في تطوّر لافت، يزور حاكم إقليم شينجيانغ إركين تونياز (Erkin Tuniyaz) ، الذي تمّ فرض عقوبات عليه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة في الأيّام القليلة المقبلة، تليها رحلات إلى دول أوروبية أخرى لمناقشة الوضع في الإقليم. ووفق صحيفة “لوموند” الفرنسية، فإنّ الوجهة التالية من المتوقع أن تكون باريس، ومن المقرر أيضاً أن يزور بروكسل في الفترة ما بين 19 و 21 فبراير. ولاحقاً أورد الخبير الدولي في شؤون الإيغور أدريان زانز (Adrian Zenz) أنّ حاكم شينجيانغ ألغى زيارته إلى كلّ من باريس وبروكسل، استناداً إلى مصادر فرنسية.

جدل وبلبلة حول زيارة حاكم شينجيانغ المرتقبة لبريطانيا

وقد أوردت وزارة الخارجية في رسالة إلى الناشطين عبر البريد الإلكتروني التالي: “يخطط حاكم شينجيانغ إركين تونياز لزيارة المملكة المتحدة الأسبوع المقبل. لقد اتفقنا على مقابلته على مستوى مسؤول رفيع المستوى، ونعتزم استغلال الفرصة للضغط من أجل تغيير نهج الصين وتقديم طلبات بشأن قضايا محددة، بما في ذلك الحالات الفردية”.

تلك المحاثات كشفت عنها وزارة الخارجية البريطانية، إذ أعلنت أنّها طلبت من حاكم شينجيانغ إجراء محادثات، ما أثار صدمة للنواب المعارضين، إذ أنّ البرلمان البريطاني كان صوّت قبل عامين لإعلان معاملة مسلمي الإيغور من قبل السلطات في الصين على أنّها إبادة جماعية، فيما كانت وزارة الخارجية البريطانية ترفض دائماً ذلك الوصف، قائلة إنّ المحكمة المناسبة فقط هي التي يمكن أن تحدّد ما إذا كان ذلك بمثابة إبادة جماعية.

وعبّر النواب البريطانيون المعارضون عن أسفهم الكبير لذلك التطوّر، معتبرين أنّه “من غير المفهوم كيف أنّ أيّ شخص داخل الحكومة قد يعتقد أنّه من المناسب مقابلة شخص لعب دوراً مركزياً في اضطهاد أقلية الإيغور، وهي جرائم أعلن برلماننا أنّها تكون إبادة جماعية”. ودعا النوّاب الحكومة البريطانية إلى إلغاء أيّ دعوة رسمية، والتقدّم باعتذار من الإيغور في المملكة المتحدة جرّاء ذلك الخطأ غير المفهوم والمؤلم في الحكم”.

وقد أوردت وزارة الخارجية البريطانية أنباء الاجتماع إلى الناشطين في محاولة لدرء الاحتجاجات، فيما من المحتمل أن تعتبر الصين الزيارة علامة على أنّ المملكة المتحدة تتطلع إلى تحسين العلاقات الثنائية.

وتقول وزارة الخارجية إنّ المشاركة والحوار مع القادة الصينيين أمر ضروري، وأوضح متحدث باسمها: “هناك سبب واحد فقط لمقابلة المسؤولين مع حاكم شينجيانغ، هو من أجل توضيح اشمئزاز المملكة المتحدة من معاملة الإيغور والقول إنّنا لن نتوانى عن فضح الفظائع التي يتعرض الإيغور”.

تجدر الإشارة إلى أنّه عام 2021، عندما تمّ فرض عقوبات على تونياز، قالت وزارة الخزانة الأمريكية إنّه “خلال فترة ولايته تمّ اعتقال أكثر من مليون من الإيغور وأعضاء الأقليات العرقية ذات الغالبية المسلمة في شينجيانغ”.

دعوة لاعتقال حاكم شينجيانغ

من جهته، دعا زعيم حزب المحافظين السابق، إيان دنكان سميث (Iain Duncan Smith) إلى اعتقال حاكم شينجيانغ إذا ما وصل إلى المملكة المتحدة، قائلاً: “أريد من وزارة الخارجية أن تقول لا، لن نراه عندما يأتي، وأودّ أن يعاقبوه”، فيما كان وجّه كلمات نابية وقاسية إلى وزارة الخارجية البريطانية مؤخراً على خلفية الزيارة المرتقبة. وتابع: “الحقيقة هي أنّ الزيارة ستكون بمثابة دعاية، وذلك ما يبحث عنه الصينيون. إنهم مشغولون باستخدام العمالة بالسخرة لتصنيع السلع التي نستخدمها في المملكة المتحدة. لديهم مليون شخص في معسكرات العمل القسري، وثمّة قصص اغتصاب موثقة بشكل واضح، وثمّة وتعقيم منهجي للنساء والأطفال الصغار الآن في معسكرات إعادة التأهيل”.

حاكم شينجيانغ الأكثر بطشاً بالإيغور في بريطانيا.. صدمة عارمة ودعوة لاعتقاله

زعيم حزب المحافظين السابق إيان دنكان سميث يدعو لاعتقال حاكم شينجيانغ إذا ما وصل إلى المملكة المتحدة

الجدل حول زيارة حاكم شينجيانغ إلى المملكة المتحدة أعاد إلى الأذهان الجدل الذي حصل إبّان زيارة المفوضة السابقة لحقوق الإنسان ميشيل باشليت إلى الصين في مايو الماضي، والتي كانت الأولى لمسؤول أممي رفيع المستوى منذ 17 عاماً، ودامت 6 أيام. وقد وجّهت لها انتقادات عارمة خصوصاً أنّها وُضعت في خانة تليمع صورة الصين في ظل ما يُحكى عن انتهاكات حقوق الإنسان في الإقيلم.

انتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ تشمل الاعتقالات التعسفية الجماعية والتعذيب والسخرة والعنف الجنسي والتعقيم القسري. وفي أغسطس 2022، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إنّ الانتهاكات في الإقليم “قد ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية”.

في مواجهة الزيارة رسالة من ناشط إيغوري للمجتمع الدولي

إذاً، تواصل السلطات الصينية مسار انتهاكات حقوق الإنسان بحقّ أقلية الإيغور والأقليات التركية الأخرى في إقليم شينجيانغ، فيما يواجه ذوو تلك الأقلية في الخارج خطر وصول السلطات الصينية إليهم، خصوصاً أنّ كثيراً منهم تلقوا تهديدات متكرّرة، بعضها وصل حدّ التهديد بالقتل والتنكيل بأسرهم التي تتواجد داخل الصين. أحد هؤلاء  أرسلان هيدايات (Arslan Hidayat)، الناشط الإيغوري الذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي وجّه صرخة للعالم عبر “أخبار الآن” توازياً مع تلك الزيارة، تحدّث فيها عن كيفية تأثير إبادة الإيغور مباشرةً عليه وعلى عائلته، فقال: “في صيف العام 2017، تمّ اعتقال والد زوجتي عبد الرشيد أكتي، وحكم عليه بالسجن لمدّة 16 عاماً و11 أشهر بجريمة الإخلال بالمنظومة الاجتماعية والاعداد لتنفيذ نشاطات إرهابية. كما حكم على زوجته، والمدعوة تاجي القادر، بالتهمة نفسها بالسجن 13 عاماً، وتلك الجريمة هي من الجرائم المعهودة التي تنسبها الصين للإيغور عادةً”. 

وأضاف: “شقيق زوجتي أماجين عبد الرشيد، حكم عليه العام 2016 بالسجن لمدّة 7 أعوام. وحكم أيضاً على شقيق زوجتي الثاني ممدلي عبد الرشيد، بالسجن 15 عاماً و11 شهراً بجريمة الإعداد لتنفيذ نشاطات إرهابية. إنّ هؤلاء جميعهم أبرياء، عائلتي بريئة، هم لم يرتكبوا أيّ جريمة وحتى يومنا هذا، لقد بذلنا قصارى جهدنا لنعرف مكان تواجدهم وحالتهم، وحتّى إن كانوا أحياء أم أموات، ولكن لم نصل لأي نتيجة”. 

حاكم شينجيانغ الأكثر بطشاً بالإيغور في بريطانيا.. صدمة عارمة ودعوة لاعتقاله

الناشط الإيغوري أرسلان هيدايات يحمل صورة والد زوجته الذي اعتقل عام 2017

وأرسلان هو واحد من ناشطين إيغور كثيرين يتواجدون في الخارج، أجرت معهم “أخبار الآن” لقاءات وثّقوا فيها عمليات الإضطهاد التي يتعرض لها ذووهم داخل الصين، فيما لا يعرفون حتّى الآن ايّ شيء عنهم.

واعتبر هيدايات في رسالته عبر “أخبار الآن“، أنّ ما يحصل اليوم هو غير طبيعي ولا يحصل في أي بلد آخر، وباتت معاناة الإيغور تفوق الاحتمال، قائلاً: “في العالم بأسره السجناء يملكون حقوقاً، يملكون أقلّه الحق في الاتصال بعائلاتهم. لقد تمكّنا من الكشف عن تلك المعلومات بفضل اتصال بالسفارة الصينية في أنقرة في تركيا على إثر اتصال أجرته شقيقة زوجتي المدعوة نولسيمان غول عبد الرشيد، واكتشفت على إثره تلك المعلومات. فإنّ الحكومة الصينية تسجن ملايين الأشخاص والأبرياء الذين يعملون لكسب رزقهم اليومي، ومع ذلك تعتبرهم إرهابيين”.

حاكم شينجيانغ الأكثر بطشاً بالإيغور في بريطانيا.. صدمة عارمة ودعوة لاعتقاله

“لا جواب حول مكان تواجد أفراد عائلتنا”

وشدّد هيدايات على مواصلة نضاله من أجل قضية الإيغور وفي مواجهة جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية بحقّ تلك الأقلية، فقال: “زوجتي وأنا وهبنا حياتنا لتسليط الضوء على إبادة الإيغور في كلّ أنحاء العالم، ونحن نعيش هنا في العاصمة واشنطن، لكن حتّى يومنا هذا نحن نجهل تماماً أين يتواجد أفراد عائلتنا. لقد حظيت قصتنا بتغطية واسعة في أبرز وسائل الإعلام العالمية، ومع ذلك لم نحصل على أيّ جواب حول مكان تواجد أفراد عائلتنا”.

وأردف: “نحن نطالب الحكومة الصينية والنظام الصيني بإطلاق سراح أفراد عائلتنا وبلمّ شمل العائلة، كما نطالب الحكومة الصينية بإطلاق سراح كل إيغوري سجين غير شرعي وتمّ توقيفه بشكل اعتباطي في معسكرات الاعتقال ومراكز العمل القسري والسجون ولن نوقف نضالنا قبل أن تتم تلبية طلباتنا”.

في التغريدة أدناه، يقود أرسلان مظاهرة أمام مبنى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك.

البرلمان الكندي يوافق على استقبال 10 آلاف لاجئ إيغوري

يذكر أنّ البرلمان الكندي كان وافق مؤخراً بالإجماع على اقتراح لاستقبال 10 آلاف من اللاجئين الإيغور الفارين من الصين والذين يواجهون ضغوطاً من بكين للعودة. ويقترح مشروع القانون الجديد، إعادة توطين الإيغور بدءاً من عام 2024. وجاء التصويت، بعد تنديد المشرعين الكنديين في فبراير 2021، بمعاملة بكين للإيغور وغيرهم من مسلمي إقليم شينجيانغ، شمال غرب البلاد، ووصفها بالإبادة الجماعية. التغريدة أدناه تظهر لحظة إعلان نتيجة  الاقتراح.

وتتهم جماعات حقوقية دولية ودول عديدة بكين بأنّها تحتجز في معسكرات شينجيانغ ما لا يقل عن مليون شخص، معظمهم من الإيغور، وبإجراء عمليات تعقيم وإجهاض قسراً، أو بفرض عمل قسري، وانتهاكات حقوقية أخرى، فيما تصرّ الصين على نفي تلك الاتهامات رغم كل الأدلة الدامغة على ارتكاب انتهاكات ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية. وفرّ عشرات الآلاف من سكان الإقليم، وفقاً لعضو البرلمان الكندي، سمير زبيري، الذي رعى الاقتراح، كاشفاً اعتقال ما لا يقل عن 1600 شخص في دول أخرى بأمر من الصين أو تمّ ترحيلهم قسراً.

شاهدوا أيضاً: ملفات شرطة شينجيانغ.. التسريب الكبير الذي فضح الصين وأحرج الأمم المتحدة