دبي، الامارات العربية المتحدة، 18 يناير 2014، وكالات –

كان كل شيء ينبئ عن سابقة لم يتعود عليها الإيرانيون، عندما أعلن الخميس في طهران أن معصومة ابتكار، مساعدة الرئيس الايراني لشؤون البيئة، ستلقي خطاباً قبل خطبة يوم الجمعة في مصلى جامعة طهران الكبيرة في العاصمة الايرانية.

ولم يمض وقت قصير على الإعلان الذي نشرته صحيفة “اعتماد” القريبة من الإصلاحيين نقلا عن مركز صلاة الجمعة وأنها منحت عشرين دقيقة للتحدث، حتى ضجت وسائل الاعلام التابعة للمتشددين، رافضين الفكرة جملة وتفصيلا ومهددين بالتظاهر ومنعها من إلقاء الخطاب واستخدام المنبر الديني السياسي لأغراض تتعارض مع توجهات المتشددين.

ونقلت بعض وسائل الاعلام المتشددة أن خطاب ابتكار الغي ولا يمكن السماح لامرأة تدعم “زعماء الفتنة”، في إشارة الى الإصلاحيين، باستخدام منبر صلاة الجمعة للدعاية الرخيصة، رغم أنها مسؤولة حكومية.

وقالت وكالة أنباء فارس التابعة للحرس الثوري ان الخطاب الغي بسبب معارضة رجال الدين المتشددين، ولكنها أشارت ايضا الى أن ابتكار ترافق الرئيس حسن روحاني في جولته في الأهواز جنوب إيران وهي “معتلة صحياً” وربما تكون حالتها الصحية هي السبب الرئيس الذي حال دون قدرتها على القاء الخطاب.

الغاء خطابات مساعدة الرئيس قبيل صلاة الجمعة في ايران

وإذا سمح لها بإلقاء الخطاب ستكون ابتكار، وهي إصلاحية مقربة جداً من الرئيس الأسبق محمد خاتمي حيث شغلت نفس المنصب في عهده، أول سيدة تتحدث من أعلى منبر صلاة الجمعة الذي احتكره المتشددون وحولوه إلى واحدة من أهم وسائل التعبئة الجماهيرية ضد الإصلاحيين وتيار المعتدلين، خصوصاً بعد إقصاء الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني من إلقاء خطبتي الجمعة والإمامة بعد الاحتجاجات التي أعقبت الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في يونيو/ حزيران 2009.

وينظر دعاة الاعتدال الى أن مثل هذه الفرصة لو سنحت، فستمنح نساء طهران بارقة أمل كبيرة لإيجاد تغييرات أساسية في عقلية المتشددين من جال المؤسسة الدينية الذين يرفضون بشدة ترشح المرأة للانتخابات الرئاسية، برغم تمكن كثير من السيدات من الحصول على عضوية البرلمان والحكومات المحلية والبلديات، بينما يتواصل حرمانهن من القضاء ومن الرئاسة أيضاً.

وبحسب مصادر في مكتبها، فإن ابتكار كانت تنوي التحدث في صلاة الجمعة لصالح المرأة في ايران عموماً، حيث تعد طهران واحدة من أكثر عواصم العالم تلوثاً والأخطر على حياة السكان فيها.

ومعصومة ابتكار هي أول امرأة تصل اعلى مستوى وصلته امرأة إيرانية في إدارة الحكم بالجمهورية الإسلامية عندما أصبحت مساعدة الرئيس، ورئيسة منظمة البيئة في حكومة محمد خاتمي في عام 1997، وسوف تصبح أيضا أول امرأة تتحدث في صلاة الجمعة.

وقالت أوساط في مكتبها إن خطاب ابتكار، إن ألقته، فسيسلط الضوء علىالوعي البيئي وجهود تحسين ظروف الحياة في طهران بشكل خاص، لكنها لن تتطرقالى مشروع نقل مياه نهر كارون من الأهواز جنوب ايران الى أصفهان ومدن أخرى وما يسببه من مخاطر على البيئة فيها.

وقد أثارت ابتكار غضب التيار المتشدد عندنا وجهت مؤخراً انتقادات شديدة الى الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وسوء أداء الإدارة السابقة بشأن القضايا البيئية، وأصدرت تحذيرات بشأن نضوب الموارد المائية وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة في جميع أنحاء البلاد.

وكانت ابتكار قد درست في جامعة “بنسلفانيا” الأميركية، وعاشت مع والديها في “داربي العليا” بولاية فيلادلفيا، وبقيت ست سنوات هناك، قبل أن تعود إلى إيران.

حولت مساعدة الرئيس الإيراني بعد ذلك إلى مؤيدة لتيار الإسلام السياسي متأثرة بكتابات المفكر علي شريعتي، وبدأت بارتداء “التشادور” الأسود التقليدي الذي يغطي جسد المرأة، ما عدا وجهها، وشاركت في الثورة ضد الشاه وفي اقتحام السفارة الاميركية، وأصبحت المتحدثة باسم الطلاب الإيرانيين السائرين على نهج الخميني خلال أزمة الرهائن في السفارة الأميركية عام 1979. وروت شهادتها على هذه المرحلة في كتاب نشر في كندا، وهي متخصصة في البيئة وحقوق المرأة.

ألقت ابتكار كلمة في المؤتمر الدولي الحادي عشر لعلم المناعة في طهران، حيثأشارت إلى التأثير الضار للعقوبات الدولية على تقدم العلوم في إيران، وأوضحت أن العقوبات ينبغي ألا تكون موجهة ضد الأمم.