بعد عامين تقريباً على سقوط داعش في سوريا، لا يزال ٥٦ جهادياً ماليزياً عالقاً هناك بالرغم من “انفتاح” الحكومة على فكرة إعادتهم إلى الوطن، بحسب ما قالته الشرطة الماليزية.

منذ ٢٠١٣، أكثر من ١٠٠ مواطن ومواطنة من ماليزيا رحلوا إلى سوريا “تلبية” لدعوة داعش من أجل العيش في ظل “الخلافة” المزعومة؛ أربعون ماليزياً على الأقل قُتلوا في صفوف التنظيم وكان منهم انتحاريون.

سقطت داعش في مارس ٢٠١٩ بعد أن هزمتهم قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، بعد أن كان التنظيم، في ذروة قوته، يسيطر على ثلث سوريا و٤٠٪ من العراق مستقطباً حوالي ٣٠ ألف مقاتل أجنبي من جميع أنحاء العالم.

عائق وحيد يقف أمام رغبة ماليزيا في إعادة مواطنيها "الدواعش" من سوريا

نورما إسحاق، أول امرأة تتولى منصب مدير قسم مكافحة الإرهاب في جهاز الاستخبارات الماليزي

نورما إسحاق، رئيسة قسم مكافحة الإرهاب في جهاز الاستخبارات التابع للشرطة الماليزية، وأول امرأة تتولى هذا المنصب، أكدت: “لدينا ٥٦ مواطناً هناك (في سوريا).”

وأضافت أن الماليزيات لا يزلن عالقات في مخيم الهول المزدحم شمال سوريا؛ أما الرجال فهم محتجزون في سجن الحسكة في شمال شرق البلاد حيث تسيطر قوات قسد.

تقول إسحاق: “قوات سوريا الديموقراطية كيان لا تعترف به الحكومة الماليزية دبلوماسياً؛ ما يجعل الأمر صعباً للغاية.”

تصريحات إسحاق جاءت في الندوة الأولى حول الوقاية ومكافحة التطرف العنيف في جنوب شرق آسيا والتي بدأت في ١٢ من الشهر الجاري وتستمر حتى ٢٧ منه، بتنظيم من الجامعة الإسلامية الدولية في ماليزيا وبالتعاون مع جامعة ماريلاند الأمريكية والسفارة الأمريكية في كوالالمبور.

أثناء الندوة، أكدت إسحاق أن الحكومة الماليزية “منفتحة” على اقتراح الشرطة بإعادة عناصر داعش إلى ماليزيا على اعتبار أن إعادتهم إلى الوطن سيسمح للشرطة “بالسيطرة” على تحركاتهم وتحركات أنصار التنظيم وبالتالي سيوفر للقوات الأمنية الفرصة “للتعامل معهم.”

وقالت: “إذا تركناهم هناك (في سوريا)، فقد يفرّون من السجن متى سنحت الفرصة، سينسلّون من منطقة الصراع ويحصلون على جوازات سفر وهويات مزورة ويتسللون إلى ماليزيا مرة أخرى من دون أن نعلم عنهم.”

كوفيد-١٩ قلّص خطر الإرهاب في ماليزيا

كان في الحظر الذي فرضته الحكومة في ماليزيا بسبب كوفيد-١٩ “ضرراً نافعاً” لأنه ساهم في تقليص خطر الإرهاب الذي يشكله أنصار داعش. فقد انخفض عدد الإرهابيين المشتبه بهم الذين اعتقلتهم السلطات من المئات في ٢٠١٦ إلى ما يقل عن العشرة في ٢٠٢٠.

بحسب إسحاق، فقد اعتقلت السلطات سبعة مشتبهين بالإرهاب العام الماضي مقارنة بـ٧٢ في ٢٠١٩. وقالت: “كوفيد-١٩ كان ضرراً نافعاً على ماليزيا؛ فبسبب إجراءات الوقاية من الوباء، تقلصت الحركة والنشاطات اليومية. وأدى هذا بشكل غير مباشر إلى تقليص خطر الإرهاب وتسطيح منحنى التهديد في ماليزيا.”

في ٢٠٢٠، فرضت ماليزيا الحظر الشامل والجزئي في مختلف أنحاء البلاد وتضمن ذلك منع التنقل بين الولايات الإدارية، وإغلاق المدارس والمحال التجارية والمطاعم في محاولة لكبح انتشار فيروس كورونا. يوم الأربعاء، ١٣ يناير ٢٠٢٠، وبسبب ارتفاع حاد في حالات الإصابة بالفيروس، أعادت الحكومة فرض الحظر على معظم أنحاء البلاد بما في ذلك منع التنقل عبر الولايات. تقول إسحاق إن كوفيد-١٩ أثر على “جميع أطياف المجتمع” بمن فيهم “أنصار داعش والمتعاطفين معهم” في ماليزيا.

في ٢٠١٣، اعتقلت ماليزيا ثلاثة رجال في أول حملة اعتقالات في صفوف داعش؛ في ٢٠١٥، ارتفع الرقم إلى ٨٢، ووصل مستوى قياسياً في ٢٠١٦ إذ بلغ ١١٩؛ في ٢٠١٧، اعتُقل ١٠٦ أشخاص وفي ٢٠١٨، اعتقل ٨٥ شخصاً.

وأوضحت إسحاق أنه من خلال رصد المحادثات على الإنترنت، كان أنصار داعش والمتعاطفون مع التنظيم ينتظرون أخبار اعتقال المتهمين بالإرهاب “ويُمجّدون” بطولاتهم “على “صفحاتهم الأولى.”

إطلاق سراح رجل الدين المتشدد لن يُحييَ الجماعة المرتبطة بالقاعدة

أطلقت الحكومة الإندونيسية الأسبوع الماضي سراح أبي بكر باعشير، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية المرتبطة بالقاعدة، بعد أن أمضى ١٥ عاماً في السجن بتهمة تمويل معسكر لتدريب الإرهابيين في مقاطعة آتشي، غرب إندونيسيا. الحكومة قلصت محكوميته بمقدار ٥٥ شهراً “لحسن سلوكه.”

باعشير، البالغ من العمر ٨٢ عاماً، كان في وقت من الأوقات الأب الروحي للجماعة الإسلامية التي تقف وراء هجمات بالي المأساوية في ٢٠٠٢ التي قُتل فيها ٢٠٢ من السكان والسياح؛ هجمات بالي كانت الأعنف بين كل الهجمات الإرهابية في إندونيسيا.

عائق وحيد يقف أمام رغبة ماليزيا في إعادة مواطنيها "الدواعش" من سوريا

أبو بكر باعشير بعد إطلاق سراحه في ٨ يناير ٢٠٢١ (المصدر: Aditya Irawan/AP)

إطلاق سراحه مبكراً أثار مخاوف من أنه سيعيد نشاط خلايا الجماعة الإسلامية في المنطقة خاصة مع تحذير الخبراء من أن الجماعات المسلحة تنتظر تنصيبه زعيماً روحياً.

إسحاق أقرّت بأن “في ماليزيا عدداً كبيراً من عناصر كانوا سابقاً منضمّين في صفوف الجماعة الإسلامية” إلا أنهم يخضعون الآن لرقابة الشرطة و”إعادة التأهيل.”

وقالت: “أبو بكر باعشير لن يكون له نفوذ في ماليزيا.” وأضافت أن أتباعه اليوم يشكلون جماعة صغيرة ومحدودة تخضع لرقابة السلطات. وقالت: “أقول بكل ثقة إن (عناصر) الجماعة الإسلامية يخضعون للتأهيل … أبناء وأحفاد العناصر السابقين في الجماعة الإسلامية غير معنيين بما فعله آباؤهم.”

نُفي باعشير إلى ماليزيا في الفترة من ١٩٨٥ إلى ١٩٩٨، حيث نشر إيديولوجيته المتطرفة، وكان من طلابه، أزهري حسين، الذي صنع المتفجرات المستخدمة في هجوم بالي، والمتفجرات المستخدمة في تفجير فندق الماريوت في جاكارتا في ٢٠٠٣، والمفخخة التي طالت السفارة الأسترالية في ٢٠٠٤. الشرطة الإندونيسية قتلت أزهري في غارة عام ٢٠٠٥.

نورما إسحاق

بدأت نورما إسحاق حياتها المهنية في سلك الشرطة الملكية الماليزية في ١٩٩١ حيث عملت ضابطاً في قسم الشرق الأقصى التابع لوحدة الاستخبارات الخارجية في جهاز الاستخبارات الماليزي المعروف باسم E8. بعد أن أتمت ١٢ عاماً في مكافحة التجسس، انتقلت إلى قسم الأمن الوقائي حيث تنقلت في مناصب مختلفة ضمن هذه الوحدة. كما تلقت إسحاق تدريباً في الأمن النووي وشاركت في نشاطات نظمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA.

في أبريل ٢٠١٦، انتقلت إلى قسم مكافحة الإرهاب مساعدة للمدير العام. في أبريل ٢٠٢٠، ترقّت لتصبح في منصبها الحالي مديرة وحدة مكافحة الإرهاب، قائد الشرطة الماليزي عبدالحميد بادور وصف إسحاب بأنها “ضابط خبيرة وقديرة؛ صاحبة ذهنية متقدة وجريئة؛ قائدة على قدرٍ عالٍ من النزاهة والتميّز.”

نبذة عن كاتبة المقال آيمي تشو Amy Chew:

صحفية حرّة تغطي شؤون جنوب شرق آسيا. تقيم حالياً في كوالالمبور، ماليزيا. عملت سابقاً مراسلة مع شبكة رويترز، قناة أخبار آسيا، وصحيفة ذا ستار. غطّت أحداث مهمة مثل تغيير النظام في ماليزيا، وإندونيسيا؛ والربيع العربي في ليبيا ومصر. وكل هذا وفّر لها فهماً نادراً للعناصر الفاعلة في تغيير المجتمعات. نقلت الأخبار والقصص من إندونيسيا، هونغ كونغ وسنغافورة. كما عملت آيمي محللة بيانات في القطاع المصرفي والاستثمار مع Daiwa Capital Markets في سنغافورة.