دبي ، الامارات العربية المتحدة 3 سبتمبر 2013، متفرقات ، أخبار الآن  –  تشير بعض الدراسات إلى وجود دلائل على أن للبدانة علاقة أيضا بالبكتيريا الحميدة في الأمعاء وهو ما يفتح الباب أمام قواعد علاجية جديدة، إذا أمكن التحكم أكثر بهذه البكتيريا من خلال التغذية أو الأدوية.

تفوق أعداد البكتيريا التي تعيش داخل أمعاء الإنسان بكثير عدد خلايا الجسم حيث تذهب بعض التقديرات إلى أن أعداد البكتيريا التي تعيش داخل الجسم وخارجه تبلغ نحو عشرة أضعاف خلايا جسم الإنسان. ويوجد الكثير من الأجزاء الدقيقة في الأمعاء الغليظة للإنسان وتساعده في عملية الهضم.

ويعتقد بعض الخبراء أن هناك نحو ألف من الأنواع المختلفة للبكتيريا، و”أصبحت الطرق الجديدة لعلم الأحياء الجزيئية تسمح أخيرا بدراسة المستعمرات البكتيرية الخاصة في جسمنا بشكل مستفيض”، حسبما أوضح البروفيسور شتيفان بيشوف من جامعة هوهينهايم بمدينة شتوتجارت جنوبي ألمانيا، والذي يرأس حلقة نقاشية في إطار مؤتمر “طب الأحشاء 2012” في هامبورج يشارك فيه أكثر من 4000 خبير بأمراض الجهاز الهضمي ويختتم أعماله غدا السبت.

وحيث إن الكثير من بكتيريا الأمعاء لا تستطيع العيش خارج جسم الإنسان مما يقلل إمكانية التعويل على نتائج التحاليل التي تعتمد على مزارع بكتيرية خارج الجسم، فإن هوية هذه البكتيريا لا تزال مبهمة بشكل أو بآخر. وأصبحت هناك الآن معلومات عن دور هذه البكتيريا في الالتهابات التي تصيب الأمعاء وأيضا الاضطرابات التي تصيب الجهاز المناعي وذلك بفضل الأبحاث العلمية الذي تجرى أيضا على آثار هذه البكتيريا التي تخرج مع براز الإنسان “وتواردت في الآونة الأخيرة دلائل على أن للبدانة علاقة أيضا بالبكتيريا الحميدة في أمعاء الإنسان”، حسبما أوضح بيشوف.

علاقة البدانة بالبكتيريا الحميدة

ومن هذه الدلائل دراسة نشرت في “انترناشونال جورنال اوف أوبسيتي” (المجلة الدولية لأبحاث البدانة،). وتم خلال هذه الدراسة وزن أكثر من 11500 طفل بريطاني من مواليد عامي 1991 و 1992 أكثر من مرة، خلال السنوات الماضية. وتبين للباحثين أنه عندما حصل هؤلاء على مضادات حيوية لمكافحة العدوى البكتيرية أصبحوا أقرب للبدانة عندما بلغوا الثالثة. ولم تتأكد هذه العلاقة عندما استمر هؤلاء في الحصول على هذه المضادات بعد عامهم الثالث. وذكر باحثون من أكثر من دولة بالفعل عام 2011 أنه من الممكن تقسيم البشر إلى ثلاث مجموعات تبعا لأنواع البكتيريا الحميدة التي تعيش داخل أمعائهم، وأن بدانة الإنسان أو نحافته يمكن أن تتوقف على أصناف البكتيريا التي تعيش داخل الجهاز الهضمي.

وبحسب بيشوف فإن البدناء لديهم عددا أكبر من البكتيريا المعروفة باسم “فيرمكوتيس” في أمعائهم وهي التي تساعد على امتصاص السكريات صعبة الهضم. كما أن أعداد هذه البكتيريا تزداد لدى أصحاب الوزن العادي من خلال المزيد من الأغذية وهو ما يزيد من الطاقة التي يحصلون عليها “فالإنسان يعاقب مرتين عندما يفرط في تناول الغذاء، مرة من خلال الإفراط في الحصول على الطاقة والثانية عندما تزيد أعداد بكتيريا “فيرمكوتيس” لتساعد في هضم هذا الغذاء”، حسبما أوضح بيشوف. والنتيجة هي تراكم الطاقة الزائدة على شكل دهون في منطقة الفخذ والبطن.

التحكم أكثر في البكتيريا الحميدة من خلال التغذية أو الأدوية

وعندما تزرع بكتيريا أحد الكائنات الحية داخل أمعاء كائن آخر فإنها تأخذ معها بعض المعلومات والوظائف وهو ما أظهرته على سبيل المثال مجموعة من الباحثين تحت إشراف البروفيسور فيليب روزينشتيل من جامعة شليسفيج هولشتاين شمال ألمانيا والذي أجرى تجارب على فئران مصابة بنقص في الإنزيمات. تبين من خلال التجارب أن النظام المناعي لهذه الحيوانات قد ضعف وأن البكتيريا الحميدة لديها قد تغيرت وأن هذه الحيوانات أصبحت تميل للنحافة بشكل أكبر، حسبما أوضح روزينشتيل. و”نقل” الباحثون فضلات هذه الفئران إلى أمعاء فئران سليمة في المعمل فوجدوا أن بوادر التهابات بدأت تظهر على الأخيرة “ولكن لا يمكن التحدث هنا على وجه الدقة عن انتقال عدوى بمعنى الالتهابات المعدية” حسب روزيشتيل.

وفي دراسة صغيرة، أجرى باحثون في هولندا تجارب مؤخرا على 18 رجلا بدينا كانوا مصابين باضطرابات في تحويل السكر لطاقة، ونقل للجهاز الهضمي لبعض هؤلاء الرجال بكتيريا حميدة من أشخاص يتسمون بالرشاقة فوجدوا أن البكتيريا الحميدة في أمعاء هؤلاء قد تغيرت بعد ستة أسابيع وأنهم أصبحوا يهضمون السكر بشكل أفضل. وفي معرض تعليقه على ذلك، قال بيشوف “تقدم كل هذه الدراسات معلومات جديدة وتفتح الباب أمام قواعد جديدة للعب يمكن استخدامها في الوسائل العلاجية”. ويرى الأستاذ الألماني أنه من الممكن مستقبلا التحكم أكثر في البكتيريا الحميدة من خلال التغذية أو الأدوية وأن هذا يحدث بالفعل في الوقت الحالي ولكن بشكل جزئي.