من الموقع.

مع ذلك، تحدّثت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن إشارات إيجابية الاثنين، في ظلّ إجرائها اتصالات مع الطرفين لإنشاء منطقة أمنية حول هذه المنشآت.

وقال مدير عام الوكالة رافايل غروسي “رأيت علامات تدل على اهتمامهم بمثل هذه الاتفاقية”.

عودة جزئية للتيار الكهربائي

مساء الأحد، عانت عدّة مناطق في شرق وشمال وجنوب ووسط البلاد من انقطاع واسع في التيار الكهربائي، نسبته كييف إلى الضربات الروسية. وقرب خاركيف، تضرّرت محطة الطاقة الحرارية رقم 5، الثانية في البلاد، بحسب الرئاسة.

وأعيد التيار الكهربائي في جزء من المناطق المتضرّرة. كما تمّت استعادة “80 في المئة” من إمدادات الكهرباء والمياه في خاركيف، حسبما أعلن كيريو تيموشينكو نائب الرئيس عبر تطبيق “تلغرام”.

في جنيف، صعّدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نبرتها الاثنين تجاه السلطات الروسية، متّهمة إياها ب”الترهيب” و”الرقابة” تجاه معارضي الحرب في روسيا.

وقالت ندى الناشف القائمة بأعمال المفوّض السامي خلال كلمة افتتاح الدورة ال51 لمجلس حقوق الإنسان، “الترهيب والتدابير التقييدية والعقوبات ضدّ الأشخاص الذين يعبّرون عن معارضتهم للحرب في أوكرانيا تقوّض ممارسة الحريات الأساسية التي يكفلها الدستور” الروسي.