أخبار الآن| دبي- الإمارات العربية المتحدة (صحف)

كشفت وثائق أبوت أباد التي عثر عليها في منزل اسامة بن لادن في باكستان تفاصيل جديدة عن العلاقات العميقة بين نظام الخميني في إيران وعدد من الجماعات السلفية المسلحة ومن بينها جماعة الإخوان. وكيف أصبحت إيران أرض انطلاق للجماعات الجهادية إلى العراق وسوريا وبقية البلدان، وكيف زُرعت القاعدة وكيف وجدت إيران بالحرب عليها مناطق نفوذ وهيمنة، وهو ما حدث في العراق تماماً.

وعلى خلفية عدم التزام عناصر تنظيم القاعدة، ومقاتلي الجماعات المتشددة الوافدين إلى طهران ببنود الاتفاق المبرم ما بينهم وبين جهاز الاستخبارات الإيراني والحرس الثوري، وعجز “أبي حفص القائد العسكري لتنظيم القاعدة” عن السيطرة على عناصره، فُضح أمر تواجدهم في إيران لدى أجهزة الاستخبارات الأميركية.

 تتناول خلفيات الحملة الأمنية الأولى التي وقعت في مدينة زاهدان في مطلع العام 2003، والتي عمدت إلى إيقاف مقاتلي الجماعات “الجهادية” السلفية وتسفيرهم إلى وجهات مختلفة، ووفقاً لما جاء في وثيقة أبوت آباد لأحد قيادات القاعدة: “كانوا عندما يقبضون على الإخوة يضعونهم في السجن ويعاملونهم المعاملة الحسنة، ثم يسفرونهم بعد أن يتم العرض على الإخوة كل إنسان ما يناسبه من عدة خيارات متاحة بالنسبة لهم، وهي الخيارات الآتية: بلد الشخص إن كان من السعوديين ونحوهم ممن يقدرون على السفر إلى بلدهم، وكان السعوديون والكويتيون وأهل الخليج عموماً، يسفرونهم من البداية إما بالتعاون مع السفارة السعودية بطهران أو بدون ذلك، وسافروا جميعهم تقريباً، بالجملة، أهل الجزيرة كانوا إما سافروا بأنفسهم بالاتصال بسفارة بلدهم والرجوع إلى السعودية وغيرها، أو قبض عليهم الإيرانيون وسفروهم، ولم يبق منهم أحد لمدة طويلة”.

يتابع في شرحه الاتفاق الذي أبرم مع عدد من عناصر تنظيم القاعدة، في تنفيذ هجمات إرهابية في السعودية قائلاً: “وهنا بالنسبة للإخوة السعوديين بشكل خاص، فقد عرضوا على بعضهم، ممن رأوا فيه مرونة معهم وليونة، ولاحظوا أنهم شباب جدد، ما ذكرته لكم من استعدادهم لدعمهم وتدريبهم، إذا شاؤوا في معسكرات حزب الله في لبنان ومساعدتهم بالمال وغيره، إذا أرادوا أن يشتغلوا في ضرب الأهداف الأميركية في السعودية والخليج فقط، هذا الذي صح عندنا أنهم عرضوه على بعض الإخوة السعوديين”.

أما الوجهة الثانية، فكانت العراق وبحسب ما أوضحه: “وقد اختارها وذهب إليها عدد كبير من الإخوة من سائر الدفعات، ومن آخرهم الشيخ أبو مصعب الزرقاوي رحمه الله، وقبله أبو عبد الله الصادق، أمير الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وغيرهم كثير، لكن عبد الله الصادق بقي فيها أشهراً، ثم سافر منها إلى بلد آسيوي ثم أسر”.

إضافة إلى العراق وسوريا، جاءت باكستان، ويقول: “يضعون الأخ على الحدود داخل الأراضي الباكستانية ويقولون له اذهب، وقد اختارها الكثير من الإخوة، ومنهم قيادات من القاعدة، من بينهم أبو عبد الرحمن المهاجر، والشيخ عبد الرحمن المعروف بـ “بي ام”، وبعض الإخوة ممن مُسكوا في الدفعات الأولى وسفروهم إلى باكستان، ووضعوهم على الحدود في منطقة تفتان، دخلوا ثم رجعوا مرة أخرى إلى إيران”.

تركيا وماليزيا كانتا كذلك من بين خيارات الحرس الثوري الإيراني على خارطتهم الجغرافية، لشحن مقاتلي التنظيمات “الجهادية” المتطرفة، وبحسب ما ورد في الوثيقة: “حتى إنهم عرضوا على بعض الإخوة الليبيين مثلاً، التسفير إلى ماليزيا حالاً، فرفض وطلب التسفير إلى تركيا (لأن عنده في تركيا معارف، وأين يذهب يدبر حاله، بخلاف ماليزيا) فوعدوه بأن يسعوا إلى تسفيره إلى تركيا”.
قبل استكمال الحديث عن الاستراتيجية الإيرانية التي انتهجتها في التعامل مع قيادات القاعدات، وباقي الجماعات الجهادية المتطرفة، خلال إقامتهم في إيران وتوزعهم بين مختلف المدن الإيرانية “زاهدان وشيراز ومشهد وطهران وقم وأصفهان وبندر عباس وكرج”.

نعود هنا إلى التذكير بأمير كتائب عبدالله عزام، وزعيم تنظيم القاعدة في بلاد الشام “جبهة النصرة” ماجد الماجد “سعودي الجنسية”، وهو المطلوب رقم 70 على لائحة المملكة، لأخطر 85 مطلوباً بالخارج، واعتقل في لبنان بعد قدومه من سوريا في 26 ديسمبر 2013، وتوفي في ظروف غامضة في المستشفى العسكري اللبناني بعد أسبوع واحد في يناير 2014.

الإشارة إلى الماجد، تأتي في إطار ذي صلة بما أورده القيادي في القاعدة والمقيم حينها في إيران، حول توظيف المخابرات الإيرانية للمقاتلين القادمين من السعودية وتدريبهم في معسكرات حزب الله اللبناني، حيث حل “ماجد الماجد” موقع صديقه القيادي الآخر “صالح القرعاوي” مؤسس كتائب عبد الله عزام في بلاد الشام والتابعة لتنظيم القاعدة، والخبير بصناعة المتفجرات قبل إصابته وعزله عن منصبه، والذي احتوته إيران لسنوات قبل أن يسلم نفسه إلى السلطات السعودية لتلقي العلاج إثر تخلي تنظيم القاعدة عنه، بعد أن فقد قدميه وإحدى عينيه في غارة أميركية لطائرة دون طيار في وزيرستان في 1433هـ.

وفقاً لما برز في وثيقة ثالثة من وثائق أبوت آباد، اعتماد تعيين تنظيم القاعدة لعدد من الوسطاء، لفتح الخطوط مع الجانب الإيراني والتركي، من بينهم كان “ياسين الكردي”، ووفقاً لما توفر من معلومات عن هذا الشخص، بحسب ما ورد في أحد التقارير التي تم تزويد زعيم القاعدة أسامة بن لادن بها فهو: “سوري كردي، يبلغ من العمر 24 عاما، وأعزب”، وعن وصف عمله الحالي “مع أخونا عبد الله خان، وبالتحديد ربط خطوط عبد الله مع إيران وإحضار إخوة من الخارج، التاريخ الجهادي: 5 سنوات”.

جاء في وصف كاتب التقرير لياسين الكردي فهو: “صاحب خلق وسمع وطاعة، وعنده بعض الاجتهاد المقبول أحياناً، وصاحب همة عالية ونشيط .. خبراته العسكرية متوسطة إلى حد ما، ويميل إلى الأعمال الإدارية، مستواه الشرعي عادي، وقد جرب في السفر إلى الخارج، عندما كان يعمل مع حمزة ربيع عليه رحمة الله إلى إيران، لفتح خطوط مع إيران وتركيا، والترتيب لإحضار إخوة جدد إلى الساحة، وأثبت النجاح ولله الحمد، وبعد مقتل حمزة ربيع الحق بعبد الله خان ومتوقع له مستقبلاً أن يكون له شأن”.

المرحلة الثالثة
في منتصف العام 2003، أوقفت الاستخبارات الإيرانية سياسة “التسفير” و”الشحن” لقيادات القاعدة، مقابل تسهيل التنقل للعناصر الأخرى من الصف الثالث والرابع، وذلك بهدف استخدامهم كأوراق يتم الاستفادة منها في الساحات المختلفة، أبرزها العراق ولبنان واليمن، فعمد النظام الإيراني إلى إنشاء “مجمعات سكنية” و”مضافات” مخصصة لقيادات الجماعاتالمتطرفة تحت إشراف وإدارة ثلاثة أجهزة وهي: الاستخبارات الإيرانية، والحرس الثوري، والقضاء المعني بإدارة السجون، ومكتب خامنئي.

جهاز الاستخبارات والحرس الثوري الإيراني، قسم المجمعات السكنية بين القيادات إلى أربعة مجموعات، وبحسب ما ورد في وثيقة أخرى من وثائق أبوت آباد لأحد عناصر القاعدة: “المجموعة الأولى وتضم قيادات القاعدة الشيخ سليمان أبو غيث، والشيخ محمد الإسلامبولي، وأبناءكم سعد وعثمان ومحمد وأحمد حسن، وأبو محمد المصري، وسيف العدل، وجهاد ابن أبو جهاد (أي تقريباً أفراد منطقة شيراز) مع الأخ الإيراني القائم عليهم”.

أما المجموعة الثانية وتضم: “الإخوة في #الجماعة_الإسلامية المقاتلة، وهم الشيخ أبو المنذر، والشيخ صالح، والشيخ موسى، وأبو حازم، وأبو مالك، وشاكر الله، وسراج (مصور قناة الجزيرة) وأبو الورد، وعبد الغفار، وحاطب، والعبد لله، وبعدها بأشهر قبض على الشيخ عبد الله سعيد والزبير المغربي (المقيمين في طهران) مع الأخ الإيراني القائم عليهما”.

المجموعة الثالثة وتضم: “أبو حفص الموريتاني وقبض عليه أولا، ثم أبو السمح، وأبو صالح، وأبو دجانة، وأبو المقداد عبد العزيز المصريين، وأبو عبد الله الجزائري، وأبو صهيب العراقي، وابنه صهيب، وأبو الحارث العراقي، وهارون الكردي، وغيرهم (أي الإخوة الذين كانوا يقيمون في منطقة كرج) مع الأخ الإيراني القائم عليهم”.

أما المجموعة الرابعة فتضم: “أبو زياد الموصلي، وأبو عمرو، وسالم، وأبوهمام الصعيدي، وعبد المهيمن وبسام، وأبو إسلام البوسنة، وأبو حفص العرب، وخباب وصلاح اليميني (المقيمين في مشهد)”، مضيفاً: “أما من كان من غير هذه المجموعات من الإخوة فهم: العزاب، قسام والضحاك (قبض عليه ثم ألحق بالمجموعة التي سجنت في طهران والتي كنت فيها، بعد تجميعهم بالعائلات، وقبل الانتقال بنا إلى كرج بعد 4 سنوات تقريبا فصل عنا، وكان من العزاب صهيب وحنظلة الأردنيان، وعبد الرحمن الكردي، وعبد الغفار الليبي، وصلاح الليبي، وأخ ليبي قدم من ليبيا، وآخر ابن أخ في بريطانيا، وأظن كما سمعت من الإخوة أن ابن أبو جهاد وابن الشيخ الإسلامبولي”.

أما المتزوجون والعائلات، فشملت الاستضافة الإيرانية كلا من: “أبو طارق المصري وعائلته، والشيخ أبو الوليد المصري (طهران) وأرامل وزوجات الإخوة المأسورين، واللاتي كن في مشهد في مثل عائلات الشيخ خباب وشاكر المصري وأبو الحسن المصري وبناته وزوجاته، وكذلك في شيراز أظن عائلة الشيخ أبو حفص الكومندان”.

اقرأ أيضا: 
موجة من الإحتجاجات: من يريد ماذا في إيران؟