بورما، 10 نوفمبر 2013، وكالات

في نهاية القرن التاسع عشر قام المستعمرون البريطانيون بالإطاحة بأخر ملوك بورما. اليوم تستذكر أخر حفيدة لهذا الملك الأيام التي كانت تعيشها خلال سلطة جدها بعد أن إنتقلت من حياة القصور إلى حياة الأكواخ.
 
تعيش الأميرة هتيك سو بهايا غييلا حفيدة آخر ملوك بورما مغمورة في شقة بسيطة في رانغون في ظروف فقر بعيدة كل بعد عن الأجواء الباذخة التي عرفها اجدادها وذكريات طفولتها.

فقد قام المستعمرون البريطانيون بالإطاحة بجدها الملك ثيباوو في نهاية القرن التاسع عشر. ولم يوفر المجلس العسكري الحاكم بدوره أي جهد لطمس آثار الحكم الملكي.

وفي مقابلة نادرة من نوعها أجرتها وكالة فرانس برس معكها ، قالت الاميرة التي لفت شعرها الأبيض بمنديل بنفسجي اللون “لم يريدوا ان نبقى معروفين”.

حتى الجيران تفاجأوا بالأميرة التي انتقلت إلى جوارهم مؤكدة “أعيش حياة عادية منذ 60 عاما”.

وأضافت الأميرة التي لا تزال في كامل وعيها بالرغم من بلوغها التسعين من العمر “بالطبع أحن قليلا إلى اوقات العز التي أمضيتها في شبابي”.

وبعد الحرب البريطانية البورمية الثالثة والأخيرة، وضع البريطانيون في العام 1885 حدا للنظام الملكي وطردوا من البلاد الملك ثيباوو والملكة سوبايالات اللذين انتقلا للعيش في مدينة راتناغيري الهندية.

ومات الملك بعد ثلاثين عاما عن 56 سنة وتشتت شمل العائلة. فقد بقي بعض افرادها في الهند، في حين عاد آخرون إلى بورما التي حازت استقلالها في العام 1948 قبل أن تقع تحت قبضة المجلس العسكري في العام 1962.

ولم يوفر أركان الجيش جهدا لطمس ملامح النظام الملكي الذي كان يعد منافسا محتملا للمجلس العسكري.

من ثم، “نسيت غالبية السكان الملك”، على حد قول نائب وزير الثقافة المؤرخ ثان سوي الذي أطلق حملة في البلاد لاستعادة رفات الملك ثيباوو.

وقد أثارت زيارة الرئيس البورمي ثين سين ضريح الملك في راتناغيري في كانون الثاني/يناير الماضي اهتماما جديدا بالعائلة الملكية، لكن هذه الأخيرة ليست في قلب اولويات الحكومة التي أطلقت إصلاحات واسعة النطاق منذ حل المجلس العسكري الحاكم في العام 2011، بحسب ثان سوي.

وكان الملك ثيباوو يعيش قبل نصف قرن في فخامة باذخة في قصره الواقع في مدينة ماندالاي.

وشرح سودها شاه صاحب كتاب “ذي كينغ إن إكزايل” الذي يروي سقوط النظام الملكي أن “الملك كان بمثابة نصف إله في بورما يمجده شعبه … وهو أصبح بين ليلة وضحاها دمية بين أيدي البريطانيين”.

وقد قرر المستعمر في نهاية المطاف الإطاحة بالنظام الملكي بعدما تأكد من انه لن يستطيع إملاء مطالبه على ولي العهد. فمن المعلوم أن الملك وزوجته قد قضيا على الكثير من منافسيهم للحفاظ على العرش.

وطرحت فكرة إعادة النظام الملكي عند استقلال البلاد، لكن سرعان ما تم التخلي عنها نظرا لتعلق الشعب المفرط بالعائلة الملكية.

وقد دعا الجيش مرة العائلة الملكية لحضور حفل منظم لاستعراض الإنجازات في مكافحة التمرد الشيوعي، فتفاجأ بالجمع الغفير المشارك، حتى ان بعض النساء قد أسدلن شعرهن على الأرض لتمشي عليه سلالة الملك.

وشرح سودها شاه أن “أركان الجيش تفاجأوا بالمشاعر العميقة التي يكنها الشعب للعائلة الملكية وقرروا ألا يتعاملوا معها أبدا بعد ذاك الحفل”.

والأميرة هتيك سو بهايا غييلا وشقيقها تاو بهايا (98 عاما) ولي عهد سلالة كونباونغ منذ اغتيال شقيقه البكر في العام 1948 هما حفيدا ثيباوو الوحيدان اللذان لا يزالان على قيد الحياة.

وقد رفضت عائلتهما تلقي أي مساعدة من الحكومة بعد الاستقلال وهي دبرت امورها بنفسها.

فاستفادت الأميرة من اللغة الإنكليزية التي تتقنها بعدما تعلمتها في مدرسة كاثوليكية لتعمل مع السفارتين الأسترالية والأميركية قبل أن تصبح مدرسة لغة إنكليزية. وهي لا تزال حتى اليوم تزاول هذه المهنة.

وقد حرمها نزاع عائلي وقع في التسعينيات من المنزل الذي ورثته، فباتت تعيش في كوخ.

وهي أخبرت “كانت المياه تصل إلى كوخنا عند تساقط الامطار وتجلب معها الأفاعي”.

وتعيش هتيك سو بهايا في هذا الكوخ مع ابنتها، وهي لديها خمسة اولاد وعشرون حفيدا وثمانية أولاد من أحفادها لا يرغبون مثلها في إحياء إرثهم الملكي.