المجتمع الدولي يدعو للضغط على الصين بسبب انتهاكاتها ضد الإيغور

تطفو قضية الإيغور من جديد على الساحة العالمية، لكن كيف؟ تثير بعض الجوانب المتعلقة بعملة البيتكوين مخاوف بيئية، ذلك أن كمية كبيرة من هذه العملة تتم في إقليم شينجيانغ، شمال غرب الصين؛ حيث تم سجن أكثر من مليون من مسلمي الإيغور في معسكرات من قبل الحزب الشيوعي الصيني؛ حيث كانت الصين مسؤولة عن 65 ٪ من عمليات تعدين البيتكوين، و36٪ من هذه العمليات تتم في إقليم شينجيانغ.

ويعود ذلك إلى انخفاض تكلفة أسعار تشغيل الآلات لعمليات التعدين بسبب انخفاض أسعار الطاقة هناك؛ حيث تتمتع شينجيانغ بإمدادات وفيرة من الفحم، فضلا عن البعد النسبي للمنطقة ما يعني أن استخدام المورد محلياً سيكون أرخص بكثير من نقله إلى أجزاء أخرى من الصين. 

إلى جانب عمليات التعدين تتم عمليات انتهاك واسعة لحقوق الإيغور الإنسانية؛ حيث تنفذ السلطات التابعة للحزب الشيوعي الصيني هناك عمليات تعذيب ممنهجة، لكن وسائل الإعلام لا تركز بالغالب على ارتباط عملة بيتكوين بشينجيانغ. 

وقد واجهت عمليات الصناعة التي تقام في الإقليم مقاطعة من قبل العديد من المؤسسات والشركات التجارية الكبرى بسبب الانتهاكات التي يواجهها السكان الأصليون؛ ففي يوليو الماضي، دعت أكثر من 190 منظمة،إلى مقاطعة عمليات الاستيراد والتصدير من شينجيانغ، خصوصا وأن الإقليم غني بالقطن والذي يضم نحو 20% من إجمالي كميات القطن العالمية.

وفيما يتوقع المحللون أن تولي إدارة بايدن اهتمامًا واسعا بعملة البيتكوين، كانت انتقدت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين “إساءة استخدام” العملات المشفرة في غسيل الأموال أو تمويل الإرهاب. 

في الوقت ذاته، يمكن لوجود صلة بين بيتكوين وإقليم شينجيانغ أن يضع الإقليم في مواجهة كبيرة، ذلك أن وزارة الخزانة قد تفرض عقوبات على شركات تعدين البيتكوين التي تقوم بعمليات كبيرة في شينجيانغ، أو أن تُصدر تحذيرات بأنها “تدرس” روابط البيتكوين.

عن الإيغور

تتهم الصين بارتكاب جرائم إبادة جماعية وانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان بسبب معاملتها لأقلية الإيغور المسلمة؛ إذ تؤكد منظمات حقوق إنسان ومراقبون دوليون أن “نحو مليون رجل وامرأة من الأقلية العرقية المسلمة تم احتجازهم في معسكرات بمقاطعة شينجيانغ شمال غرب الصين”، وفق موقع “NEW.COM.AU“.

هذه الوقائع، دفعت بالمجتمع الدولي إلى الضغط على الحزب الشيوعي الصيني، لا سيما بعد صدور تقرير سابق لشبكة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” يتحدث عن قصص مروعة تمثلت في عمليات اغتصاب ممنهجة لأقلية الإيغور المسلمة، وعمليات اعتداء جنسي وحشية، وتعذيب للنساء المحتجزات، وهو ما نفته الصين بحجج واهية.

لكن أستراليا التي تضم مجموعة كبيرة من الإيغور، طالبت الصين إلى السماح لمفتشي الأمم المتحدة بدخول المنطقة للتحقيق في الاتهامات الموجهة لها، وقالت حينها متحدثة باسم وزيرة الخارجية ماريس باين: “كان لدى أستراليا مخاوف كبيرة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ”.

وتابعت حينها: “التقارير الأخيرة حول التعذيب الممنهج وإساءة معاملة النساء مُقلقة للغاية وتطرح أسئلة جادة فيما يتعلق بمعاملة الإيغور والأقليات الدينية والعرقية الأخرى في شينجيانغ”، مضيفة: “الشفافية أمر مهم للغاية … ندعو الصين السماح للمراقبين الدوليين بما في ذلك المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ميشيل باشليت، من زيارة المقاطعة في أقرب فرصة للاطلاع على واقع الحال هناك”.

 

من هم الإيغور؟

الإيغور، هم شعب يعود عرقيا وثقافيا إلى تركيا وموطنه الأصلي آسيا الوسطى والشرقية، كما أنهم يتحدثون لغتهم الخاصة كالتركية، وأغلبهم من المسلمين السنة، كما يُقدر أن هناك أكثر عن 12 مليون شخص من أقلية الإيغور المسلمة يعيشون في شينجيانغ؛ أي أقل من نصف سكان المنطقة بعد عقود من الهجرة الجماعية للصينيين الهان”.

ويعيش نحو مليون من الإيغور في دول مثل كازاخستان وتركيا وأوزبكستان ، بالإضافة إلى عدة آلاف في أستراليا، فيما أكد بعض الناشطين أن السلطات الصينية تعمدت تقليل أعدادهم، للقضاء عليهم شيئا فشيئاً.

وكان مشروع الإيغور لحقوق الإنسان (UHRP) ومقره الولايات المتحدة قال إن: “الإيغور لديهم تاريخ ثقافي غني يعود إلى ما يقرب من 4000 عام؛ فقبل اعتناق الإسلام في القرن العاشر، كان الإيغور يؤمنون بالبوذية والمانشية والمسيحية النسطورية … أما اليوم، فيمارسون شكلاً معتدلاً من الإسلام الصوفي ويعيشون حياة علمانية في الغالب”.

ما الرابط بين الإيغور وعملة البيتكوين؟

تجمع حاشد للايغور خارج السفارة الصينية في لندن ، إنجلترا ، في 5 يوليو 2019. المصدر: Getty images

أين يقع إقليم شينجيانغ ؟

شينجيانغ، التي يشار إليها رسميًا باسم منطقة شينجيانغ الإيغورية هي منطقة ذاتية الحكم، صحراوية الطبيعة وتقع في شمال غرب الصين على الحدود مع ثماني دول أخرى وهي منغوليا وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان وباكستان والهند.

تاريخياً، كانت المنطقة تُعرف باسم تركستان الشرقية – وهو الإسم الذي لا يزال يستخدمه الإيغور الذين يؤكدون أن المنطقة تعرضت لغزو الحزب الشيوعي الصيني في عام 1949 وظلت تحت الاحتلال منذ ذلك الحين.

وتصل مساحتها إلى نحو 1.7 مليون كيلومتر مربع، أو سدس إجمالي مساحة الأراضي التي تسيطر عليها الصين، وتنتج حوالي خمس القطن في العالم وهي غنية بالوقود الأحفوري بما في ذلك النفط، والفحم، والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى كونها قاعدة الطاقة الوطنية في البلاد، ويُنظر إلى شينجيانغ أيضاً على أنها ذات أهمية استراتيجية لأنها تربط الصين بروسيا وآسيا الوسطى وبقية أوروبا.

وبالتالي، فإنها تعد الركيزة الأساسية لمبادرة الحزام والطريق للحزب الشيوعي، وهو مشروع عالمي للتجارة، والبنية التحتية بقيمة 1.5 تريليون دولار يسعى إلى وضع الصين في مركز العالم الاقتصادي، والسياسي.

أزمة الإيغور

لطالما اشتكت الأقلية المسلمة من اضطهاد الحزب الشيوعي الصيني – الذي قام على مدى عقود بقمع الحركات الانفصالية في شينجيانغ – لكن ذلك تسارع بشكل كبير منذ عام 2014 في عهد الرئيس شي جين بينغ، ذلك أن المد الإسلامي في عام 1990 شكل نقطة تحول بالنسبة إلى بكين، التي شرعت في سياسة هدفت منها إلى السيطرة على مجتمع الإيغور والهجرة الجماعية لعرقية الهان الصينية من أجل تسريع اندماج المقاطعة مع بقية البلاد.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان أشارت في تقرير عام 2005 إلى أنه بعد 11 سبتمبر مباشرة، تحولت الحكومة الصينية من وصف الاشتباكات الانفصالية للإيغور بأنها حوادث منعزلة إلى ربطها بـ “الإرهاب الدولي”، بما في ذلك أسامة بن لادن والقاعدة.

وعلى مر السنين، اتسم الصراع في شينجيانغ بأعمال شغب وهجمات إرهابية، بما في ذلك هجوم محطة كونمينغ للسكك الحديدية عام 2014 – في مقاطعة يونان الجنوبية الغربية – حيث قتل ثمانية انفصاليين من الإيغور يحملون السكاكين و31 مسافرًا وجرح أكثر من 140 آخرين، ثم زعيم الحزب الشيوعي الصيني حينها بشن حملة قمع كبيرة في شينجيانغ.

وقال حينها في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) “إن معركة لمكافحة العنف والإرهاب مستمرة، ويجب اتخاذ إجراءات حاسمة لقمع الإرهابيين”.

وكانت وثائق حكومية داخلية تم تسريبها إلى صحيفة نيويورك تايمز في عام 2019 كشفت أن زعيم الحزب الشيوعي الصيني، دعا في خطابات خاصة لمسؤولي الحزب، إلى “مواجهة الإرهاب والتسلل والانفصاليين”.

 

ما هي الاتهامات الموجهة للصين؟

منذ عام 2017 ، أفادت التقارير أن الصين احتجزت ما يصل إلى مليون من الإيغور في “معسكرات إعادة التعليم” أو “مراكز التدريب المهني”، وحينها قام محللون من معهد السياسة الإستراتيجية الأسترالي، باستخدام صور الأقمار الصناعية ، بتحديد ورسم خرائط لأكثر من 380 موقعًا من هذا القبيل في جميع أنحاء شينجيانغ.

إزاء ذلك ردت الصين بأن “المعسكرات تركز على التدريب وتنمية المهارات، لكن سجناء سابقين وصفوا التعذيب الجسدي والنفسي لأنهم مجبرون على نبذ الإسلام”.

وزعمت جماعات حقوق الإنسان أن السجناء يتعرضون لانتهاكات بما في ذلك العمل القسري وغسيل المخ والتعقيم والاغتصاب المنهجي والتعذيب الجنسي والتجارب الطبية.

كما عملت السلطات الصينية على محاولة محو ثقافة الإيغور والتقاليد الإسلامية، وتدمير آلاف المساجد وعشرات من مقابر المسلمين التقليدية، مع مراقبة كبيرة لمختلف جوانب حياتهم.

كما صدرت تقارير عن عمليات تعقيم جماعي لنساء الإيغور وفصل الأطفال عن عائلاتهم، كما تعرضت النساء لما تم تشبيهه بـ “الاغتصاب الجماعي”.

الولايات المتحدة تدين “الإبادة الجماعية” للإيغور

اتخذ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب موقفًا متشددًا تجاه الصين، وفرض قيودًا على التأشيرات وعقوبات مالية على مسؤولي الحزب الشيوعي بسبب “الانتهاكات المروعة” ضد الإيغور.

وقد أعلن وزير الخارجية السابق مايك بومبيو أن الصين ترتكب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في معاملتها للإيغور والأقليات العرقية الأخرى في شينجيانغ.

وخلال جلسات الاستماع الخاصة في مجلس الشيوخ، أشاد وزير خارجية الرئيس جو بايدن، المختار أنتوني بلينكين، بتعامل إدارة ترامب مع الصين وقال إن إدارة بايدن ستواصل اتباع “نهج أكثر صرامة”. وقال السيد بلينكين إنه “يتفق مع وصف سلفه لمعاملة الصين لمسلمي الإيغور بأنها إبادة جماعية”.