حقوقية عراقية: ارتفاع معدلات زواج القاصرات في العراق بشكل كبير

  • اليونيسيف: العراق ضمن اخطر عشر دول لعيش الاطفال في العالم
  • السلطات العراقية احتجزت العالم الماضي اكثر من ألف طفل
  • حقوقية عراقية: الجرائم بحق أطفال العراق تصل لمستوى جرائم ضد الانسانية خاصة

 

ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” في اخر تقرير لها ان العراق ضمن اخطر عشر دول لعيش الاطفال في العالم.

فيما ذكر تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش ان السلطات العراقية احتجزت العالم الماضي اكثر من ألف طفل بعضهم لم يتجاوز عمر التاسعة بتهم تتعلق بالامن القومي على حد قول التقرير، لا سيما الاشتباه في انتمائهم لتنظيم داعش.

حول موضوع حقوق الاطفال واوضاعهم في العراق اجرت أخبار الآن حوارا خاصا مع حنان عبد اللطيف المديرة الاقليمية لمركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الانسان- أوروبا

س- في البداية استاذة حنان.. كيف تقيمين حقوق الطفل في العراق ؟

حقوق الاطفال في العراق وما يواجهونه بعد عام 2003 يعد جرائم وانتهاكات يندى لها الجبين تصل لمستوى جرائم ضد الانسانية خاصة مع استمرار الحكومات المتعاقبة بانتهاج سياسة اللامبالاة والاهمال المتعمد في عدم القضاء على الجرائم المنظمة التي طالت الاطفال ومع تزايد شبكات خطف الاطفال لابتزاز اهاليهم او بيعهم او الاتجار في اعضائهم البشرية، نشر وبيع المخدرات بينهم والتي وصلت نسبة انتشارها في العراق الى 50% معظمهم من المراهقين القصّر وتزايد حالات الانتحار.

ومع اعلان الامم المتحدة ان نسبة الفقر في العراق تخطت 40% فلقد جذبت اسواق العمل اطفال العراق اليها إذ تقدر نسبة عمالة الاطفال حسب احصائية الامم المتحدة 10% وشملت اطفالا دون سن الخامسة بالاضافة الى ارتفاع معدلات زواج القاصرات فقد وصل سن الزواج في العراق مابين ١٠-١٢ عاما، هذا ناهيك عن عمليات تجنيد الاطفال من قبل ميليشيات الاحزاب المتنفذة والعصابات الارهابية وقد أدى النزوح المستمرالى تسرب اكثر من 1.2 مليون طفل في عمر الدراسة من الالتحاق بالمدارس وهذا يعود الى عدم توفير الحكومات ملاذات وممرات آمنة للاطفال واهاليهم اثناء تنفيذهم للعمليات العسكرية.

الضياع سيكون مصير الأجيال القادمة مع وجود حكومات طائفية عميلة فاسدة تؤجج الصراعات المذهبية والعرقية

حنان عبد اللطيف

س- صنفت منظمة اليونسيف العراق من اخطر عشر دول لعيش الاطفال.. ما هي الأسباب؟

انعدام الامن وتزايد العمليات الارهابية التي تنفذها الميليشيات المسلحة المتنفذة وعصابات داعش الارهابية والتي غالبا ما يكون ضحاياها من الاطفال ، اضافة لما ذكرت سابقا فمن الطبيعي ان تصنف اليونسيف العراق بلدا خطرا لعيش الاطفال.

ومجزرة “جبلة” التي ارتكبتها الاجهزة الامنية بحق عائلة آمنة وتسببت بمقتل 20 فردا من عائلة واحدة كان عدد الاطفال الضحايا فيها 15 طفلا خير شاهد على انتهاكات واهمال الحكومات العراقية والتضليل الاعلامي عندما روج الاعلام الحكومي قصصا مفبركة من ان العملية استهدفت ارهابيين خطرين.

حقوقية عراقية: تزايد عمليات الميليشيات الإرهابية تسبب بوفاة كثير من أطفال العراق

س- إذاً أستاذة حنان.. ما نوع البيئة التي يجب ان تخلق للطفل العراقي ؟

العراق وقع على اتفاقية حقوق الطفل عام 1994 وكان من الدول التي تبنت اهداف و خطط التنمية المستدامة للاتفاقية وباعتراف اليونسيف، إذ نصت الاتفاقية على عدة مواد من أهمها ضرورة توفير الرعاية النفسية والصحية والبدنية للطفل وإعداده إعدادا سليما ليكبر ويعيش حياة فردية في المجتمع وفق مفاهيم المثل العليا كالمساواة الحرية الإخاء التسامح الكرامة وحمايته في السلم والحرب ومن جميع انواع التمييز، وأن يسجل فور ولادته في السجلات الرسمية وله الحق في الحصول على الجنسية والاوراق الثبوتية وحفظ حقوقه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية و وفق هذه البنود يجب ان تكون البيئة التي يعيش فيها الطفل بشكل عام.

لكن إذا نظرنا الى واقع الطفل العراقي اليوم من بنود اتفاقية حماية الطفل الدولية نجد ان الحكومات العراقية لم تلتزم باي بند منها ، لغاية اليوم هناك اكثر من 150 الف طفل من الموصل والمحافظات الغربية لا يحملون الاوراق الثبوتية فالحكومة العراقية ترفض اعطائهم الاوراق الثبوتية بذرائع غير قانونية، ما تسبب في مشكلة اجتماعية خطيرة إذ حرموا من الالتحاق في المدارس و الحصول على المعونات لعدم امتلاكهم للاوراق الثبوتية.

س- أستاذة حنان منذ عام ٢٠٠٣ والحكومات المتعاقبة لم تشرع قانون يقر القواعد الاساسية الدولية لحقوق الطفل كيف سيكون مصير الاجيال القادمة ؟

من المؤكد ان الضياع سيكون مصير الاجيال القادمة مع وجود حكومات طائفية عميلة فاسدة تؤجج الصراعات المذهبية والعرقية وتزرع الفتنة والكراهية بين ابناء الشعب الواحد كي تبقى في السلطة تنشر الجهل والفقر والفساد، ولا تعمل بجدية للنهوض بواقع العائلة العراقية ورفع المستوى المعيشي لها لازاحة المسؤوليات عن كاهل الاطفال حتى يتمكنوا من الذهاب الى المدارس والقضاء على ظواهر بيع المخدرات ونشرها والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر. مستقبل مجهول ينتظرهم اذا استمر فساد هذه الحكومات.

س- كحقوقية.. ماهي الإجراءات المهمة التي يجب أن تتخذها المنظمات الدولية تجاه ما يحدث للاطفال المحتجزين في السجون ؟

وفقاً للتقارير التي ترد مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الانسان فإن جميع الاعتقالات التي طالت الاطفال المحتجزين كانت غير قانونية تعسفية ولاسباب طائفية وهذا ما اكدته تقارير المنظمات الحقوقية الدولية ايضا من ان الحكومات العراقية تحتجز اطفالاً لم يتجاوز اعمار البعض منهم تسع سنوات بشبهة الانتماء الى تنظيم داعش الارهابي متناسية انهم من العوائل الفقيرة التي لم تستطع الفرار الى اقليم كردستان او تركيا وبقيت ترزح تحت الاحتلال الداعشي وتعرض هؤلاء الاطفال الى الضرب والتعذيب والترهيب واجبارهم على الاعتراف بأمور لم يرتكبوها و تعرضوا للاغتصاب من قبل العناصر الامنية وحُرموا من لقاء اهاليهم اضافة الى ذلك لم توفر الدولة الخدمات القانونية لهم وهناك مئات الاطفال بقوا سنوات محتجزين دون عرضهم على القاضي واهاليهم لا يعرفون اماكن احتجازهم ، وقد احتجز بعضهم في سجون البالغين مع المجرمين، ما عرضهم الى الاغتصاب والتحرش.

لذلك نكرر مناشداتنا في جميع تقاريرنا التي نقدمها الى مجلس حقوق الانسان والرسائل التي نبعثها الى هيومن رايتس ووتش و”أمنستي” بالضغط على الحكومات العراقية والزامها تنفيذ بنود اتفاقية حقوق الطفل من توفيرالحماية والعدالة واطلاق سراحهم وعدم الزج بهم في حروب الكبار والاحزاب والعمل على تأهيلهم و توفير العلاج النفسي ومن ثم إدماجهم في المجتمع.

حقوقية عراقية: تزايد عمليات الميليشيات الإرهابية تسبب بوفاة كثير من أطفال العراق

س- قانونياً كيف يجب التعامل مع اطفال الدواعش الموجودين حاليا في مخيمات النزوح ؟

لنتفق اولا على رفض مسمى اطفال الدواعش الذي يعرض الاطفال الى التمييز وهو وصف جائر اطلقته الحكومات العراقية المتعاقبة على اطفال اهالي الموصل والمحافظات الغربية واتهمت اهاليهم بالارهاب و لليوم ترفض جميع الحكومات فتح التحقيق في اسباب سقوط الموصل واحتلال تنظيم داعش الارهابي للموصل ومحافظات الغربية بالتزامن مع ارتفاع حدة التظاهرات التي طالبت برحيل المالكي ونددت بالظلم والفساد والهيمنة الإيرانية.

في العراق لا يوجد اطفال لمقاتلي تنظيم داعش الاجانب فلقد تم ترحيلهم الى دولهم ، وساكنو مخيمات النزوح في العراق هم السكان المحليون للمحافظات الغربية والموصل الفارون من مناطقهم بعد تعرضهم للعمليات العسكرية وهجوم التنظيم الارهابي او من المهجرين قسراً ، هؤلاء الاطفال (الاطفال النازحون) يجب اعادتهم مع اهاليهم الى مناطقهم و توفير البيئة الآمنة من خلال نزع الالغام المزروعة والبنى التحتية والخدمات ، اصدار الاوراق الثبوتية لهم فهؤلاء من ابوين عراقيين وليس لهم ذنب بولادتهم في زمن احتلال داعش لمناطقهم ، توفير الرعاية الصحية والنفسية والتعليمية لهم ما يسرّع في عمليات ادماجهم في المجتمع.

س- الاطفال الذين لا يملكون شهادات ولادة او اي اوراق ثبوتية لانهم من دواعش قتلوا او من السبايا وغير كيف يجب التعامل معهم ؟

هؤلاء الاطفال لا يملكون الوثائق الثبوتية بسبب رفض الحكومات العراقية الاعتراف بهم لانهم وُلدوا فترة الاحتلال الداعشي لمحافظاتهم بالرغم انهم من ابوين عراقيين و تقارير المنظمات الدولية في 2017 اكدت وجود اكثر من 150 الف طفل عراقي في مخيمات النزوح بين عمر السنتين الى 6 سنوات لا يملكون الوثائق الثبوتية مع اصرار الحكومات العراقية على معاقبة الاطفال لذنب لم يرتكبوه بل ارتكبه اباء البعض منهم اثناء القتال مع تنظيم داعش الارهابي ، فهؤلاء الاطفال يعيشون مع اجدادهم واعمامهم واخوالهم فهم معروفون اما مفردة السبايا التي أستنكرها وأرفضها فهم ابناء الإيزيديات اللواتي تم خطفهن وسبيهن فهن مواطنات عراقيات و قانون الجنسية العراقي الصادر بعد 2003 سمح للأم العراقية نقل جنسيتها ، وتأهيلهم نفسياً و صحياً وعقلياً وتوفير الفرص التعليمية لهم وتدريبهم ليندمجوا في المجتمع العراقي.

س- هل يكفي قانون إقرار حماية الطفل للحد من العنف ؟ نشاهد يومياً فيديوهات على مواقع التواصل لتعذيب اطفال على ايدي ذويهم لاسباب تافهة

بالتأكيد لا يكفي ، في العادة عند تشريع القانون توضع الآليات والاجراءات الصحيحة المشددة التي تعمل على حماية القانون وتضمن تطبيقه من قبل السلطة التنفيذية لكن للاسف ما نراه اليوم ان عناصر السلطة التنفيذية هم من ينتهكون القوانين والتشريعات اما بسبب عملهم في مؤسسات امنية اوالميليشيات الحزبية المتنفذة وسلطتهم اعلى من سلطة الدولة والقانون/ كما أن انتشار الفساد والمحاصصة أضعف دور المؤسسة القضائية في العراق، إضافة إلى مساهمة انتشار الجهل والفقر والمخدرات في تزايد ظاهرة تعذيب الاطفال امام الأداء الضعيف لمنظمات المجتمع المدني في توعية الشعب بسبب التهديدات.