الأزمة السياسية تخيّم على المشهد في تونس، لكن على الرغم من ذلك، يبقى الوضع الإقتصادي المتردّي الشاغل الأوّل للشارع في تونس، لا سيما مع تفاقم الأزمة الإقتصادية والمعيشية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، ويصف الخبراءُ الإقتصاديون الوضع في تونس بالحرج للغاية.

  • إغراق السوق التونسية بالبضائع الصينية بمختلف القطاعات يشكل ضربة قاسية للإقتصاد التونسي
  • الشكندالي: هدف الصين الإستراتيجي لبناء مستشفى عسكري بصفاقس التدخل بجزء من القرار العسكري
  • حجم الواردات الصينية إلى السوق التونسية بلغ 2 ملبار دولار لكن الأرقام تفوق ذلك بكثير 
  • ميناء بنزرت في تونس هو من الممرات البحرية الإستراتيجية التي تضع الصين عينها عليها
  • الشكندالي: لا يمكن تمويل ميزانية العام القادم من دون اللجوء إلى صندوق النقد الدولي

وتكشف الإحصائيات الرسمية في تونس عن مؤشرات سلبية في الإقتصاد المحلي التونسي، حيث ارتفعت نسبة التضخم إلى 5.7 % خلال حزيران العام 2021، فيما تعاني نسبة النمو ضعفاً منذ العام 2013، ويصل حجم الدين إلى 100 % من الناتج المحلي الإجمالي.

وسط كلّ ذلك، حالة الإضطراب والفوضى ما زالت مستمرة، خصوصاً مع التطورات السياسية الأخيرة، فيما يعوّل التونسيون على دور الرئيس التونسي قيس سعيّد وخطواته، وكذلك على الحكومة الجديدة، لإنقاذ البلاد من السقوط في الهاوية.

فهل يدفع الإقتصاد التونسي فاتورة عدم الاستقرار السياسي والأزمة الصحية، وهل يدفع فاتورة سوء الآداء السياسي؟ وهل يدفع الشباب التونسي فاتورة عدم مراقبة التمدّد الصيني العشوائي في السوق التونسية؟ ما هو المقابل للمساعدات الصينية إلى تونس وماذا في العقود؟ وما هو حجم الضرر الذي يتأتى جرّاء الغزو الصيني للسوق التونسية؟

وأوضح الخبر الإقتصادي وأستاذ الإقتصاد في جامعة تونس رضا الشكندالي، في حديث لـ”أخبار الآن“، أنّ أزمة كوفيد أثرت جدّاً على النمو الإقتصادي الذي تراجع بنحو 9.9 %، وقد تواصلت التداعيات، وعلاوةً على ذلك ثمّة الأزمة السياسية في البلاد. واشار إلى أنّ نسب تالطالية في تونس ارتفعت إلى نحو 18 %، فيما بلغت في صفوف الشباب 41 %، وهو ما أثّر على رغبة الشباب في اللجوء إلى الهجرة أو الإقتصاد الموازي، فيما يشهد الإقتصاد المنظم تعقيدات كبيرة. وكشف أنّ الشهر الماضي شهد تضخماً مالياً عالياً، وقد بلغ حد 6.2 %، وطال ذلك المواد الغذائية الأساسية.

وعن الحلول الممكنة، قال الشكندالي إنّ الحلول على المدى القصير يمكن تلخيصها برفع الرئيس التونسي قيس سعيد الفترة الإستثنائية وأن يعلن خارطة طريق، وإيجاد التمويل اللازم لسد الثغرة المالية، قائلاً: لا يمكن الإعداد لميزانية العام القادم للدولة من دون اللجوء إلى صندوق النقدد الدولي.

تونس.. خلف "هبات" الصين أهداف استراتيجية تصل حدّ القرار السيادي للدولة

من التحركات الأخيرة جراء تدهور الوضع الإقتصادي في تونس

واعتبر الشكندالي في حديثه لـ”أخبار الآن“، أن إغراق السوق التونسية بالبضائع الصينية في مختلف المجالات، يشكل ضربة قوية للسوق التونسية والقطاعات التونسية المنتجة، موضحاً أنّ حجم الواردات للبضائع الصينية بلغ 2 مليار دولار، وقد شملت سلعاً إستهلاكية. وقال إنّ تلك الأرقام لا تعبر عن حجم الواردات الصينية الفعلي، بسبب وجود معابر غير شرعية تدخل من خلالها إلى السوق التونسية.

ميناء بنزرت

من المعلوم أنّ الصين تقوم ببناء ممر بحري يبدأ من المتوسط، وصولاً إلى ميناء بنزرت في تونس، حيث يعتبر هذا الميناء البحري من الممرات الإستراتيجية بالنسبة للصين التي تريد من خلالها الوصول إلى أوروبا وكذلك الدول الأفريقية، وفق ما قال الشكندالي لـ “أخبار الآن“. ويعتبر ميناء بنزرت القديم في تونس مهماً نظراً لموقعه الإستراتيجي، وقد أصبح محور صراع جديد للعبة الدولية الكبرى، فرنسا والولايات المتحدة ومؤخراً الصين التي تحاول الدخول على الخط بقوة.

وأشار إلى أن لا علاقة ظاهرة أو كبيرة بين الإسلام السياسي في تونس، أي النهضة، وتسهيل غزو الصين التجاري للسوق التونسية، إذ أنّ تلك العقلية في هذا الإطار غير متجلية بقدر ما هي واضحة في الشق المتعلق الجانب التركي في تونس.

ما الهدف من وراء بناء الصين لمستشفى عسكري في تونس

الصين قامت مؤخراً ببناء مستشفى عسكري بمدينة صفاقس في تونس، قال الشكندالي إنه هبة مقدمة من الحكومة الصينية، لكنّه كشف أنّ الهدف الإستراتيجي لبناء ذلك المستشفى هو التدخل بجزء من القرار العسكري التونسي في وقت لاحقاً.

في المحصلة، فإنّ الإقتصاد التونسي على وشك الإنهيار، وللعجز التجاري الكبير مع الصين دور رئيسي في ذلك. وفي ظل ذلك، يحتاج التونسيون إلى أسواق محلية ودولية لصناعتهم ووظائف للشباب، فيما الممارسات التجارية الصينية محبطة للشباب والقطاعات الإقتصادية التونسية.