أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (أمين دزيري) 

تخيل إن كان بلدك هو سجنك والمنزل الذي تعيش فيه هو سجنك الانفرادي وأفراد عائلتك وجيرانك هم نزلاء في نفس السجن وتقضون جميعا عقوبة الحكم فيها صدر حتى قبل ولادتك من قاضٍ لم تكن قد قابله يوما وقد أصدر فيك عقوبة السجن المؤبد والتهمة الوحيدة الموجهة اليك أنك كوري شمالي.

إن كان تعريف السجن في الكتب والدفاتر أنه ذلك المكان المغلَق المنعزل عن العالم  والذي يُحرم فيه المواطن من حريتِه في التواصل مع من هم خارجه وتسجيل كل حركة يقوم بها أو نفس يتنفسه بل ويحدد حتى تسريحة شعره ولباسه، إن كان كل ما ذُكر يُعَرٍف معنى السجن فإن كوريا الشمالية هي حتما المكان المثالي الذي ينطبق عليه كل ما وُصِف ولكن بمقاييس أكبر من حيث مساحة السجن وعدد النزلاء فيه و مدة العقوبة ليكون أكبر سجن عرفه البشر على مر التاريخ . ولكن ما الذي جعل من هذا البلد يصير على ما صار عليه .. دعونا نغوص أكثر في أعماق و خبايا حكاية كوريا الشمالية منذ القدم.

كبسولة الزمن ستأخذنا للفترة الممتدة من عام 57 قبل الميلاد وحتى أواخر القرن السابع ميلادي،

في هذه الفترة بدأت الصراعات السياسية تهز المنطقة حيث تصارعت ثلاثة ممالك كبيرةعلى شبه الجزيرة الكورية وهنا أعني كوريا قبل التقسيم.،الصراعات بين الممالك أدت لابرام معاهدة مع السلالات الصينية المُتعاقبة لتصبح كوريا الشمالية تابعة للصين مقابل حماية عسكرية و بعض الحقوق التِجارية وأحقية الصين في التدخل في الشؤون السياسية الكورية.

الكر و الفر ظل متواصلا لقرون عديدة ولكن ظلت معه كوريا محمية بنفوذ و قوة الصين.

التنازع على المنطقة والكر والفر كان متواصلا ولكن شبه الجزيرة الكورية ظلت موحدة  حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية والتي كانت السبب المباشر وراء تقسيمها،  الصراع في المنطقة كان بين القوى الشيوعية والرأسمالية.

في مقابلة حصرية مع “أخبار الآن” تحدث “سيو غاي بيونغ” عن واقع حقوق الإنسان في كوريا الشمالية

استطاع السوفيات الظفر بالنصف الشمالي من كوريا بينما احتّلت القوات الأمريكية الجُزء الجنوبي،

جنون كيم إيل سونغ ومحاولاتِه المستمرة في غزو الشطر الجنوبي بدعم من ستالين و ماو تسي تونغ أدى سنة 1953 لأول عملية تقسيم رسمية خطها السوفيات و الأمريكان لتقسيم شبه الجزيرة الكورية.

لتبدأ عزلة النصف الشمالي بالتزايد خاصة بعد توريث الحكم لكيم جونغ ايل ومن بعده كيم جونغ أون اللذَينِ كرسا إيديولوجية تأليه سُلالة “كيم” لتبرير سياستهما المتطرفة والتي تمزج في غرابتها بين النظام الماركسي الشيوعي والملكي في جوهره.

تأخر كوريا الشمالية وعزلتها عن الركب العالمي بدأ في التزايد شيئا فشيئا، صور عديدة مأخوذة من وكالة ناسا ليلا تبرز الظلمة والسواد الذي تعيشه كوريا الشمالية ليلا مقارنة بجيرانها ككوريا الجنوبية والصين واليابان، الانبعاث الخفيف للضوء ليلا اعتبره الخبراء دليل على الفقر والتأخر في البنية التحتية في البلاد.، صور أخرى لحركة الطيران الدولية تبين عزلتها عن العالم من حيث عدد الطائرات التي تزور البلاد.

هل يمكن لكوريا الشمالية أن تحل مشاكلها في عام 2020؟

سياسة تكريس النظام القمعي وتقديم الجيش والتسليح على الشعب أنتج أزمات اقتصادية كبرى مثل التي حدّثت ما بين عامي 1994م و1998م، حيث توفّي ما بين 500 ألف إلى مليوني شخص.

جنون الارتياب وجنون العظمة وغيرها من السلوكيات المضطربة  لكيم جونغ أون جعلت من فترة حكمه جنونية ومليئة بالغرائب، فالعقاب في كوريا الشمالية لا يكون عقابا فرديا بل جماعيا وهو ما يعبر عنه “بعقوبة الأجيال الثلاثة”

قدّرت مُنظمة العفو الدولية أنه في عام 2016م فقط  تم احتجاز قُرابة ال120 ألف كوري شمالي في مُخيمات يتعرضون فيها “للاغتصاب، وقتل الأطفال، والتعذيب، والتجويع المُتعمّد، والعمل الإجباري أو الإعدام ببساطة.

القوانين التي يُحكِم بها كيم جونغ أون السيطرة على شعبه غريبة وجنونية، كجريمة امتلاك كتاب ديني أو تسريحة شعر غير موجودة في الكاتالوغ الرسمي أو سروال جينز أو سيارة . أما ان أجريت اتصالا دوليا أو أبحرت في عالم الإنترنت أو حاولت السفر خارج البلاد أو لم تصفق بشدة للحاكم حتى وان كنت أحد أقاربه , فالأكيد أنك ستعدم . وهنا يبرز الجنون في أعظمِ تجلياته , فطرق الاعدام التي ابتكرها كيم غريبة غرابة ضحكته الجنونية أو قصة شعره فالإعدام الروتيني لا يستهوي الرجل , ولكن الاعدام بقذيفة ار – بي – جي أو أن تكون وجبة للكلاب الجائعة يجد فيها متعة لا حدود لها.

للمزيد:

أسرار وخبايا القصة الكاملة لمسلمي الإيغور

كورونا ليس أولها .. أرقام مخيفة عن ضحايا الأوبئة تاريخيا