أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (DW)

يمثل وصول عشرات آلاف الأطفال إلى ألمانيا تحديا للمدارس ودور الرعاية، خاصة وأن معظم هؤلاء هاربون من الحرب ويحتاجون الى الكثير من الدعم النفسي للاندماج بسهولة في المجتمع، فمن الواضح أن ألمانيا تبذل قصارى جهدها للقيام بهذا الدور الانساني، لكن ماذا لو أخذت مؤسسات أجنبية على عاتقها هذه المسؤولية؟ 

منظمة "أفريكان تايد" التي أسسها مهاجرون أفارقة والمختصة بشؤون اللاجئين الأفارقة فتحت أبوابها أمام وافدين آخرين وتقدم لهم المساعدة، وبات الوافدون من سوريا والعراق هم أكبر فئة مستفيدة من خدماتها.

عشرة أطفال تصل أعمارهم إلى السادسة يلعبون بألعابهم ويبنون حدائق كرتونية للحيوانات في غرفة ملونة، مرسوم على جدرانها حيوانات ورواد فضاء ومركبات فضائية، في مدينة "دورتموند" الألمانية. هذا المكان ليس روضة أطفال ألمانية تقليدية، بل إنه مكان للرعاية النهارية مخصص لأطفال اللاجئين، كي يتمكن آباؤهم وأمهاتهم من حضور دروس اللغة الألمانية أو الذهاب من أجل المعاملات في الدوائر الرسمية الألمانية، دون الاضطرار إلى جلب أطفالهم معهم إلى هناك.

ليس هذا المكان إلا أحد المشاريع التي أطلقتها منظمة "أفريكان تايد"، وهي منظمة تطوعية تأتي في صدارة المنظمات الخيرية الرامية لمساعدة اللاجئين الأفارقة في ألمانيا، ويديرها أشخاص هم أنفسهم وُلِدوا في إفريقيا كانوا قد اضطروا للفرار إلى ألمانيا أو هاجروا إليها في الماضي لأسباب أخرى.

موضوع ذو صلة: هانا.. ناشطة ألمانية تساعد اللاجئين السوريين في ألمانيا

يقع مقر المنظمة الرئيسي في "دورتموند"، وهي مدينة صناعية غربي ألمانيا، يبلغ عدد سكانها نحو 600 ألف شخص. تدير المنظمة مركزين للرعاية النهارية، وليس هذا فحسب، بل تقدم مجموعة متنوعة من البرامج للمهاجرين واللاجئين البالغين، تشتمل على دروس اللغة الألمانية ودورات الكمبيوتر الهادفة إلى تأهيلهم لسوق العمل الألمانية، كما تدير منظمة "أفريكان تايد" مأوى للاجئين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 وَ 25 عاما، والذين كانوا قد جاؤوا إلى ألمانيا دون أسرهم، كقاصرين غير مصحوبين بذويهم. ويساعدهم اثنان من الأخصائيين الاجتماعيين الشباب في عملية انتقالهم من حياة القاصرين إلى حياة اللاجئين البالغين الجديدة.

مهاجرون يساعدون مهاجرين
"إيفون تشيبو ماكوبا" من زيمبابوي، جاءت لأول مرة إلى ألمانيا كطالبة في المدرسة الثانوية ضمن منحة للتبادل الثقافي، وقررت البقاء في ألمانيا بعد أن أنهت الدراسة في جامعة "بادربورن" الألمانية. وهي مِن الأخصائيين الاجتماعيين في مأوى "أفريكان تايد" للاجئين، واسمه: مركز الأمل الأفريقي "أفريكان هوب سينتَر". وتعتقد "ماكوبا" أن تجربة الهجرة التي مرت بها هي نفسها ومعظم زملائها، تجعلهم مؤهلين بشكل فريد للعمل في مساندة اللاجئين الجدد. وتؤكد في هذا السياق أن "هناك بعض المشاكل أو الحواجز التي يواجهها جميع الأجانب في ألمانيا، بغض النظر عن المكان الذي ينحدرون منه أو كيفية وصولهم إلى ألمانيا"، ولا يوجد أفضل من أن يساعد المهاجرين أو اللاجئين مهاجرون أو لاجئون مثلهم".

أسس منظمة "أفريكان تايد عام 2010 سبعة وافدين أفارقة يعيشون في "دورتموند" وما حولها. وهدفهم هو: بناء شبكة دعم تساند المهاجرين الأفارقة في مساعدة أنفسهم ذاتياً، وذلك في محيط يكافحون فيه من أجل تربية أطفالهم في بيئة غير مضيافة في كثير من الأحيان، وخصوصاً أن "بلدية المدينة والدوائر الرسمية المحلية معتادة أكثر على العمل في مساندة المهاجرين من خلفية تركية، وليس المهاجرين من خلفية أفريقية"، كما ترى رئيسة المنظمة دريسمان. وهي نفسها والدة لثلاثة أطفال، عمرها 43 عاماً، وجاءت إلى ألمانيا في عام 2000 بعد أن تعرّفت في موطنها نيجيريا على رجل أصبح زوجها، وكانت من مؤسسي المنظمة.

عدد قليل من مشاريع الاندماج للأفارقة
يشار إلى أنه كثيرا ما يتم إغفال الوافدين من الدول الأفريقية، خصوصا المنحدرين من بلدان جنوب الصحراء الكبرى، فيما يتعلق بجهود الاندماج في ألمانيا، وذلك لأن عددهم أصغر بالمقارنة مع بقية الوافدين الجدد.

ففي ولاية شمال الراين وستفاليا، حيث مقر منظمة أفريكان تايد، بلغ عدد الأفارقة من الجيلين المهاجرين الأول والثاني، نحو 150 ألفا من أصل 4.6 مليون شخص من أصول مهاجرة، وذلك في عام 2016 وفقا لوزارة الاندماج في هذه الولاية.. 

اقرأ أيضا: تعرف كيف يعيش اللاجئون من ذوي الاحتياجات الخاصة في المانيا؟