صعود اليمين المتطرف في هولندا أثار زوبعة سياسية داخل البلاد

تسللت مشاعر القلق والرهبة في نفوس المسلمين، إثر “الزلزال السياسي” الذي هز هولندا وأوروبا بأسرها جراء فوز إحدى الأحزاب المتطرفة والعدائية للإسلام واللاجئين في الانتخابات الأخيرة
خيرت فيلدرز، المعروف بشعره الأشقر وخطاباته النارية، يظل واحدًا من أبرز الشخصيات السياسية الهولندية، سواء في الساحة الوطنية أو الدولية.

ويشتهر فيلدرز بمواقفه القوية وحملته العنيفة ضد الهجرة إلى البلاد، كما يعارض بشدة منظومة الاتحاد الأوروبي ويشن هجومًا حادًا على الإسلام.

صعود اليمين المتطرف يثير القلق في هولندا.. كيف يواجه المسلمون مخاوفهم؟

خيرت فيلدرز أثناء لقاء صحفي عقب أزمة الفندق والتي رفض الأهالي استقبال الاجئيين في داخل فندق في مدينة لاهاي بينما حضر خيرت فيلدرز بعد أيام من فوزه بالانتخابات لسماع أراء من الأهالي -(أخبار الآن)

قادة الجالية المسلمة في هولندا عبروا عن مشاعر عميقة من الاستياء والقلق في أعقاب فوز خيرت فيلدرز، المعارض الشديد للإسلام، في الانتخابات.

ورغم الظروف الصعبة، تبدو بعض الأصوات المسلمة مستعدة لفتح باب الحوار ومنحه “فرصة” لتقديم رؤيته.

برنامج حزب “الحرية”، الذي يتزعمه فيلدرز، يثير الجدل بتعهداته بفرض حظر على القرآن والمساجد والحجاب، ويعبر عن رغبته في “تقليل عدد المسلمين في هولندا”.

صعود اليمين المتطرف يثير القلق في هولندا.. كيف يواجه المسلمون مخاوفهم؟

توضح الصورة مجموعة من المسلمين في مدينة أمستردام وهم يصلون خلال مظاهرة حاشدة مساندة لفلسطين بتاريخ 15/10/2023- (أخبار الآن)

على الرغم من هذا السياق الصعب، قلل فيلدرز من حدة خطابه المعادي للإسلام خلال حملته الانتخابية، حيث ألقى التركيز بشكل أكبر على قضايا أخرى كارتفاع تكاليف المعيشة.

رصد مخاوف وآراء الجالية المغربية في هولندا

وفي حديث خاص لأخبار الأن مع إدريس عبد الواحد، أحد أبناء الجالية المغربية الذي رفض التصوير حفاظا على سلامته والذي يعيش في أمستردام منذ أكثر من 35 عام يشعر حالياُ وبعد فوز خيرت فيلدرز بالعنصرية أكثر من أي وقت مضى خاصة وأن “خيرت فيلدرز حاول التأثير بالمجتمع الهولندي خلال السنوات الماضية أن جميع المشاكل في هولندا سواء اقتصادية أو سكنية أو غيرها سببها المهاجرين واللاجئين وتسبب بكراهية كبيرة وتفريق بين الجالية المغربية والشعب الهولندي”.

كما يذكر إدريس عبد الواحد مخاوفه على أطفاله الذين تعرضوا خلال الفترة الأخيرة للعنصرية كونهم مسلمين كما ذكر وقبل أشهر فقط تلقى خطاب استدعاء من قبل المدرسة التي يدرس فيها أطفاله في أمستردام كونه كانت قد أثيرت مشكلة بينهم وبين أطفال هولنديين آخرين في المرحلة الثانوية قاموا بالمزاح معهم بالقول نريد القليل من المغاربة لا الكثير في بلدنا في اليوم التالي من نتائج الانتخابات الهولندية الأخيرة وهذه العبارة المشهورة التي يقولها دائما خيرت فيلدرز باللغة الهولنية (minder Marokkanen) والتي تعني القليل من المغاربة.

صعود اليمين المتطرف يثير القلق في هولندا.. كيف يواجه المسلمون مخاوفهم؟

مسلمو هولندا يصلون صباح عيد الأضحى في مدينة روتردام (أخبار الآن)

إدريس متخوف من المرحلة القادمة أكثر من أي وقت مضى خاصة وأنه يعيش في هولندا منذ عقود ولم يسبق له القلق بهذه الطريقة خاصة بعد فوز الحزب المعادي للمغاربة بشكل كبير كما يصف، وخاصة وأنه لم يعد يشعر بالراحة في عمله وفي حياته بين المجتمع الهولندي وأيضا خوفه على أطفاله كونهم مسلمين ويحاول تعليمهم ما يتعلق بالإسلام بينما يكون هناك كره وعنصرية ضدهم من قبل أطفال المجتمع الهولندي وهذا ما جعلهم ينفرون من الإسلام بسبب ذلك.

إدريس يصف أنه في حال وصل خيرت فيلدر للحكم سيكون هناك حياة مختلفة للجالية المغربية خلال السنوات القادمة وسوف يتغير كل شيء إذ أن خيرت فيلدرز استطاع خلال برنامجه الانتخابي التأثير في شريحة كبيرة من المجتمع الهولندي ولهذا استطاع الحصول على العدد الأكبر من الناخبين ويصف أنه في حال أعيدت الانتخابات سيكون فوزه و حصوله على عدد أكبر من العدد الذي حصله عليه، بحسب إدريس.

صعود اليمين المتطرف يثير القلق في هولندا.. كيف يواجه المسلمون مخاوفهم؟

مدينة روتردام في صباح عيد الأضحى (أخبار الآن)

من ناحيته، صرح حبيب القدوري، العضو في “مؤسسة العمل المشترك للمغاربة في هولندا” لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن هناك من يشعر بالخوف وآخرون يعيشون قلقًا حيال مستقبلهم، حيث يسعى البعض لفهم النتائج وتأثيرها على مواطنتهم وتمثيلهم في المجتمع الهولندي.

وأضاف: “رغم هذه التحديات، يظهر أن الناس مستعدون للدفاع عن حقوقهم، ونحن لن نسمح لخيرت فيلدرز أو لأي حكومة تتجه نحو اليمين بطردنا.”

ومع ذلك، يرسم بعض المسلمين في أمستردام صورة مختلفة تمامًا إذ يمنح البعض أهمية أكبر للقضايا الاقتصادية مقارنة بالتصريحات السابقة لفيلدرز المتعلقة بالإسلام.

تصويت لـ PVV في لاهاي! رؤية سكان أتراك حول حزب فيلدرز

وفي مقابلة أخرى مع سلمان التركي طالباً عدم كشف هويته من سكان مدينة لاهاي العاصمة السياسية في هولندا أنه قام بالفعل بالتصويت لصالح حزب PVV وكما ذكر سلمان أنه ليس متخوف من أي تهديدات من قبل خيرت فيلدرز بالنسبة للمهاجرين أو الإسلام إنما هي فقط مجرد لعبة سياسية ولن يغلق أي مسجد خاصةوأن الجالية التركية في هولندا هي من أكثر الجاليات النشطة في إدارة والعمل في المساجد في المدن الهولندية

وعند سؤال سلمان عن سبب التصويت لخيرت فيلدرز كانت الإجابة أنه شخص عاطل عن العمل ولا يستطع الحصول على عمل ويعيش حالة فقر كبيرة حالياً وهذه الفرصة الذي يعتقد أن خيرت فيلدرز الوحيد القادر على تغيير حال هولندا للأفضل كما يصف وكما يقول أنه ليس هو الوحيد الذي صوت له من أبناء الجالية التركية إنما كان هناك الكثير من أقاربه في مدينة لاهاي ذهبوا سوية وجميعهم صوت لصالح خيرت فيلدرز وهم على دراية بالوضع والحياة هنا بشكل كافي مما جعلهم يصوتون له.

وفي وقت سابق وجه زعيم حزب الحرية، فيلدرز، رسالة إلى الشعب التركي عبر مقطع فيديو نشره على موقع يوتيوب في الفيديو، أكد فيلدرز أن تركيا لا يمكن أن تكون عضوًا في الاتحاد الأوروبي أبدًا، وقال: “أنتم لستم أوروبيين ولن تكونوا كذلك أبدًا. دولة إسلامية مثل تركيا لا تنتمي إلى أوروبا.”

وأشار فيلدرز إلى تعارض القيم الإسلامية مع القيم الأوروبية، وعبر عن رفضه للسفر بدون تأشيرة للأتراك في أوروبا مؤكدًا في نهاية الرسالة أن تركيا غير مرحب بها في أوروبا.

وسبق وقد قدّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شكوى قضائية ضد زعيم حزب الحرية الهولندي اليميني المتطرف “خيرت فيلدرز”، بسبب منشورات تسيء لشخص رئيس الجمهورية التركية.
وأشارت عريضة الشكوى إلى أن “العبارات التي استخدمها فيلدرز بحق رئيس الجمهورية التركية كانت مهينة وغير محترمة، وتشكل جريمة واضحة لنشرها علانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبناءً على ذلك، نطالب بفتح دعوى قضائية ضده”.

صعود اليمين المتطرف يثير القلق في هولندا.. كيف يواجه المسلمون مخاوفهم؟

مجموعة من النساء المسلمات وهم يصلون في شوارع مدينة امسترادم خلال مظاهرة مناصرة لفلسطين بترايخ 15/10/2023- (أخبار الآن)

تأثير انتخاب فيلدرز.. ما الذي يخشاه السوريون

وفي حديث خاص مع الناشط السياسي السوري عمر العمور والذي يقيم في هولندا منذ عام 2015 وحصل على الجنسية الهولندية وحاليا يعمل في بلدية أوتريخت أنه كان له دور بالنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لحث السوريين الحاصلين على الجنسية الهولندية بالنزول والتصويت للأحزاب الهولندية الأخرى لتفادي فوز حزب الحرية PVV بقيادة خيرت فيلدرز بينما كان عدد كبير جدا من أبناء الجالية السورية معظمهم صوت لصالح حزب Denk والذي لعب دور كبير خلال المظاهرات المناهضة لفلسطين بالوقوف مع الجالية العربية و المسلمة ومعروف بموقه بالوقوف مع فلسطين والإسلام وكانت له خطابات قبل فترة الانتخابات في المظاهرات المؤيدة لغزة والتي كانت جمعت عشرات الآلاف بخطابات مؤيدة للإسلام مما حرك مشاعر عدد كبير من المهاجرين بشكل عام والسوريين بشكل خاص وذهبوا وأدلوا بأصواتهم له على الرغم من أنه حزب ليس بقوة الأحزاب الأخرى ومن المؤكد أنه لن يحصل على أكثر من 3 كراسي ولكن كما يصف عمر أنه لا يمكنه القول والنشر بطريقة مباشرة بالذهاب والتصويت للحزب الفلاني ولكن عدد كبير من السوريين تفاجئ بشكل كبير ليلة إعلان النتائج بفوز خيرت فيلدرز خاصة و أنه لا يزال آلاف السوريين في المخيمات وهي أماكن انتظار إجراءات اللجوء منذ سنوات وينتظرون الحصول على الإقامة وآخرون ينتظرون الحصول على حقهم في لم شمل عوائلهم من دول مختلفة ويصف عمر أن الفترة القادمة لهولندا في حال فوز اليمين ستكون الأصعب للاجئين خاصة وأن خيرت فيلدرز توعد كثيراً بإيقاف اللجوء وإيقاف لم الشمل وفرض نوعين من الإقامات AوB والتي من شأنها تلعب دورا كبيرا في الحد من لم الشمل والإقامات الدائمة والتي كانت من مخطط مارك روته رئيس الوزراء الهولندي السابق عن حزبه VVD قبل سقوطه.

صعود اليمين المتطرف يثير القلق في هولندا.. كيف يواجه المسلمون مخاوفهم؟

مجموعة من المسلمين من جنسيات مختلفة خلال احتجاجات مساندة لغزة وسط مدينة أمستردام – (أخبار الآن)

ويقدّر عدد اللاجئين السوريين في هولندا بأكثر من 150 ألف لاجئ، حصل عدد كبير منهم على الجنسية الهولندية، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد استيفاء الشروط اللازمة، وأبرزها من تعلّم اللغة الهولندية وإقامتهم لمدة خمسة أعوام.

صعود اليمين المتطرف يثير القلق في هولندا.. كيف يواجه المسلمون مخاوفهم؟

مجموعة من المسلمين من جنسيات مختلفة خلال احتجاجات مساندة لغزة وسط مدينة أمستردام – (أخبار الآن)

وينهي عمر حديثه أنه كان هناك خلال الأيام الماضية وقوفاً من قبل المجتمع الهولندي مع المهاجرين ومظاهرات ضد خيرت فيلدرز وهذا يبين أنه ليس جميع الهولنديين راضيين عن خيرت فيلدرز وهم مع سياسته ضد اللجوء والإسلام بينما تظاهر حوالي ألف شخص في مدينة أوتريخت الهولندية احتجاجًا على الفوز المفاجئ لليمين المتطرف خيرت فيلدرز في الانتخابات، في مظاهرة نظمها أعضاء من الأحزاب اليسارية في المدينة، رفع المحتجون شعار “لستم وحدكم” للتضامن مع المهاجرين واللاجئين والمسلمين في البلاد.

وأكد المنظمون أن الهدف من الاحتجاج هو “الإظهار للهولنديين أننا لا نترك أحدًا في وضع حرج أبدًا ونناضل من أجل حقوق الجميع”.

انقسام هولندا انتخابات مثيرة وتوتر المجتمع

وفي حديث مع الصحفية الهولندية مادلين فان لونخويجسن والتي تعمل في قناة NPO الهولندية فقد قالت إن “الأمر كان مفاجئاً للجميع وهي ضد خيرت فيلدرز وحزبه وتصف أنه لا يزال من غير الواضح في حال سيصل للحكم أو لا كونه لا يزال هناك إمكانية في أن يفشل فيلدر بتأمين أغلبية من الأصوات اللازمة لتشكيل حكومة برئاسته، فهو يحتاج لتأمين 29-31 مقعدا إضافيا على الأقلّ عبر بناء تحالفات مع أحزاب أخرى ولا تزال”.

وكما تصف أنه لا يزال زعيم حزب مجلس الأمن القومي (NSC) بيتر أومتسيغت، يحتفظ بأوراقه بشأن الشروط التي يريد بموجبها التفاوض على حكومة جديدة مع أحزاب مثل حزب من أجل الحرية PVV وأضافت أن بيتر أومتسيغت عارض أجزاء من برنامج انتخابات حزب الحرية الذي يعتقد أنها مخالفة للدستور، وقبل الانتخابات أمور أخرى، إلى المساواة في المعاملة بين الناس، وحرية التعبير، والحق في الحياة الأسرية وأضفت مادلين أنه لا تزال هناك الخطوة الأهم في تاريخ هولندا والتي من خلالها سيتم تحديد هل سيكون فيلدرز رئيس وزراء هولندا المرتقب حيث ستكون أول جلسة بين الاحزاب الأولى وهي PVV وVVD وNSC وBBB التوصل إلى اتفاق معًا خلال أول مناقشة موضوعية ومن خلالها سيتم التوصل هل هناك توافق أو الطريق مسدود.

ويعتقد مُعظم المحللين أنه لا يمكن تشكيل الحكومة قبل السنة المقبلة.

وكان قد استغرق الأمر 271 يومًا لتشكيل حكومة مارك روته في الولاية السابقة.