العراق أول بلد عربي يمنح “جواز سفر” للمؤهلات الأكاديمية للطلاب اللاجئين

  • جرى تصميم جواز سفر المؤهلات لتمكين البلدان المضيفة من التحقق من صحة الشهادات الأكاديمية للاجئين
  • 21  طالب سوري تمتع بهذا الجواز

نشر موقع “al-fanarmedia” تقريراً جديداً أشار فيه إلى أن العراق هو أول بلد عربي يمنح “جواز سفر” للمؤهلات الأكاديمية للطلاب اللاجئين.

ووفقاً للتقرير، فإنه قبل 4 سنوات، تمكن أصف إياد أبو صعب، وهو شاب سوري يبلغ من العمر 29 عاماً، من الحصول على تأشيرة دينية لزيارة مدينة النجف في العراق، حيث كان يأمل من خلالها التقدم بطلب لجوء إلى أوروبا واستكمال دراسته الجامعية هناك، إلا أن محاولته باءت بالفشل وانتهى به المطاف نادلاً في أحد المطاعم هناك.

وكان أبو صعب يدرس في السنة الثالثة في كلية طب الأسنان بجامعة حلب، لكن ظروف الحرب قادته لمصير مختلف أفقده الأمل في العودة إلى مقاعد الدراسة من جديد، لولا تمكنه مؤخراً من الحصول على جواز سفر “أكاديمي”.

وفي حديث له، قال أبو صعب: “سافرت إلى العراق على أمل الوصول إلى أوروبا لاستكمال تعليمي وبدء حياة جديدة. لكن الأوضاع لم تسمح بذلك وحصلت على عمل، وحين علمت بوجود فرصة لاستكمال تعليمي ومعادلة شهادتي تقدمت على الفور وحصلت على جواز سفر المؤهلات”.

وأشار موقع “al-fanarmedia” إلى أن تصميم جواز سفر المؤهلات تم لتمكين البلدان المضيفة من التحقق من صحة الشهادات الأكاديمية للاجئين، وبالتالي تحسين وصولهم إلى التعليم العالي والعمل.

ويضم جواز سفر المؤهلات تقريراً كاملاً معترفاً به حول الشهادات الدراسية التي حصل عليها الطالب في الماضي ويوثق أعلى مرحلة دراسية وصل إليها بناءً على تقييم للوثائق المتاحة (أصلية أو نسخ أو صور)، بالإضافة إلى نتائج مقابلة لإثبات الادعاءات عن الإنجازات التعليمية التي لا تدعمها الوثائق.

وفي حال تم إثبات هذه الادعاءات، يعمل المقيمون المعتمدون على إصدار مستند باسم اللاجئ يوضح أعلى درجة علمية تم الحصول عليها ودرجة إتقانه للغة والخبرات ذات الصلة.

وتسجل الوثيقة التي حصل عليها أبو صعب دراسته لطب الأسنان في جامعة حلب والدرجات التي حصل عليها في كل مادة، كما تؤكد اجتيازه مقابلة مع أساتذة جامعيين حول المواد التي درسها وأسماء أساتذته وزملائه في جامعة حلب.

مشروع تجريبي في العراق

يتم تنفيذ مشروع جواز سفر المؤهلات بصورة تجريبية حالياً في العراق، وهو جزء من مبادرة تقودها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والوكالة النرويجية لضمان الجودة في التعليم(NOKUT).

ويهدف المشروع لتحسين وصول الشباب اللاجئين إلى التعليم العالي والعمل. ويعد العراق أول دولة عربية تمنح هذا الجواز، بعد عدة دول أوروبية من بينها: النرويج وإيطاليا واليونان وبلجيكا. حتى الآن، تم منحه إلى 21  طالب سوري.

ماهي نسبة اللاجئين المسجلين في التعليم العالي؟

تُظهر أحدث الأرقام الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن نسبة اللاجئين المسجلين في التعليم العالي لا تزال 3 في المئة فقط على مستوى العالم.

ويواجه معظم اللاجئين تحدياً كبيراً في الاعتراف بالمؤهلات والشهادات التي حصلوا عليها سابقاً في بلدانهم الأصلية، مما يحول دون استكمالهم للتعليم العالي أو الحصول على فرص مناسبة للعمل في بلدان اللجوء.

وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يعيش في العراق أكثر من 283 ألف لاجئ، من بينهم 242 ألف لاجئ سوري وأكثر من 40 ألف من جنسيات أخرى (الأتراك والإيرانيين والفلسطينيين والسودانيين).

وتشكل النساء نسبة 48% من إجمالي عدد اللاجئين في العراق، بينما كانت نسبة الأطفال 42%. ومع هذا، تعيش نسبة تتجاوز الـ 90% من اللاجئين السوريين في إقليم كردستان العراق، 40 منهم في 10 مخيماتٍ للاجئين.

وكحال أبو صعب، أنهى بدر ماجد (23 عاماً) من محافظة السويداء، دراسة الثانوية العامة، غير أنه لم يستطع دراسة الاقتصاد في جامعة دمشق التي طالما حلم بها والتحق بكلية الإعلام لتجنب الخدمة العسكرية في ظل الظروف المعيشية المتردية في سوريا.

ولم يجد ماجد نفسه في هذا المجال وترك الجامعة وسافر إلى العراق، وتمكّن هناك من الحصول على جواز المؤهلات، وقال: “أخيراً سأحقق رغبتي بدراسة الاقتصاد”.

عقبات في مواجهة جواز المؤهلات

على الرغم من تصديق 80 دولة على مستوى العالم على اتفاقيات الاعتراف باليونسكو، والتي تشمل الالتزام بالاعتراف العادل والشفاف وغير التمييزي بمؤهلات اللاجئين حتى في حالة عدم وجود أدلة وثائقية، فإن مؤسسات التعليم العالي في هذه الدول تفتقر إلى الأدوات اللازمة لتقييم مؤهلات اللاجئين والتحقق منها، وبالتالي يخسر اللاجئون القدرة على الوصول للتعليم العالي وفرص العمل في هذه الدول.

وبدوره، قال أندرياس سنيلدال، كبير مسؤولي البرامج في اليونسكو: “في تجربتنا، يواجه اللاجئون عقبات كثيرة تتعلق بالاعتراف بماضيهم الدراسي واختلافات المناهج الدراسية والدرجات والأنظمة التعليمية بين الدول. وغالباً ما يفتقر اللاجئون، الذين أُجبروا في كثير من الأحيان على مغادرة منازلهم على عجل، إلى الوثائق الرسمية التي تثبت مؤهلاتهم. لكن حتى عندما تكون أوراقهم كاملة، قد يكون من الصعب التحقق من صحة الوثائق الصادرة في مناطق النزاع، حيث تم إغلاق المؤسسات التعليمية أو يصعب الاتصال بها”.

ولعبت الوكالة النرويجية لضمان الجودة في التعليم (NOKUT)، دوراً محورياً في تطوير جواز سفر اللاجئين منذ عام 2016، وأيضاً في التخلص من هذه العقبات حيث يتم استخدام منهجية تقييم المقابلات التي ابتكرتها الوكالة للتحقق من الدرجات العلمية التي حصل عليها اللاجئين.

وقالت مارينا مالجينا، مسؤولة التقييم القائم على المقابلات بالوكالة النرويجية لضمان جودة التعليم (NOKUT): “تساهم الوكالة في التدريب وبناء القدرات في منهجية التقييم، وتشارك في جميع جلسات التقييم كمقيمين معتمدين و مدربين قادرين على التحقق وتقديم المساعدة للاجئين”.

وتعتقد مالجينا أن التقييم الدقيق وفي الوقت المناسب لمؤهلات اللاجئين حتى في الحالات التي لا يمكن فيها التوثيق بشكل صحيح، يمكن أن يوفر نقطة الانطلاق اللازمة للاستفادة من مهارات اللاجئين وتسهيل اندماجهم في مجتمعاتهم الجديدة.

تمكين اللاجئين

تظهر النتائج حتى الآن أن المشروع يمكن أن يكون حلاً عملياً للتحديات التي يواجهها اللاجئون عند سعيهم للحصول على التعليم العالي، ويشكل أداة ملموسة لهيئات الاعتراف ومكاتب القبول التي ترغب في إدماج اللاجئين في التعليم العالي.

ومع هذا، يعتقد سنيلدال أن النتائج واعدة حتى الآن، وقال: “أصدرنا ما يقرب من 582 جواز سفر في أوروبا، ووافقنا على 21 طلب من مجموع 24 طلب تقدم إلينا في العراق وقد حصل 11 منهم على الأقل على منح دراسية كاملة في جامعات إيطالية من خلال المجلس الأوروبي EQPR”.

وبحسب مسؤول في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق، رفض ذكر اسمه فإن اليونسكو ومفوضية اللاجئين يعملان حالياً على تحديد فرص المنح الدراسية لحاملي جواز سفر المؤهلات، بالتعاون مع الجامعة العراقية والجامعة الأمريكية في بغداد ومبادرة ألبرت أينشتاين الألمانية الأكاديمية للاجئين التابعة للمفوضية، وهناك محادثات بشأن استخدام جواز سفر المؤهلات في في إقليم كردستان.

ويأمل سنيلدال في تحقيق نتائج مماثلة في المنطقة العربية خاصة مع تنامي أعداد اللاجئين في عدد من دول المنطقة، وقال: “بالنظر إلى وضع اللاجئين في الشرق الأوسط، سننظر أيضاً في توسيع البرنامج التجريبي ليشمل بلداناً أخرى في المنطقة”.

بدوره، يوضح نزار سعدي ظاهر، منسق المشروع في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق أن الموافقة على التعاون مع اليونسكو جاءت مشروطة بعدم إعطاء أي التزامات على الوزارة كون المشروع لا يزال في مرحلته التجريبية.

وقال: “جواز المؤهلات لا يزال غير معترف به كوثيقة رسمية عراقية حتى الآن ولن يكون بديلاً عن الوثائق الرسمية. ولذلك يجب الحصول على الوثائق الرسمية من قبل هؤلاء الطلبة لقبولهم في الجامعات العراقية أو استكمال دراستهم هنا”.

وينتظر أبو صعب وعداً من اليونسكو بمنحه سنة دراسية لتعلم اللغة الإنجليزية في الجامعة الأمريكية في بغداد، حتى يستطيع الالتحاق بأحد المنح الدراسية التي توفر للاجئين. ومع هذا، فإن أبو صعب يتخوف من عدم قدرته على التنسيق بين مقتضيات العمل والدراسة، وقال: “اعترفوا بالشهادة وأتمنى ألا يطول انتظار المنحة الدراسية”.

وتابع: “التخوفات تزداد من عدم القدرة على الموازنة بين الدراسة وأعباء العمل، لأني لا أملك ترف تركه”.

ويحلم ماجد أيضاً باستكمال دراسته في التجارة والاقتصاد عن طريق المنح الدراسية الكاملة، وقال: “لا بدَّ أن أواصل العمل لمساعدة أسرتي في سوريا، كما أرغب في الالتحاق بالجامعة دون أن يؤثر ذلك على عملي وآمالي في مستقبل أفضل”.