أرمينيا تتهم أذربيجان بارتكاب “جريمة حرب نابعة من الكراهية العرقية”، وذلك بعد ترويج فيديو من آخر موجة قتال دارت بين البلدين في إقليم ناغورني كاراباخ المتنازع عليه. يُوثّق الفيديو مقتل جنود أرمينيين أسرى بدمٍ بارد.

فيديو مروّع من آخر جولة قتال بين أرمينيا وأذربيجان

فقد انتشر في الأيّام القليلة الماضية، فيديو من الحدود الأرمينية – الأذربيجانية، يُظهر ما لا يقل عن 6 جنود أرمينيين عُزَّل من دون سلاح، يتمّ جرّهم على الأرض وأيديهم مرفوعة، وذلك وسط مجموعة من الجنود الأذربيجانيين المسلّحين بكامل عتادهم. بعد ذلك بدأ ما لا يقل عن 3 من الجنود الأذربيجانيين الذين يرتدون اللباس العسكري التابع  للقوات الخاصة الأذربيجانية، بإطلاق النار على المجموعة الأرمينية، وقد استمر إطلاق النار لأكثر من 20 ثانية.

تبلغ مدّة الفيديو 40 ثانية – تمتنع “أخبار الآن” عن نشره نظراً لقساوته – وقد انتشر بشكلٍ كبير في المجتمعين الأذربيجاني والأرميني وعلى مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم، بسبب قساوة مشاهد إطلاق النار على مسافة قريبة جدّاً، في حين تُسمع أصوات في الخلفية تطالب بوقف إطلاق النار.

وتعليقاً على ذلك  الفيديو الذي يوثَّق جريمة بشعة بحقّ جنود أسرى، أجرت “أخبار الآن” مقابلة خاصة مع المدافعة عن حقوق الإنسان في أرمينيا كريستين غريغوريان (Kristin Grigorian) المسؤولة الرسمية عن ملف حقوق الإنسان في أرمينيا. وقد شرحت غريغوريان المخاوف الأرمينية من تلك الجرائم التي تتكرر في كل جولة قتالية بين أرمينيا وأذربيجان في اقليم ناغورنوي كاراياخ المتنازع عليه، وفق ما قالت.

 

ماذا تقول أرمينيا عن فيديو قتل عدد من جنودها الأسرى على يد آخرين من أذربيجان؟

صورة من الواقعة قبل فتح النار، عدد من الأسرى الأرمينيين على اليسار ومقاتلان أذربيجانيان على اليمين

الصراع التاريخي بين أرمينيا وأذربيجان

يأتي انتشار ذلك الفيديو بعد أسابيع قليلة من جولة القتال الأخيرة التي حصلت بين أرمينيا وأذربيجان منتصف شهر سبتمبر المنصرم، وذلك على حدود إقليم ناغورني كاراباخ جنوب القوقاز المتنازع عليه بين يريفان وباكو منذ سقوط الإتحاد السوفياتي، إذ أنَّ ذلك الإقليم يضمّ تاريخياً أغلبية أرمينية لكنَّه كان جزءاً قانونياً من أذربيجان في ظلّ الحقبة السوفياتية.

وكانت بدأت الجولة الأخيرة من القتال على إقليم ناغورني كاراباخ في سبتمبر الماضي، والتي استمرت لأيّام قليلة بقصف مكثَّف بأسلحة من العيار الثقيل، شنّته أذربيجان على مواقع عسكرية أرمينية في بلدات حدودية مأهولة بالسكان.

وأعلنت يريفان أنَّ قوات باكو مدعومة بالمدفعية والطائرات المسيّرة، تريد التقدّم داخل الأراضي الأرمينية واستهدفت بنى تحتية عسكرية ومدنية”. أمّا في المقلب الآخر، فقد اتّهمت وزارة الدفاع الأذربيجانية القوّات الأرمينية بشنّ ما اعتبرته “أعمالاً تخريبيةً واسعة النطاق” قرب مقاطعات أذربيجانية حدودية. وأشارت إلى أنّ مواقع جيشها “تعرّضت للقصف بقذائف الهاون”. كما أضاف البيان أنَّ القصف الأرميني أسفر عن “خسائر في صفوف العسكريين من دون تحديد عددهم.

أرمينيا تتحرك

مكتب كريستين غريغوريان المُوكلة من قبل الحكومة الأرمينية توثيق الجرائم التي تُرتكب بحق الأرمينيين واتخاذ الاجراءات اللازمة في السياسة الداخلية وفي المحافل الدولية، حللت وفريق عملها فيديو الجريمة المنتشر لتحديد مكانه وزمانه وسياقه ومعرفة الخطوات اللازم اتباعها رسمياً. 

وفي الإطار، قالت غريغوريان لـ”أخبار الآن” إنَّ “الفيديو الذي نشرته مواقع التواصل الإجتماعي الأذربيجانية وتمّ الكشف عنه من خلال مراقبة وسائل الإعلام لدينا، يشرح العملية العسكرية التي قامت بها القوات الأذربيجانية ضدّ أرمينيا، والتي بدأت في 13 سبتمبر، إذ استولى الجيش الأذربيجاني على بعض المواقع التي كانت تشغلها القوات الأرمينية، والفيديو الذي تمّ تصويره من قبل القوات الخاصة الأذربيجانية أرادوا منه توثيق كيف استولوا على تلك المواقع”.

وأضافت: “يمكن أن نرى في الفيديو أنّ الجنود الأرمينيين غير مسلحون، ولم يقوموا بأيّ تصرف عدائي، هم من دون سلاح وراكعون ويُطلق النار عليهم من قبل القادة العسكريين الأذربيجانيين، ونحن رأينا الأرض التي وقعت فيها الحادثة لذا تمكّنا من تحديد الموقع، وقد حللنا أيضاً المحادثات والأسباب التي دفعت الجيش الأذربيجاني للقيام بذلك”.

وفي سياق متَّصل، وصفت غريغوريان الفيديو بجريمة حرب يجب المحاسبة عليها، إذ قالت: “من الواضح أن تلك كانت جريمة حرب وهذا إستناداً إلى الأفعال التي رأيناها، فالجنود الأرمينيون لم يكونوا مسلحين وكانوا راكعين، وكان يجب أن تطبق بحقهم بنود قانون حماية أسرى الحرب الذي أقرته معاهدات جنيف لكن القوات المسلحة الأذربيجانية لم تحترم هذا القانون”.

أرمينيا ضمَّت الحادثة إلى محكمة دولية خاصة لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، على الرغم من كون أذربيجان قد أعلنت فتح تحقيق حول جريمة الحرب تلك. وكشفت كريكوريان تفاصيل التوجه بالحادثة إلى المحاكم الدولية إذ قالت “لأرمينيا محكمتين دوليتين، إحداها محكمة حقوق الإنسان في ستراسبورغ التي تندرج تحت المعاهدة الدولية الأوروبية لحقوق الإنسان، وقد تم تقديم هذه الأدلة اليها، كما وطالبت الحكومة الأرمينية بإتخاذ إجراءات مؤقتة لحماية حياة من يمكن أن يتعرض للإعتقال بسبب هذه الحادثة، لأن الفيديو مقتطع، و لا يُظهر ما إذا تم قتل كل الجنود الأرمينيين أم ما زال بعضهم على قيد الحياة”.

وأضافت، “كما طلبنا من المحكمة أن تطالب السلطات الأذربيجانية تقديم إيضاحات بشأن الأشخاص المعنيين، والمحكمة الدولية الثانية التي توجه إليها الجانب الأرميني هي محكمة العدل الدولية وهي محكمة تحت وصاية الأمم المتحدة، كما تعلمون لقد فازت أرمينيا بالفعل بدعوى قدمتها في إطار القضاء على جميع أنواع التمييز العنصري، وكل هذه الفيديوهات والأدلة عبر السنين تُثبت أن هذا النوع من جرائم الحرب وجرائم الكراهية أساسها الكراهية الإثنية، ويتم الترويج لها ودعمها من قبل الحكومة الأذربيجانية، وهذا هو السببب الرئيسي لكل أعمال العنف والجرائم التي تحصل”.

ماذا تقول أرمينيا عن فيديو قتل عدد من جنودها الأسرى على يد آخرين من أذربيجان؟

ما خُفي أعظم

غريغوريان كشفت عن سياق الحادثة المنتشرة في الفيديو، وقالت لـ أخبار الآن “إستناداً الى تحليلاتنا للفيديو من حيث المحتوى والمحادثات والطقس والبزات وغيرها، إستناداً إلى كل هذه االمؤشرات التي قام مكتبنا بتقييمها وتحليلها وتجميعها، بالإضافة إلى أنه لدينا قاعدة بيانات واسعة للغاية من الفيديوهات والصور من الحرب التي حصلت في العام 2020، وقد قمنا بمقارنة هذه الفيديوهات وقد ساعدنا ذلك في تحديد الموقع وهو في الأراضي الأرمينية وهذه نقطة مهمة جداً، ووفقاً لتقديرنا فقد حصلت هذه الواقعة في 13 أو 14 سبتمبر خلال اليومين الأكثر عنفاً من الناحية العسكرية”.

في الختام، لخَّصت غريغوريان لـ”أخبار الآن” ما حصل في آخر جولة قتال بكون ما خُفي أعظم. وقالت أنَّ ثمَّة جرائم حرب أخرى ارتكبت بين 13 و14 سبتمبر، إذ أضافت، “إنَّ هذا الفيديو وغيره من الفيديوهات التي جمعناها كأدلة على الحادثة التي وقعت خلال سبتمبر أرفقناها في تقريرنا الذي قدمناه الى المحامي الخاص بالدفاع عن حقوق الإنسان، وسنشاركه مع المجتمع الدولي ومن بينها الهيئات المختصة بالدفاع عن حقوق الإنسان التي تعمل تحت وصاية الأمم المتحدة والمجلس الأوروبي وغيرها، سنشارك تقرير آرتساخ، ونحن لن نقدم هذا الفيديو فقط بل وقائع أخرى حول التعذيب والتحقير وتشويه الجنود الأرمينيين، وإستخدام العنف المفرط، فهناك فيديوهات تُظهر استخدام العنف والقيام بعمليات تشويه بحق ضباط من النساء في أرمينيا، وهذا كلَّه حصل في الفترة الممتدة بين 13 و15 سبتمبر 2022”.

تجدر الإشارة إلى أنَّ القضاء في أذربيجان أعلن على لسان المدعي العام للبلاد فتح تحقيق في تلك الحادثة لتحديد “ما إذا كانت صحيحة، ومن هم الجناة في حال تأكيد وقوعها” بحسب المدعي العام الذي أكّد بيانه أيضاً، أنَّ الاجراءات القانونية المطلوبة ستُتخذ في حال ثَبُتت الجريمة، لكنّ وزارة الخارجية الأذربيجانية رفضت في بيان لها إدانتها بتلك الحادثة، ووضعتها في إطار “النفاق الأرميني”.

شاهدوا أيضاً: النظام الإيراني دمَّر حياتي.. تعرّفوا على قصَّة بيجي كرامي التي قتلوا والدها وشقيقها